الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بيلوسي في تايوان.. القصة الكاملة وراء زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي للجزيرة

نانسي بيلوسي في تايوان
نانسي بيلوسي في تايوان

تتصاعد التوترات والصراعات بين الولايات المتحدة والصين منذ سنوات، ولكنها الآن في أشد ذروتها خاصة منذ مجيء الرئيس الأمريكي جو بايدن ومن قبلة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، وفي بادئ الأمر كانت الخلافات اقتصادية نظرا لتنامي الاقتصاد الصيني في وجهه الاقتصاد الأمريكي.

ولكن تحول الصراع بين الدولتين إلى صراع سياسي عنيف خلال السنوات القليلة الماضية، وخاصة منذ تفشي فيروس كورونا في الصين واتهام الولايات المتحدة الصين بتخليق الفيروس ونشرة في العالم.

الصراع الأمريكي الصيني على تايوان

ولم يلبس الصراع إلى أن تحول إلى سباق تسليحي بين بكين وواشنطن، فالصين تسارع الوقت للحصول على أسلحة تكنولوجية متقدمة وأسلحة قوية للوقوف في وجهه التقدم العسكري الأمريكي، ففي وقت قصير أصبحت الصين قوة عسكرية لا يستهان بها، وزادت من قوتها بالتعاون مع روسيا عسكريا بشكل كبير.

وبلغ الصراع أقصاه منذ إعلان رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي عزمها زيارة جزيرة تايوان المتنازل عليها مع الصين، حيث تريد تايوان الاستقلال عن الصين والتمتع بحكم ذاتي منفرد بعيدا عن بكيين وتدعمها في ذلك القرار الولايات المتحدة، وليس ذلك فقط بل تقوم واشنطن ببيع الأسلحة والمعدات العسكرية لتايوان للدفاع عن نفسها في وجهه الجيش الصيني وتدعمها سياسيا بشكل كبير لنيل استقلالها.

الرد الصيني على استقلال تايوان

وعلى الجانب الآخر، تقول الصين أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية ولن يتم التفريض به، ولن تسمح بكين بانتزاع تايوان من أحقيتها وأراضيها، الأمر الذي يزيد الصراع والتوتر بين البلدين.

ومنذ إعلان نانسي بيلوسي زيارة جزيرة تايوان لم تهدأ الأوضاع بين الصين والولايات المتحدة، فقد تفاقم الصراع بين الدولتين الأكبر في العالم حتي وصل إلى التهديد العسكري المباشر والتلويح بحرب عسكرية.

موافقة أمريكية على زيارة بيلوسي

وبالرغم من الأزمة التي خلقتها زيارة بيلوسي إلى تايوان منذ الإعلان عنها حتي وصولها اليوم إلى العاصمة التايوانية تايبيه، رأى بعض الجمهوريين والديمقراطيين أن الزيارة ضرورية، ويصرون على أن الصين لا تستطيع أن تملي أين يجب أن يذهب السياسيون الأميركيون، وفق تحليل نشره موقع "بوليتكو".

وفي هذا الإطار، قال مساعد وزير الدفاع لشؤون المحيطين الهندي والهادئ، إيلي راتنر إن هناك "زيادة حادة في عدائية سفن وطائرات الجيش الصيني"، مضيفا: الصين "تختبر حدود" عزيمة أميركا.

كذلك أشار التقرير إلى أن الجدل الذي تمحور حول زيارة بيلوسي يأتي بعد أن قال المشرعون إن الولايات المتحدة يجب أن تنهي سياسة "الغموض الاستراتيجي".

الدفاع الأمريكي عن تايوان

من جهته، أصر مستشار الأمن القومي جايك سوليفان أمام حشد من منتدى آسبن للأمن، على أن السياسة تجاه تايوان لم تتغير.

وأضاف أن الولايات المتحدة ستزود الجزيرة بالأسلحة التي تحتاجها للدفاع عن نفسها من الصين، وليس بالضرورة الأسلحة التي اعتادت الحصول عليها في السنوات الماضية.

الدعم الأمريكي لاستقلال تايوان

ومن جانبه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، إن الزيارة التي تعتزم القيام بها رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان "ليست فكرة جيدة" بنظر الجيش الأميركي.

وقال بايدن إن الجيش الأميركي يعتقد أنها ليست فكرة جيدة، لكنّي لا أعرف أين نحن، وفقا لفرانس برس.

وبصفتها رئيسة لمجلس النواب، فإنّ بيلوسي تُعتبر من أركان الدولة الأساسيين في الولايات المتحدة، وبالتالي فإنّ أيّ زيارة لها إلى تايوان ستثير حتماً غضب الصين.

ومع أن نانسي بيلوسي لا تتولى أي منصب في السلطة التنفيذية، إلا أنها ستصبح في تلك الحالة أكبر شخصية في المؤسسة أميركية تزور رسمياً الجزيرة منذ 25 عاما.

وفي وقت سابق رفضت بلوسي تأكيد أو نفي ما إذا كانت ستسافر إلى الجزيرة أم لا، مشدّدة في الوقت عينه على أنّه من المهم لنا أن نظهر دعماً لتايوان.

ومن الجدير بالذكر أن عددا من الوفود الأميركية قاموا بزيارة تايوان مؤخراً.

وصول نانسي بيلوسي لتايوان

وبعد كل هذه الصراعات، وصلت رئيسة مجلس النواب الأمريكي لتايوان بالرغم من التحذيرات الصينية من الزيارة والتصعيد بين البلدين.

وردا على الزيارة وعملا بالتهديدات والتحذيرات الصينية، أعلن الجيش الصيني بشن عمليات عسكرية على تايوان ردا على على زيارة بيلوسي، والقيام بتدريبات بحرية وجوية بالذخيرة الحية بالقرب من تايوان.

ومن وجهة النظر الصينية، تري بيكين أن زيارة بيلوسي إلى تايوان تحمل اعترافًا ضمنيًا من أميركا باستقلالية تايوان، والتي تعتبرها الصين جزءًا أساسيًا من أرضها.

تصريحات بيلوسي في تايوان

وفي أول تصريح لها من تايوان، تعهّدت بيلوسي بدعم واشنطن لـ تايبيه، قائلةً: "مباحثاتنا مع المسؤولين في تايوان ستشمل الدعم الأميركي لهم".

وأكدت أن زيارتها إلى تايوان لا تتعارض مع سياسة الولايات المتحدة، مضيفةً: "دعمنا لشعب تايوان أكبر من أي وقت مضى".

إدانة الصين زيارة بيلوسي

أدانت وزارة الخارجية الصينية، ما وصفته بالخيانة الأمريكية المتعمدة لمبدأ "الصين واحدة"، بعد هبوط طائرة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي في تايوان.

وقالت الخارجية الصينية في بيان، إن الأمريكيين يلعبون بالنار في قضية تايوان، لافتة: "لن نرضخ أبدا لمثل هذه التحركات الأمريكية".

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة باتت أكبر تهديد للسلام في العالم، والنهاية لن تكون جيدة للأمريكيين.

تصريحات السفير الصيني بالقاهرة

وردا على الزيارة، قال المتحدث باسم السفارة الصينية في القاهرة، إن بلاده أعربت في أكثر من مناسبة المشاغل الجادة والموقف الصارم الرافض لزيارة رئيس مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان أمام الجانب الأمريكي والمجتمع الدولي.

وأضاف تعد بيلوسي المسؤولة الرئيسية لمجلس النواب الأمريكي، والشخصية الثانية في تسلسل التداول الرئاسي في الولايات المتحدة، وستشكل زيارتها لتايوان "استفزازا خطيرا" للغاية، ورسالة خاطئة جدا للقوى الانفصالية الساعية لما يزعم استقلال تايوان، ومخالفة خطيرة لمبدأ الصين الواحدة، وانتهاكا شديدا لسيادة الصين وسلامة أراضيها، وزعزعة شديدة للسلام والاستقرار في مياه مضيق تايوان، وضررا بالغا للعلاقات الصينية الأمريكية، وستؤدي إلى وقائع وعواقب وخيمة جدا، مهما كانت حجج وتوقيت الزيارة.

وأشار إلى أن هناك صين واحدة فقط في العالم، وتايوان جزء لا يتجزأ عن الصين، ويعد الالتزام بمبدأ الصين الواحدة من القواعد الأساسية للعلاقات الدولية، والتوافق الشامل لدى المجتمع الدولي، ويعتبر الشرط المسبق والمرجعية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة وتطويرها.

سيطرة الطابع العسكري على الأمور

وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان بالرغم من التحذيرات الصينية، هي زيارة هامة خاصة أنها اتخذت الطابع العسكري، وكان في استقبالها وزير الخارجية التايواني جوزيف واو.

وأضاف فهمي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن تصريحات نانسي بيلوسي تشير إلى الموقف الأمريكي المباشر بالنسبة لتايوان والدعم الأمريكي لها، كما أكدت على أن الزيارة لا تتعارض مع السياسة الأمريكية تجاه تايوان.

وأشار إلى أن المشهد السياسي سيتجه إلى مزيد من الصدامات بين تايوان والصين والولايات المتحدة والصين، خاصة أن تايوان واجهت خيارات عسكرية سابقة بالتالي لديها الخبرة العسكرية اللازمة، لافتا إلى أن الصين نشرت صواريخ لها اعتراضا وتحذيرا من هذه الزيارة.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن الهدف من زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي لتايوان، أن هناك قلق من جانب الدول الأوروبية بسبب مخاطر التصعيد العسكري بين الولايات المتحدة والصين، لافتا إلى أن الأوروبيين يعتبرون أن أي نزاع عسكري بين واشنطن وبكين نزاع خارج عن السيطرة.

تخوفات أمريكي من تحرك صيني عسكري

وأضاف فهمي أن الأزمة الحالية تحتاج إلى مراجعة ومواقف، خاصة أن الصين خرجت بتصريح تقوله فيه ان الولايات المتحدة يتدفع الثمن وستتخذ الصين كل الإجراءات للحفاظ على مصالحها، بالتالي كل الخيارات متوقعة وكل السيناريوهات قائمة.

وأشار إلى أن الزيارة سيكون لها تبعات خطيرة خاصة أنها تعتبر بداية الأزمة وليس نهايتها، لأن هناك أنشطة عسكرية كبيرة في هذه المنطقة، وهناك أيضا تصعيد أمريكي كبير خاصة بعد تصريحات مجلس الأمن الأمريكي الذي قال أن زيارة تايوان وهو قرار نانسي بيلوسي في النهاية.

ولفت فهمي أن أعضاء من الكونجرس قاموا بزيارة تايوان بشكل دوري على مدي السنوات الماضية، ولكن هذه الزيارة سيكون لها تداعيات خطيرة، مضيفا أن مسؤولي الإدارة الأمريكية لديهم قلق من أن تستغل بكين الزيارة لاتخاذ خطوات استفزازية وانتقامية للقيام أعمال عسكرية في مضيق تايوان أو حول الجيزة نفسها.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن السيناريوهات العسكرية في هذه الأوضاع تستبق أي سيناريوهات عسكرية في هذا التوقيت.