الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى وفاته.. حكاية الفتاة التي أحبها محمود درويش

الشاعر محمود درويش
الشاعر محمود درويش

التقى الشاعر محمود درويش الذي تحل اليوم ذكرى وفاته، بالفنان الكبير فاروق حسني  الذي كان يعمل ملحق ثقافي في باريس، قبل توليه منصب وزير الثقافة بسنوات، وسارت بينهما صداقة طويلة حتى رحيل درويش، وكثرت بينهما الحكايات والذكريات، التي من بينها قصة الفتاة الجميلة التي أحبها فاروق، ودوريش وفاز بها الثاني حينما أقنعها بالزواج منه.

تلك الحكاية التي قصها الشاعر محمود درويش لعدد من أصدقائه من بينهم أحمد الشهاوي في الجلسات والسهرات الكثيرة التي جمعته بدرويش، باح له الشاعر الكبير باعترافات جسورة، كان محمود درويش يعرف أن الشهاوى يدونها، وأنه سينشرها يوما.


فى زياراته للقاهرة كان محمود درويش يصر على أن يلتقى برجلين يشعر تجاههما تحديدا بامتنان خاص، ومهما كانت مشاغله لا بد أن يتناول الغداء على مائدة هيكل ويقوم بزيارة لبيت رجاء النقاش، وفى واحدة من تلك الزيارات اتفق معه أحمد الشهاوى أن يدعوه للعشاء، وقبل الموعد المحدد فوجئ بدرويش يعتذر ويؤجل الموعد لارتباطه بعشاء طارئ، سأله الشهاوى بفضول ومداعبة: مين ده اللي أهم منى رحت تتعشى معاه؟.. وأمام إلحاحه أجابه درويش همسًا في التليفون: أنا عند فاروق حسنى.
ولم يملك الشهاوى نفسه وصاح فيه: رايح لفاروق حسنى برجلك.. مش خايف يقتلك؟.. ولم يملك محمود درويش نفسه فانفجر في نوبة من الضحك.


كان الشهاوى يسأله جادا، بحكم ما يعرفه وسبق أن حكاه له درويش بنفسه، وكان يقصد بالطبع حكاية قديمة، لكن لا يمكن أن يكون فاروق حسنى قد نساها أو غفرها له.. وكيف ينسى أن محمود درويش خطف منه حبيبته؟.


في سنة ١٩٨٣ التقى محمود درويش صدفة بفتاة ساحرة في بيت صديقة مشتركة، وطوال السهرة لم يرفع عينيه عنها، وكان شغوفا بأن يتعرف عليها، ولجأ إلى حيلة ساذجة بأن طلب من الصديقة المشتركة أن تقبل عزومته هي وكل من كان في بيتها، فجاءوا جميعا ما عدا تلك التي خطفت قلبه، وبعد سنة وجدها أمامه بالصدفة وفى نفس المكان فقرر ألا يتركها بل قرر، وهو العاشق للحرية، أن يضع حريته مهرا لها وتزوجها عام ١٩٨٤.


كانت تلك الساحرة الصغيرة هي حياة عصام الحينى، وكانت قد تخرجت في مدارس الليسيه ثم فى جامعة عين شمس، وكان أستاذها هو الناقد الكبير د. محمد عبدالمطلب "أحد المصادر التى اعتمد عليها الشهاوى فى تلك القصة إلى جانب درويش بالطبع"، وكان والدها عصام الحينى هو وكيل أول وزارة الثقافة وصاحب نفوذ قوى، وربما كان ذلك سببا قويا في سعى الفنان الشاب فاروق حسنى لأن يتقرب منه وأن يخطط في الزواج من ابنته.


حاول فاروق حسنى أن يميل قلب حياة، لكن قلب الجميلة كان قد مال بالفعل إلى ذلك الشاعر النحيف الوسيم، الذى يقول شعرا يدير الرءوس، ووافقت بلا تردد على الزواج منه، أحبته حياة بصدق وأحبها درويش وكتب فيها قصيدته: يطير الحمام يحط الحمام أعد لى الأرض كى أستريح فإنى أحبك حتى التعب صباحك فاكهة للأغانى وهذا المساء ذهب.


ولكن درويش "الملول الأكبر" لم يتحمل الحب والارتباط والاستقرار كثيرا، فقرر أن يطلق حبيبته، وكان فى باريس عندما "طقت فى دماغه" فكرة الطلاق، وكان لا بد من شاهدين لإتمام الطلاق، ولم يجد إلا صديقه على الشوباشى، وظلا يبحثان عن الشاهد الثانى فلم يجدا إلا شريف الشوباشى، مدير مكتب الأهرام فى باريس، وفى بيت السفير المصري بباريس جرت مراسم الطلاق.


وكتب درويش بعدها: "انفصلنا بسلام، ولم أتزوج مرة ثالثة (كان درويش قد تزوج قبلها فى العام ١٩٧٧ من رنا قبانى، ابنة شقيق نزار قبانى، واستمر الزواج نحو ثلاث سنوات فقط) ولن أتزوج، إننى مدمن على الوحدة، ولم أشأ أبدا أن يكون لى أولاد، قد أكون خائفا من المسئولية.. الشعر محور حياتى، ما يساعد شعرى أفعله، وما يضره أتجنبه".


واعترف درويش لأحمد الشهاوى بأنه ندم كثيرا على طلاقه من "حياة الحينى".. ولا يعرف لماذا طلق تلك التى اعترف لها علانية: أحبك حتى التعب، لكن الشهاوى يمتلك الإجابة: محمود درويش لم يكن قادرا على أن يحتمل سوى شخص واحد اسمه محمود درويش، لم يكن مستعدا ولا معتادا أن يشاركه شخص آخر الفراش والهواء والمعيشة.. ولذلك لم يحتمل فكرة الزواج.. فكرة أن تكون فى حياته امرأة هو مسئول عنها كل الوقت.