الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تركيا تتقرب للعام العربي.. ماذا تريد أنقرة من التقارب مع سوريا؟|خبراء يجيبون

وزير الخارجية التركي
وزير الخارجية التركي

يوماً بعد يوم تتجه تركيا إلى التقارب مع الدول العربية، وتغيير سياستها تجاه عدد من البلدان في المنطقة، بعد موقفها المعادي إبان  أحداث الربيع العربي في 2011، بما فيهم مصر، لبيبا، سوريا، فسعت الإدارة التركية إلى تقارب وعقد مصالحات مع الدول العربية التي توترت العلاقات بينها وبينهم. 

وكشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الخميس الماضي، عن أنه أجرى محادثة قصيرة مع نظيره السوري فيصل المقداد، على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز في العاصمة الصربية بلجراد، خلال شهر أكتوبر2021، ويعد الإفصاح عن اللقاء الذي جرى، خطاً جديداً  للسياسة التركية تجاه الجارة العربية سوريا. 

وعلى ضوء تلك التصريحات خرجت مظاهرات رافضه من المعارضين السوريين، رافعين شعار لا تصالح ولن يحكمنا بشار، في حين ربط آخرون بين تصريحات وزير الخارجية التركي والقمة الثلاثية التي جمعت، الشهر الماضي، رؤساء كل من إيران وتركيا وروسيا في طهران.

وقد أعقبت تلك القمة زيارة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى أنقرة ودمشق، وفي هذا الصدد ناقش "صدى البلد" أبعاد تراجع الموقف التركي مع عدد من الخبراء والمحللين السياسيين.

إعادة العلاقات التركية السورية

في البداية، أكد الدكتور بشير عبد الفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والمتخصص في الشؤون التركية، أن أنقرة بدأت في إعادة العلاقات مع النظام السوري على المستوى الأمني ثم السياسي وصولاً  إلى تفاهمات أكثر برعاية روسية.

وأشار عبد الفتاح في تصريحات لـ "صدى البلد" أنه في حال استمرار التقارب سيكون هناك لقاء قريب على مستوى الرؤساء، تطرح به كافة الخلافات المشتركة، ولكن ليس في وقت قريب.

وأوضح أن تصريح وزير الخارجية التركي حول  عقد مباحثات مع نظيرة التركي  ليست الأولى من نوعها، بل سابقتها عدة مباحثات ولقاءات واتصالات أمنية واستخباراتية منذ سنوات قليلة بين تركيا وسوريا، وهذا ما لمح له أيضا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سابقًا، لافتا أن ذلك حدث بعد إدراك تركيا أن حل الأزمة الروسية يكون بالتعامل مع  نظام الأسد.

وأشار عبد الفتاح أن روسيا لعبت دوراً كبيراً  في تقريب وجهات النظر بين الجانبين، متوقعاً تقارباً  تركيا سوريا قريباً على مستوى الرؤساء برعاية موسكو.

وأوضح أنه في حال حدوث التفاهمات بين سوريا وتركيا لن تحتاج إسطنبول التمدد في الشمال، لأن دمشق سوف تقوم بكبح جماح أي تحركات كردية.

وتابع: "في حال حدوث تنسيق مباشر بين تركيا والنظام السوري ستكون هناك أليات أخرى في التعاون بالشمال السوري ولن تحتاج تركيا التدخل هناك".

تحرك تركي للتطبيع مع سوريا

وفي سياق متصل قال مصطفى صلاح، المحلل السياسي والباحث في الشأن التركي، إن تحرك أنقرة جاء بعد إعلان الرئيس التركي أن هذا العام "عام الدبلوماسية" لإزالة الخلافات.

وأضاف صلاح في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن تركيا تمتلك الكثير من الملفات المشتركة مع سوريا خاصة في أمنها القومي بداية من الأكراد واللاجئين وأخرى مثل إعادة الإعمار، إذ سيعود التقارب على أنقرة بالحصول على مكاسب وإيقاف تفاقم الأوضاع الداخلية، متوقعا زيادة التقارب بشكل كبير خاصة في الفترة المقبلة، ولقاء الرؤساء بعد فترة لتسوية.

وأشار إلى أن أهم الملفات في حال لقاء الرئيسين إعادة هو بناء العلاقات بين المعارضة والحكومة السورية، خاصة بعد تمكنها من السيطرة على 80 % من الأراضي، بالإضافة إلى محافظة إدلب ورفض وجود مسلحي أنقرة ووجودهم بالداخل.

وتوقع  الباحث في الشئون التركية، إلى أنه من المنتظر في حال زيادة التقارب وجود مطالبات تركية للجانب السوري بدمج أكثر للأكراد بالمجتمع، ومنحهم حقوقاً  كبيرة، ورفض مطالبهم بالانفصال مما يعيد الشمال لدمشق.

تقارب تركي سوري قريبا

ويرى مالك ياسين، المحلل السياسي السوري، في تلك التحركات مؤشرات على تحول نوعي في موقف أنقرة إزاء الوضع في سوريا، كما توقع  تقارباً  تركيا سوريا قريباً على مستوى الرؤساء برعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف ياسين في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن عوائق عديدة تقف أمام تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، آخرها العملية العسكرية الجديدة التي تلوح بها أنقرة في الشمال السوري ضد الوحدات الكردية، مستبعدا أن تتراجع أنقرة عن دعم قضية تعتبرها مرتبطة بأمنها القومي.

خيبة أمل السوريين

ومن جهته، قال بكار حميدي، الناشط السياسي في إدلب، إنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال السماح لأي جهة بالتحكم في مصير الثوار السوريين وفرض حلول تؤدى  إلى المصالحة مع النظام السوري.

وأشار حميدي في تصريحات لـ "صدى البلد"، إلى أن  تصريحات وزير الخارجية التركي الأخيرة حول السعي إلى المصالحة بين المعارضة والنظام، خيّبت آمال السوريين بالموقف التركي، وأثارت غضبهم ودعتهم إلى النزول للشوارع والساحات للتنديد بما قاله.

تصريحات مناورة للضغط على أمريكا

وعلى صعيد أخر، يرى الدكتور مشهور إبراهيم، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن تصريحات وزير الخارجية التركي ما هي إلا مناورة تسعى من خلالها أنقرة للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر الأكراد في شمال سوريا حليفاً رئيسيّا في الحرب ضد الإرهاب.

وأضاف إبراهيم في تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه في حال نجحت الوساطة الروسية والإيرانية في إزالة الخلافات بين سوريا وتركيا فلن تحتاج أنقرة للتدخل عسكرياً لأن دمشق ستقوم بمهمة التصدي لتحركات الوحدات الكردية."

وأشار مشهور، إلى أن تصاعد حدة التصريحات المعادية للاجئين في تركيا وخاصة السوريين، قد تجبر الحكومة التركية على مراجعة موقفها من الأسد خاصة مع اقتراب الانتخابات واعتماد  المعارضة على ملف اللاجئين لكسب أصوات الناخبين.

تصريحات وزير الخارجية التركي

وقوبلت  تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، التي دعا فيها إلى "مصالحة بين المعارضة والنظام في سوريا" بردود فعل متباينة.

وأشار وزير خارجية تركيا إلى  "ضرورة تحقيق مصالحة بين المعارضة والنظام في سوريا بطريقة ما"، مشيرا إلى أنه" لن يكون هناك سلام دائم دون تحقيق ذلك".

وترجم ذلك الرفض بخروج مظاهرات، يوم الجمعة، الماضية في اليوم التالي لتصريحات وزير الخارجية التركي، في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل السورية المعارضة.

تخللها وقائع حرق العلم التركي في مدينة إعزاز وتجمع متظاهرين غاضبين أمام قاعدة عسكرية تركية و ، نشرت وزارة الخارجية التركية بيانا توضح فيه موقفها.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بيلغيتش من خلال البيان، أن بلاده "ستواصل دعم الجهود الرامية لإيجاد حل دائم للنزاع في سوريا، بما يتماشى مع تطلعات الشعب السوري".

وأضاف بأن "المسار السياسي لا يشهد تقدماً حالياً بسبب مماطلة النظام السوري"، مشيراً إلى أن هذا ما قصده وزير الخارجية في تصريحاته الأخيرة.

من ناحية أخرى ، أشارت مصادر دبلوماسية تركية إلى أن التصريحات المتداولة لا تعني "أن تركيا غيرت سياستها تجاه سوريا".

وبحسب المصادر ذاتها، فإن جاووش أوغلو نقل إلى فيصل المقداد رسالة مفادها أن "العمليات العسكرية التركية لا تهدف لتقويض السيادة السورية، بل تأتي لضمان وحدة وسلامة أراضيها".

ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من جانب الحكومة السورية بشأن التصريحات التركية أو بخصوص الحديث الدائر عن احتمال وجود تقارب بين دمشق وأنقرة.

رد وزير الخارجية السوري على نظيرة التركي

وبحسب أخر تعليق لوزير الخارجية السوري الخارجية، فيصل المقداد على التحركات التركية، جدد رفضه "لأي تدخل في الأراضي السورية "، مضيفاً بأن "نية أنقرة إنشاء مناطق آمنة في سوريا سيضعها في صراع مع دمشق".

وأصدرت من جهتها الهيئة السياسية التابعة لـ «هيئة تحرير الشام»، بياناً الجمعة الماضية ردّت من خلاله على تصريحات وزير الخارجية التركي بخصوص المصالحة بين المعارضة والنظام، واعتبرتها تصريحات مسيئة للشعب السوري.

وفى السياق ذاته أصدر المجلس الإسلامي السوري بياناً رفض خلاله تصريحات وزير الخارجية التركي .

وتسبّبت الأزمة السورية  منذ اندلاع أحداث الربيع العربي، في مقتل نحو نصف مليون شخص وإلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها، نتيجة انتشار الجماعات المتطرفة المسلحة . 

وتستضيف تركيا أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوريا على أراضيها، وفي مايو الماضي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده "تستعد لإعادة مليون لاجئ إلى مناطق آمنة في شمالي سوريا"..