الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الزيادة السكانية حجر عثرة في سبيل التنمية.. بين مؤيد ومعارض | تفاصيل

أرشيفية
أرشيفية

على مدار عقود واجهت مصر عدداً من التحديات من ضمنها تحدي الزيادة السكانية الكبيرة حيث وصل عدد سكان مصر الآن حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى ١٠٣ مليون نسمة إلا أن الارتفاع الكبير مؤخراً في عدد السكان أصبح يمثل أزمة، بل ان هناك تباين في الآراء أيضاً حول هذه الازمة ، منهم من يرى ان الزيادة السكانية هي عنصر قوة، والبعض الاخر يرى انها تمثل تهديداً لجهود التنمية في مصر.

أشارت أحدث توقعات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف الزيادة المتوقعة في عدد سكان العالم حتى عام 2050 سيتركز في ثمانية بلدان: جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومصر، وإثيوبيا، والهند، ونيجيريا، وباكستان، والفلبين، وجمهورية تنزانيا المتحدة وقد حذر ليو زينمين، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، من أن النمو السكاني السريع يجعل القضاء على الفقر، ومكافحة الجوع وسوء التغذية، وزيادة تغطية أنظمة الصحة والتعليم أكثر صعوبة.

فهل الزيادة السكانية في مصر تقف حجر عثرة في سبيل التنمية الاقتصادية في مصر ؟ أم هي عنصر مهم في عجلة التنمية؟ وماهي مخاطر الزيادة السكانية على مستهدفات التنمية ومؤشرات الاقتصاد ؟ وكيف يمكن الاستفادة من العنصر البشري في سبيل التطوير ؟ وما السيناريوهات المطلوبة لمواجهة هذه الأزمة ؟ ، وهو ما سوف نجيب عنه في السطور القادمة؟

زيادة الوعي وتنظيم الأسرة

في هذا الصدد أكد الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن معدلات النمو في مصر تتطلب تحقيق معدلات نمو اقتصادي بمقدار ثلاث أمثال .

وأوضح الإدريسي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن معدل النمو الاقتصادي في مصر كان في حدود ال ٢.٥٪؜ ، حالياً مع الإجراءات التي اتخذتها الدولة مثل زيادة الوعي وتنظيم الاسرة بالإضافة لارتفاع مستوى المعيشة فأصبح مستوى النمو الاقتصادي ١.٨٪؜.

وأضاف أن الدولة تحتاج معدل النمو الاقتصادي يكون ٦٪؜ وهذا يتطلب جهد كبير من جانب الدولة ، حيث ان الدولة مطالبة بتوفير خدمات تعليم وصحة وبنية تحتية ، فيجب ان يكون هناك نوع من أنواع الوعي من جانب الاسرة والمجتمع ككل لان هناك جوانب اجتماعية أيضا الى الجانب الاقتصادي لا تقل أهمية.

وفيما يخص السيناريوهات المطلوبة لمواجهة تلك الأزمة، أشار الإدريسي إلى أن الحل الأمثل هو وضع القانون لتنظيم هذه الأمور، مشكلة أي دولة تحل بالقانون وليس الاعتماد على وعي المواطن فقط .

ولفت إلى أن القرى الأكثر فقرا هم الأكثر في عدد المواليد، والأقل دخلاً هم الأكثر في أعداد المواليد، على عكس الأسر الميسورة أعداد المواليد عندهم معتدلة، فيلتزم وضع قوانين للحد من تلك الأزمة .

يأكل معدلات التنمية الاقتصادية

اتفق معه في الرأي سالم وهبي، الكاتب الصحفي ورئيس تحرير الأهرام الاقتصادي السابق، أن معدل الزيادة السكانية في مصر معدل عالي يقدر بحوالي ٢.٥٪؜ كما أنه يأكل جزء كبير من معدل التنمية في مصر ، وبالرغم من الصعوبات التي مرت بها مصر من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها ازمة كورونا ، فتأثرت مصر من حاجتها للحبوب من روسيا وأوكرانيا بالإضافة الى منتجات الزيوت والعديد من المواد الغذائية كما تأثرت في قطاع السياحة حيث انها كانت تستقبل عدد كبير من السياح من أوكرانيا وروسيا وهذا بدوره خفض معدل النقد الأجنبي في مصر.

أكد سالم وهبي ان بالرغم من التداعيات السلبية لكنها استطاعت تحقيق معدلات تنمية عالية أشادت بها أيضا المؤسسات الدولية . ولكن الزيادة مازالت تأكل جزء كبير من التنمية وبالتالي الزيادة تشكل عائق أمام التنمية في مصر بالإضافة إلى أن نوعية المواليد يجب أن تضع في الاعتبار لإخراج نوعية جيدة من الشباب المصري ليشارك في المشاريع التنموية في مصر.

وأكد الكاتب الصحفي انه طالما هناك معدلات نمو عالية ومعدلات تنمية متوسطة، تزيد معدلات الفقر وتحتاج لمزيد من الجهد وهذا يشكل تهديد كبير، حيث ان الفقر والمواطن الذي لا يحصل على قدر مناسب من الدخل يلجأ إلى أساليب غير مشروعة تهدد الأمن والإرهاب والتجارة بالمخدرات، والرشوة والفساد وتقف أمام التنمية، وأيضا كلما زاد معدل الفساد كلما أدى الى هروب المستثمرين خارج مصر ، حيث أن المستثمر يبحث عن الاستقرار .

تباين في الآراء 

قال الدكتور عبد النبي عبد المطلب وكيل وزارة التجارة الخارجية المصرية للبحوث الاقتصادية  والخبير الاقتصادي إن أهم عناصر التنمية الاقتصادية طبقاً للنظريات الاقتصادية تتمثل في الأرض والسكان والتنظيم والقوى البشرية ، وأكد أن القوى البشرية هي أحد أهم دعائم الاقتصاد في أي دولة في العالم .

أوضح الخبير الاقتصادي أن المشكلة التي يعاني منها العالم حاليا الخاصة بنسبة نقص الغذاء هي غلق الحدود ، وعدم قدرة العمالة الموسمية في شرق أوروبا الوصول إلى غرب أوروبا ، وأيضا العمالة الموسمية التي كانت تتحرك في موسم الحصاد من أمريكا الجنوبية إلى كندا فبالتالي العنصر البشري هو عنصر مهم في عجلة التنمية .

وقال عبد النبي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن ما يحدث في مصر الان اننا لا نستطيع ان نستغل العنصر البشري بالشكل الفعال ليكون إضافة للتنمية، ولذلك نجده عالة على التنمية الاقتصادية ومن هنا يشعر الاقتصاد المصري انه دائما في أزمة .

عنصر داعم وليس معطل 

ذكر الخبير الاقتصادي أنه فيما يخص الجهود المطلوبة فإنها تكمن في الاستغلال الأمثل للطاقات والقوى البشرية الموجودة في مصر حتى تكون داعمة الإنتاج وليس معطلة، حيث أن عدد سكان مصر ١٠٣ مليون نسمة ، ما المانع من وجود تدريب من أجل إعمار سيناء في إطار مبادرات الرئيس لتعمير سيناء، او تسكين الشباب أو الاسر في الساحل الشمالي من أجل زراعة القمح حيث أثبتت الدراسات جودة هذه المناطق لزراعة القمح او تدريب لإقامة مناطق زراعية او صناعية في منطقة الوادي الجديد وهذا توجه موجود منذ الستينات حيث انه نقل للحضارة المصرية الحديثة والتنمية على غرار الموجود في الوادي والدلتا . 

كما أن دعوات تنظيم النسل وتقليل عدد السكان هي دعوات قائمة منذ خمسة أو ستة عقود ولم تسفر عن شيء، فيجب التعامل مع الأمر والاستفادة من القوى البشرية وأشار أيضاً إلى أن مصر لديها ثروات هائلة ولكنها تتطلب لإدارتها وحسن استغلالها.

وقد وافقه في الرأي الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي ، وقال إن الزيادة السكانية الان اذا قمنا بتدريبها وتطويرها وتأهيلها سوف تصبح من اهم مصادر الدخل في الدولة، وإذا تطرقنا لقطاع السياحة سوف نجد أن العاملين بها جميعا من أبناء الدولة ، كما ان دخل قناة السويس ٧ مليار دولار قائم على أبناء الدولة .

كيفية إدارة الشعوب 

وأشار النحاس على أنه من المفترض العمل على إعادة تأهيل وتطوير الشباب و دراسة كيفية إدارة الشعوب، وذكر مثال على الهند وباكستان حيث انهم يعانون من الكثافة السكانية ولكن اقتصادهم قوياً.

وأكد الخبير الاقتصادي على أن  العنصر البشري هو أهم مصدر للدخل ، وليس ضرراً على الموارد البشرية ، مشيراً إلى تجربة محمد علي في إقامة معسكرات الجيش والذي كان يصدرها للعالم فيجب تعميم هذا النموذج .

واختتم الدكتور وائل النحاس كلامه بأن الزيادة السكانية خير كالدول التي وجدت برميل بترول كما أكد أن الكتلة البشرية هي التي قامت بحماية مصر منذ أيام المصريين القدماء إلى الآن .