الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيبوها في حالها

مع أن شهادتى مجروحة؛ لأنهن من بنات جنسي؛ إلا أنني استوقفتني تصريحات غريبة من نوعها، لطبيبة ذات مركز وشأن، تنصح فيها الطبيبات المتخرجات الجديدات، وتركز في نصائحها على الحفاظ على الكيان الأسري، وتؤكد أن العمل يأتي فى مرحلة ثانية للمرأة بعد بيتها.

وقبل أن أنتهي من هذه التصريحات؛ أفاجأ برد من شخصية مرموقة أخرى ترفض فيها هذه التصريحات شكلا ومضمونا؛ ليصحب تلك التصريحات، وهذه، صخبا وجدلا فى وسائل الإعلام كافة، والتواصل الاجتماعي خاصة، بين رافض ومؤيد، وبينهم بالطبع، من يصب الزيت على النار، ويسعى إلى تحقيق أهداف ملوثة. 

وفور هدوء هذا الصخب الذي أعتلت من خلاله الطبيبة إياها، التريند، وصارت الحديث والحادث؛ وجدت نفسى أتساءل عن ماهية هذه المجادلات وتوقيتها، وهل المرأة فى هذا الزمن، وفى هذه الظروف، ستستجيب لأي مطالب بعودتها إلى البيت وترك العمل؟، وأيضا هل تتحمل المرأة بمفردها تبعات ومشاكل تغيرات جمة طرأت على مجتمعنا المصري، وجعلت روابطه مفككة عما كانت عليه من قبل؟ والأهم، هل الرجل لديه القدرة بكل أنواعها على القوامة وتحقيق سعادة من يعولها؟.

والسؤال الذي يطرح نفسه أيضا: ما الذى أفسدته المرأة بذهابها إلى العمل؟، ويحضرني أيضا تساؤلا عن: مصير من لم يتح لها القدر فرصة الزواج، والأخرى المطلقة، والأخرى المعلقة، والأخرى الأرملة، والأخريات المقهورات اللائي لم يتركن بيتهن إلا للشديد القوي كما يقولون ونعرف.

نحن أمام فجوة فكرية، أخذت بنتائج مخلوطة، لتطالب بحلول وهمية، فالقول بأن عدم ذهاب المرأة للعمل لن يوقف الدنيا، وأن بقاءها في بيتها سيصلح حال البلاد والعباد؛ قول فيه إجحاف للمرأة، وعدم إنصاف لها، وكونه أن يصدر من امرأة ومسؤولة؛ فهو حدث جلل، لأن بقاء المرأة فى منزلها، لن يأتي بجيل واعٍ، ولن يخلق أبطالا، ولن يمنع حالات الطلاق، ولن يعيد إلى البيوت المصرية دفئها وطيب قلوب أهلها.

تفضيل المرأة لبيتها عن عملها، لن يكون بعودتها إلى المنزل وتركها العمل؛ بل يتحقق بمنظومة اجتماعية، وقوانين تكفل لها المفاضلة بين الاثنين، وتحقق الاستقرار المادي والاجتماعي، وتوفر السكينة النفسية. 

المرأة، واسمحوا لي أن أخص المرأة المصرية، فه «كائن غير» بكل ما تحمل لفظة «غير» من معاني ومدلولات، فهي الأم التي تفني عمرها من أجل أبناءها، وتوفير حياة فاضلة لهم، على حساب حياتها التي تتبخر وهمًا من أجلهم.. هي الزوجة الداعمة التي تنسى نفسها، وتسترجل في مواجهة عثرات زوجها، من مرض، وشظف العيش، ومتاعب الحياة.. هي الأخت التي حملت على عاتقها بيتًا بأكمله، دعما لأبيها صاحب الدخل المحدود.. هي الابنة التي ترهبنت من أجل أخوتها الذين ماتت أمهم، وتركهم أبوهم ليكمل رجولته المسجلة في شهادة الميلاد… هي وهي وهي، ولن يضيرها أن توفق بين عملها وبيتها، ولن يوقفها مطالبات «حق يراد به باطل».. وعليه؛ فأقول وأنادى بأعلى صوتي: «والنبي سيبوها في حالها.. وسيبونا في حالنا».

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط