الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكيل بمكيالين.. تحقيق يكشف تعمد فيسبوك حجب المحتوى الموثق للاعتداءات الإسرائيلية ضد فلسطين 

متظاهرون ضد سياسة
متظاهرون ضد سياسة فيسبوك، The Intercept

لن ينسى مستخدمو فيسبوك في العالم العربي وكذلك المناصرين للقضية الفلسطينية خارجه ما حدث لهم العام الماضي عندما قرروا توثيق الاعتدءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين فيما عرف بـ “أحداث الشيخ جراح”، حيث تم حينها حذف الصور والفيديوهات وحتى المنشورات التي تحمل آراءا تدين الاعتداءات بحجة أن خوارزميات فيسبوك وإنستجرام غير قادرة على التعرف عليها، مما جعل الشركة تعتذر حينها نظرا لهذه الأخطاء التقنية، ولكن تكرار الأمر فضح الشركة. 

مرة أخرى، وفي بداية شهر أغسطس الجاري مع تصاعد الاعتداءات العسكرية على المدنيين في قطاع غزة، واجه مستخدمو فيسبوك وانستجرام داخل العالم العربي وخارجه، حجبت المنشورات والصور التي توثق الاعتداءات على الفلسطينيين، حيث قامت حينها شركة ميتا بإزالة المحتوى مع تقديم إشارة بأن المحتوى ينتهك معايير مجتمع فيسبوك، وفي مرات أخرى يتم الحذف ع عدم وجود تفسير على الإطلاق. 

وتحقيق لموقع The Intercept كشف فيه أن شركة ميتا من خلال تطبيقيها فيسبوك وإنستجرام تكيل بمكيالين حيث تخبر مشرفي المحتوى بالسماح لنشر الصور ومقاطع الفيديو وأى محتوى يوثق الاعتداءات الروسية ضد المدنيين في أوكرانيا، وفي نفس الوقت يمنع ويحجب المحتوى الموثق لاعتداءات إسرائيل ضد المدنيين في فلسطين. 

وحصل موقع The Intercept على عدد من المذكرات الداخلية التي تكشف أن مسئولي ميتا أعطوا الضوء الأخضر لمشرفي المحتوى في فيسبوك وإنستجرام بالاستجابة للمحتوى الموثق للغزو الروسي على أوكرانيا من خلال سن مجموعة من السياسات الجديدة التي تهدف إلى توسيع وحماية خطاب الأوكرانيين عبر الإنترنت ، والسماح ببقاء الصور التوثيقية للمدنيين الذين قتلوا على يد الجيش الروسي بالبقاء على منصتها. 

 

ناشطون فلسطينيون يوثقون ما تفعله ميتا أثناء الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين 

وقالت منى اشتية ، المستشارة في مركز حملة، المركز العربي لتقدم وسائل التواصل الاجتماعي ، - هي مجموعة مجتمع مدني تتعاون رسميًا مع شركة ميتا في قضايا التعبير- "هذه رقابة متعمدة على توثيق حقوق الإنسان والرواية الفلسطينية خلال الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على غزة ، في الفترة ما بين 5 أغسطس و 15 أغسطس ، تم حذف ما يقرب من 90 محتوى متعلقًا بالتفجيرات لمركز حملة  ، مشيرة إلى أن السبب ورود تقارير عن محتوى خاضع للرقابة.

وقالت مروة فتافطة ، مديرة سياسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في Access Now - وهي مجموعة دولية للحقوق الرقمية- ، "إن رقابتهم تعمل تقريبًا كالساعة،  فكلما تصاعد العنف على الأرض ، تتصاعد عملية إزالة المحتوى الفلسطيني".

ميتا ترد على اتهامها بتعمد حجب محتوى الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين 

من الأمثلة على المحتوى الفلسطيني الخاضع للرقابة التي راجعها موقع The Intercept ، في 5 أغسطس الماضي، إزالة منشور حداد على مقتل آلاء قدوم ، فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 5 سنوات في هجوم صاروخي إسرائيلي ، وكذلك مقطع فيديو على إنستجرام يظهر سكان غزة يسحبون الجثث من تحت الأنقاض، حيث تمت إزالة كلا المنشورين بإشعار يدعي أن الصور "تتعارض مع إرشادات ميتا بشأن العنف أو المنظمات الخطرة"،  في إشارة إلى سياسة شركة ميتا Meta ضد المحتوى العنيف أو المعلومات المتعلقة بقائمتها الواسعة من الأشخاص والمجموعات المحظورة.

وقالت متحدثة باسم شركة ميتا إريكا ساكين Erica Sackin لموقع The Intercept "إنه تمت إزالة كلا المنشورين وفقًا لسياسة الأفراد والمنظمات الخطرة ، مشيرة إلى سياسة الشركة المتمثلة في فرض الرقابة على المحتوى الذي يروج للجماعات الإرهابية المصنفة فيدراليًا،  ولم ترد ساكين على سؤال للمتابعة حول كيف أن صورة فتاة عمرها 5 سنوات ورجل مدفونين تحت الأنقاض تروج للإرهاب!.

وثائق تثبت الكيل بمكيالين وتعمد حجب المحتوى الفلسطيني ضد الاعتداء الاسرائيلي  

وفي نسخة لمذكرات داخلية موسعة من دليل معايير المجتمع التي حصل عليها The Intercept ، يتضمن القسم الذي يتناول المحتوى الرسومي سلسلة من مذكرات السياسة التي توجه مشرفي المحتوى إلى الانحراف عن القواعد القياسية أو إجراء مزيد من التدقيق للتأثير على أحداث إخبارية عاجلة محددة، حيث تُظهر مراجعة استثناءات الأخبار العاجلة أن ميتا توجه مشرفو المحتوى للتأكد من أن الصور للمدنيين الأوكرانيين الذين قُتلوا في الهجمات الروسية لم يتم حذفها في سبع مناسبات مختلفة ، بدءًا من البداية المباشرة للغزو، كما توجه بأنه يجب التأكد من وجود أى أعمال عنف في المحتوى الخاص بفلسطين، والذي يخضع للرقابة بشكل روتيني عندما يقوم بها الجيش الإسرائيلي، بأعمال عسكرية. 

وفقًا للمذاكرات الداخلية ، بدأت ميتا بإصدار تعليمات لمشرفيها بالابتعاد عن الممارسات القياسية للحفاظ على توثيق الغزو الروسي في اليوم التالي على بدئه، وتحديث السياسة في 25 فبراير حيث أوعزت للمشرفين بعدم حذف مقاطع الفيديو لبعض الخسائر المدنية المبكرة في الحرب، كما " يُظهر هذا الفيديو آثار الغارات الجوية على مدينة أومان بأوكرانيا".

تم إخبار مشرفي المحتوى بأنه يجب السماح للفيديو الذي يصور عدد من الأشخاص المشوهين  بعد الضربات الجوية في تشرنيجوف" وشددت ميتا على أن مراجعي المحتوى يجب أن يحيدوا عن قواعد الكلام القياسية، على الرغم من أن مقطع الفيديو يصور أشخاصًا مشوهين وتم تقطيعهم بشكل محظور ويجب إزالته بموجب سياسة المحتوى العنيف. 

واتخذت الشركة خطوة نادرة لرفع قيود الكلام حول كتيبة آزوف ، وهي وحدة نازية جديدة تابعة للجيش الأوكراني كانت محظورة سابقًا بموجب سياسة الشركة الخاصة بالأفراد والمنظمات الخطرين. في مارس ، كما ذكرت وكالة رويترز أن ميتا سمحت مؤقتًا للمستخدمين بالدعوة صراحة لقتل الجنود الروس ، وهو خطاب من شأنه أيضًا انتهاك قواعد الشركة.

ولا تُظهر المذكرات الداخلية التي راجعتها The Intercept أي تدخلات من هذا القبيل للفلسطينيين - حيث لا توجد أى قوائم بيضاء للدعاية المصممة لإثارة التعاطف مع المدنيين أو توجيهات باستخدام التحذيرات بدلاً من إزالة المحتوى الذي يصور الأذى الذي يلحق بالمدنيين.