الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف تعامل نجيب محفوظ مع معجبيه في الشارع.. يوسف القعيد يسرد حكايات من حياة أديب نوبل

يوسف القعيد ونجيب
يوسف القعيد ونجيب محفوظ

ذكريات وحكايات عاشها الكاتب يوسف القعيد مع الكاتب الكبير نجيب محفوظ المعروف بأديب نوبل والذي تحل اليوم ذكرى رحيله، ويحتفى العالم العربي، بل العالم أجمع به، من إعادة نشر أعماله، أو الكشف عن بعض الأسرار الخاصة به، والتي لم يعرفها عنها محببيه شيئًا، ولعل أبرزها تعامل نجيب محفوظ مع المواطنين في الشارع، خلال ذهابه من المنزل إلى المقهى الذي اعتاد الجلوس عليه، أو إلى كازينو النيل.

 

لقاء نجيب محفوظ ويوسف القعيد

وفي هذا السياق قال الكاتب يوسف القعيد، إن اللقاء الأول بينه وبين نجيب محفوظ، كان عندما ذهب الأول إلى الثاني ليهديه روايته الأولى "الحداد" التي كانت في البداية تحمل اسم "الحداد يمتد لعام آخر" لكن وقتها الرقابة اعترضت لتكون "الحداد" وطبعها على نفقته الخاصة.

وأضاف القعيد في تصريحات خاصة، أنه بعد أن صدرت روايته اتصل بالدليل، وبحث عن رقم  نجيب محفوظ واتصل به فأعطاه ميعادًا، وقال له نصًا: "بص يا عزيزي أنا بروح كافيه ريش كل يوم جمعة من خمسة لـ8:30؛ عدى عليا"، وتابع القعيد: "بالفعل ذهبت في الموعد المحدد وأهديته نسخة من الرواية، وعزمني وقتها على شاي وقال لي"يا عزيزي أنت ضيفي لو عجبتك القعدة تعالى تاني".

 وأكمل: "وبالفعل ذهبت بعدها بأسبوع فوجدته قد قرأ الرواية وقال رأيه فيها.. ومن هنا توضطدت هذه العلاقة بيننا مع الأيام"، وتذكر القعيد أنه  دخل بيت نجيب محفوظ، بعد حصوله على جائزة نوبل يوم 12 أكتوبر سنة 1988، وبعد ذلك تعمقت هذه العلاقة وعرفت نجيب محفوظ عن قرب وعرفت أسرته، فهو إنسان نادر وأسرته أيضا أكثر من نادرة، وهو شخص  تقدمي، فقد كان ينظر للعلاقات الإنسانية بنظرة تقدمية هائلة، فعندما استأذنته على سبيل المثال أن أجرى حوار مع حرمه المرحومة الحاجة عطية الله إبراهيم لم يمانع بل رحب، لذلك فأنا أفتقده بصورة كبيرة".

وأوضح يوسف القعيد أن نجيب محفوظ كان يعمل ويقدر العمل، وعندما كان يبدأ في كتابة رواية جديدة، يقول: "أنا عندي شغل"، وكان يقولها وهو سعيد وكأنه مقبل على مهمة مقدسة في حياته، وبصرف النظر عن حصوله على جائزة نوبل، يعتبر مؤسس فن الرواية العربية الحقيقي بنتاجه الأدبي وحرصه على التجدد وإخلاصه الشديد للقراءة والكتابة.

 

كيف تعامل نجيب محفوظ مع الناس في الشارع؟

وأضاف أن نجيب محفوظ كان يقرأ المجتمع المصري وتطوراته وما يجري فيه، ومعروف أنه لا أحد دخل منزل نجيب محفوظ إلا بعد أن حصل على جائزة نوبل، وكان قبلها يجلس على المقاهي ويتحدث مع الناس، ويقرأ الصحف صباحاً بدأب وإصرار، والتنظيم هو سر فلسفة نجيب محفوظ.

وأكد على رغم النتاج الضخم لنجيب محفوظ، إلا أنه كان مصاباً بحساسية في عينيه، فلم يكن يكتب إلا في أواخر أكتوبر وحتى أواخر مارس، وباقي العالم لم يستطع الكتابة، وتلك الفترة مكنته من إنتاج أكثر من 50 عمل أدبي مهمين، رسخت للرواية العربية وفن رواية الأدب العربي.

وأكمل: "في إحدى المرات سرت معه من منزله وحتى الكازينو الذي كان يجلس فيه، وكان بعد جائزة نوبل، فكان يقف ويسلم على الناس كلها، وكان يتباسط في الحديث مع الجميع، وكان لديه مشكلة في السمع، فكان يضع إصبعه على أذنيه ليسمع الناس جيدا، فكان لديه احترام خاص لرجل الشارع، وكان على صلة حقيقية بنبض هؤلاء الناس، ففي القهوة التي كنا نجلس بها، كان هناك شخص يدعى لطفي يمسح له حذاءه، فكان عندما يغيب كان يسأل عنه".

اشار القعيد إلى أن دراسة نجيب محفوظ للفلسفة أثرت في طريقة كتابته رغم أنه لم يشتغل بها أبدا، وكان حلمه الأول هو السفر إلى باريس لتحضير ماجستير ودكتوراة وأن يغدو أستاذا جامعيا، لكنه عندما نشر مجموعته القصصية الأولى همس الجنون فتحول إلى كاتب، وأجّل حلمه الأول حتى انتهت حياته.. خسرنا أستاذ جامعة لكننا كسبنا أهم روائي عربي في القرن العشرين.