الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

موسكو تعاقب الغرب.. هل تعتذر أوروبا عن تجرأها على روسيا ودعم أوكرانيا

نورد ستريم
نورد ستريم

اتخذت روسيا موقفا عنيدا ضد دول المعسكر الغربي "الداعمة لأوكرانيا في النزاع الدائر بينهما منذ 6 شهور"، ووجهت لها صفعة قوية ردا على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها خاصة من قبل دول الاتحاد الأوروبي، مستخدمة في ذلك سلاح الغاز.

روسيا توقف إمدادات الغاز 

وردا على قرار مجموعة السبع (G7) بضرورة وضع سقف لسعر الغاز الروسي، وهو ما يزيد من حدة المعركة الاقتصادية بين موسكو وبروكسل، ويرفع احتمالات الركود وتقنين الطاقة في بعض من أغنى دول المنطقة، أعلنت (جازبروم)، عملاق إنتاج الطاقة الروسي، إيقاف إمدادات الغاز عبر خط أنابيب (نورد ستريم 1) إلى أجل غير مسمى، أمس الجمعة.

وأوضحت شركة (جازبروم) الروسية أنها أرسلت بيانًا إلى شركة (سيمنس) الألمانية توضح فيه أن "التوربين الأخير في خط نورد ستريم 1 قد تعطل"، وطالبت الشركة الروسية، (سيمنس) بإصلاح العطل في التوربين الأخير للخط، والذي يمد دول الاتحاد الأوروبي بالغاز عن طريق ألمانيا.

كانت موسكو قد أعلنت منذ عدة أيام، أن وقف إمدادات الغاز الذي يأتي من (خط نورد ستريم 1) من أجل الصيانة، ونتج عنه عدم تدفق الغاز إلى ألمانيا بين الساعة 0100 يوم 31 أغسطس المنصرم وحتى 0100  يوم الثالث من سبتمبر الجاري، وفقا لشركة الطاقة الروسية العملاقة جازبروم.

من جانبها قالت نورهان الشيخ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن قرار روسيا بوقف إمدادات الغاز عبر خط أنابيب (نورد ستريم 1) إلى أجل غير مسمى، جاء كرد فعل رافض لقرار مجموعة السبع التى تضم: "الولايات المتحدة الامريكية، ألمانيا، فرنسا، المملكة المتحدة، إيطاليا، كندا، واليابان" خلال قمة عبر الانترنت على تحديد سقف لأسعار النفط الروسى بصورة عاجلة، الأمر الذي استفز موسكو بشكل مباشر وجعلها تتخذ موقفا جادا حتى تستطيع حسم القرار لصالحها.

وأوضحت "الشيخ" - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن روسيا أعلنت أولاً توقف ضخ الغاز بشكل مؤقت تحت زعم الصيانة، كخطوة تمهيدية، وتوقعت دول أوروبا أنها خطوة تهديد من روسيا، مشيرة إلى أن "إنقطاع الغاز الروسى عن دول أوروبا سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود فى العالم بشكل مخيف، وينتج عنه كارثة في الأسعار".

وأضافت: أن الاتفاق النووي الإيراني يأتي لسد العجز في الوقود الناتج عن تعنت روسيا بسبب الموقف الأوروبي ضدها، مرجحة فشل إيران في سد العجز بسبب عدم قدراتها على ذلك نظرا لعدم وجود بنيه تحتية تستوعب كمية الضخ اللازمة لدول أوروبا التي ستعاني نقصا شديدا.

أوروبا والبحث عن بديل 

ولفتت أستاذ العلاقات الدولية إلى أن إيران في حالة تبنيها سد العجز الروسي في الغاز لن تقوى على ذلك وستقوم بتصدير غاز مسال ولا توجد في أوروبا محطات تسييل للغاز وتلك أزمة أخرى، مشيرة: سينتج عن القرار الروسى بمنع إمدادات الغاز عبر (نورد ستريم 1) لأجل غير مسمى ارتفاع فى سعر برميل الوقود إلى 380 دولارا، وسيبلغ سعر الغاز 5 ألاف دولار، مما سينعكس على ارتفاع ضخم في أسعار السلع والخدمات حول العالم.

من جانبه يرى طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، ان أوراق القوى لدى روسيا الآن، والاتحاد الأوروبي ضعيف أمام اعتماده على الغاز الروسي، مضيفا أن "العقوبات الغربية على روسيا ليست مجدية الآن، والدول الأوروبية في حالة ضعف وتخبط بشكل كبير".

وأشار البرديسي - في تصريحات لـ "صدى البلد"، إلى أن روسيا تعطي أوروبا النفط والطاقة، وكل العمليات الإنتاجية وعمليات التدفئة في أوروبا تعتمد على الغاز روسيا، لذلك تفرط موسكو الشروط التي تريدها مثلما فعلت في قرار دفاع ثمن الغاز بالروبل.

وتابع: "الآن تعود روسيا بشروط جديدة عن طريق وقف الغاز عن أوروبا بحجة إصلاح خط نورد أستريم 1 للضغط على أوروبا"، مختتما أن اتباع أوروبا سياسة الولايات المتحدة الأمريكية بفرض المزيد من العقوبات على روسيا ومعاداتها بشكل كبير، سيزيد الأمر تعقيدا بالنسبة لأوروبا وستكون هي الخاسر الأكبر.

كانت (جازبروم) قد أعلنت في نهاية أغسطس الماضي أنها ستوقف إمدادات الغاز عبر (نورد ستريم 1) بشكل مؤقت ولمدة 3 أيام، بهدف القيام بعمليات للصيانة.

كانت بيانات نشرها موقع شركة (نورد ستريم) المشغلة لخط أنابيب الغاز، في وقت سابق ، قد أشارت إلى أن تدفقات الغاز عبر (نورد ستريم 1) سيتم استئنافها اعتبارا من الثانية فجر السبت (منتصف ليل الجمعة )، وبنسبة 20% من السعة العادية، أي بنفس المستوى الذي سبق عملية الايقاف - بحسب وكالة "فرانس برس".

حصول أوروبا على الغاز

وكان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ألكسندر فينيديكتوف، قد قال في وقت سابق، إن أوروبا لن تحصل على الغاز الروسي، إذا تبنت المفوضية الأوروبية قرارا يفرض حدًا أقصى على أسعار النفط الروسي.

ووافق وزراء مجموعة السبع، الجمعة، على تبني خطة تهدف لوضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي.

واتفق وزراء مالية الدول الصناعية السبع الكبرى (الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا واليابان) خلال قمة عبر الإنترنت، على تحديد سقف لأسعار النفط الروسي "بصورة عاجلة"، داعين "ائتلافا واسعا" من الدول إلى الانضمام لهذا الإجراء لحرمان روسيا من جزء من مواردها من قطاع الطاقة، حسب ما جاء في إعلان نشرته مجموعة السبع الجمعة، مشيرة إلى أنها تسعى لخفض قدرة موسكو "على تمويل حربها العدوانية مع الحد من وطأة الحرب الروسية على العالم" ولا سيما على "الدول متدنية الدخل".

وقالت مجموعة السبع، إنها ستفرض "بصورة عاجلة" سقفا على أسعار النفط الروسي داعية "ائتلافا واسعا" من الدول للانضمام إلى هذا الإجراء بهدف حرمان موسكو من قسم من مواردها من قطاع الطاقة، في إعلان صدر الجمعة.

وكتب وزراء مالية الدول السبع في الإعلان أن "سقف الأسعار سيحدد عند مستوى يستند إلى سلسلة من البيانات الفنية وسيقرره التحالف بمجمله قبل وضعه موضع التنفيذ" مؤكدين أن الأسعار في المستقبل "ستحدد علنا بصورة واضحة وشفافة".

وتم التوصل إلى القرار الذي ينبغي تطبيقه "بصورة عاجلة" بحسب الإعلان، خلال قمة عبر الإنترنت عقدها وزراء مالية الدول الصناعية السبع الكبرى (الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا واليابان).

في هذا السياق، صرح وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر للصحافيين في ختام الاجتماع: "روسيا تستفيد اقتصاديا من انعدام اليقين المخيم في أسواق الطاقة على ارتباط بالحرب". مؤكدا أن "روسيا تحقق حاليا أرباحا كبيرة بفضل تصدير مواد أولية كالنفط، ونريد التصدي لذلك بحزم".

موقف مجموعة السبع G7

ةأوضحت مجموعة السبع في الإعلان أن "تحديد سقف للأسعار مصمم خصيصا لخفض عائدات روسيا وقدرتها على تمويل حربها العدوانية مع الحد من وطأة الحرب الروسية على العالم" ولا سيما على "الدول المتدنية الدخل".

ورد الكرملين أمس الجمعة على قرار مجموعة السبع محذرا بأن فرض سقف لسعر بيع النفط الروسي "سيزعزع استقرار" السوق النفطية، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: "يمكننا التأكيد بثقة على أمر، وهو أن اتخاذ مثل هذا القرار سيؤدي إلى زعزعة استقرار أسواق النفط بصورة كبيرة".

وحذر نائب رئيس الوزراء الروسي المكلف بمسائل الطاقة ألكسندر نوفاك الخميس بأن روسيا ستتوقف عن بيع النفط إلى الدول التي ستطبق هذا الإجراء، وقال بحسب ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية: "في ما يتعلق بالقيود على الأسعار.. سنتوقف بكل بساطة عن تسليم النفط أو المنتجات النفطية إلى الشركات أو الدول التي تفرض مثل هذه القيود".

واعتبر أن فرض سقف سيكون أمرا "عبثيا تماما" وسيتسبب بزعزعة استقرار السوق، و"سيكون المستهلكون الأوروبيون والأمريكيون أول من يدفع ثمنه".

عمليا، سيكون بإمكان روسيا بيع نفطها لهذه الدول بسعر أدنى من الذي تعتمده حاليا، غير أنه يبقى أعلى من سعر الإنتاج، حتى تجد فائدة اقتصادية في مواصلة بيعه لهذه الدول، ولا تقطع بالتالي إمداداتها.

ويكمن التحدي في ضم أكبر عدد ممكن من البلدان إلى هذا الإجراء لأن فرض سقف على أسعار النفط لن يكون مجديا إلا إذا شاركت فيه الدول المستوردة الكبرى برأي الخبراء الذين يشيرون أيضا إلى دور الصين والهند في المسألة.

وسعيا لتحقيق ذلك تدعو مجموعة السبع "كل البلدان إلى إبداء رأيها حول مفهوم وضع سقف للأسعار وتنفيذ هذا الإجراء الهام" سعيا لجمع "ائتلاف واسع" يزيد من مفاعيل القرار.

وباشر قادة دول مجموعة السبع بدفع من واشنطن في نهاية حزيران/يونيو بحث مسألة وضع الآليات المعقدة لفرض سقف على أسعار النفط الروسي، في إجراء يقوم على منع شركات التأمين وإعادة التأمين من تغطية النقل البحري للنفط الروسي.

وخشيت الحكومات الأوروبية أن تمدد موسكو الانقطاع ردا على العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب غزو أوكرانيا، واتهمت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام إمدادات الطاقة "كسلاح حرب"، ونفت موسكو تلك المخاوف 

زيادة القيود على الغاز

ومن شأن زيادة القيود على إمدادات الغاز الأوروبية أن تفاقم أزمة الطاقة التي أدت بالفعل إلى ارتفاع أسعار بيع الغاز بالجملة أكثر من 400% منذ أغسطس العام الماضي، مما تسبب في أزمة مؤلمة بتكلفة المعيشة للمستهلكين وزيادة التكاليف على الشركات وأجبر الحكومات على إنفاق المليارات لتخفيف العبء.

وكانت روسيا خفضت بالفعل الإمدادات عبر (نورد ستريم 1) إلى 40% من قدرته الاستيعابية في يونيو وإلى 20% في يوليو الماضي، وتلقي باللوم على مشاكل الصيانة والعقوبات التي تقول إنها تمنع إعادة معدات وتركيبها.