الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الملكة نفرتاري.. مليحة الوجه

هند عصام
هند عصام

كيف نسيت أن أتحدث عنها وهى تَكُن لي عداوة عندما تركها زوجها الملك رمسيس الثانى، وفر هارباً وجاء لى فى منامى راكعاً يمد لي يديه كى أكون منافسة جديدة لها ضمن ٥٤ امرأة؟! وكيف وإحدى بناتها الجميلات ميريت آمون أتت لي فى زيارة منزلية لتتشبه بأمى وتأخذ مكانها فى الغرفة، فماذا كنتِ تقصدين من هذه الزيارة يا ميريت هل بعثتك والدتك برسالة لي ؟!.  

كيف تناسيت وعائلة الملك رمسيس الثانى هى الأقرب لى، فالود ممتد دائما بيننا، كيف لا أكتب عنكِ وأنتِ لقبتِ بلقب أطلقه جدى (رحمة الله عليه) علي "مليحة الوجه"، وكيف وأنتِ الأجمل والأحب إلى قلب الملك، إنها ليست مجرد ملكة أو زوجة إله، فألقابها العديدة تجعلك على يقين تام بأنك لست أمام مجرد امرأة جلست على عرش مصر، وإنما أنت الآن أمام امرأة استثنائية بكل المقاييس، إنها الملكة نفرتاري جميلة الجميلات أحلاهم أو أفضلهم وأحسنهم، وأطيبهم.  

وللعلم لم تكن نفرتاري هي أول من حمل هذا الاسم، فقد سبقتها الملكة "أحمس نفرتاري" عميدة الأسرة الثامنة عشر، وفي الأغلب تم تسمية نفرتاري بهذا الاسم تيمنًا بالملكة أحمس نفرتاري.

لُقبت نفرتاري بعدة ألقاب، ومنها الأميرة الوراثية، والزوجة الملكية الكبرى، وسيدة الأرضين، وربة مصر العليا والسفلى، كما لقبت أيضاً بمليحة الوجه، وحلوة الحب وسيدة النعمة وسيدة الأعلى   والوسيمة ذات الريشتين" كما شغلت منصب "زوجة الإله"، كما حصلت الملكة نفرتاري على مكانة الملكة المفضلة من بين زوجات الملك رمسيس الثاني. 

ولدت عام 1290 قبل الميلاد بعائلة مصرية عريقة، وكان أخوها أمينوس يشغل منصب عمدة طيبة، وكانت الزوجة الملكية للملك رمسيس الثانى.

تزوجت الملكة نفرتارى من الملك رمسيس الثانى قبل اعتلائه العرش، وكانت بنت الـ١٣ عاما من عمرها. 

وتعد قصة حب الملك رمسيس الثاني والملكة نفرتاري هي الأقوى عبر التاريخ، والتي عاشها الثنائي قبل 3 آلاف عام، فهو أول من قال كلمات وقصائد شعرية مدونة على جدران المعابد إلى وقتنا هذا، فقال لها كلمات تعبيراً عن مشاعره وحبه الشديد لها، فقال: «هي التي من أجلها تشرق الشمس»، وكانت تلك الجملة ‏أول جملة غزل موثقة في التاريخ البشري، ولا تزال محفورة على جدران معبد أبو سمبل.

وبالرغم من كل هذا الغزل وحبه الشديد للملكة نفرتاري، إلا أنه تزوج من ٥٤ امرأة أخرى، وما زال يخونها عندما فر منها ليلاً وجاء لى راكعاً وباتت هى تعانى من الخيانة والغيرة. 

أنجبت الملكة نفرتاري الكثير من الأبناء للملك رمسيس الثانى، ولكن سريعا ما كان يموت الأبناء بعد أن يلقبوا، فاعتقد رمسيس أن عينا شريرة أصابت أولاده، وأن الملكة نفرتاري تعانى من العين والحسد والسحر، وأمر برسم وشم عين حورس على ذراع الملكة، وكانت مصر تعرف التعاويذ من السحر والعين، ولديها عدة أشكال للتعاويذ والتمائم، خاصة عين حورس، وهي رمز وشعار مصري قديم يستخدم للحماية من الحسد ومن الأرواح الشريرة ومن الحيوانات الضارة ومن المرض.

وكانت الملكة نفرتاري من أعظم ملكات مصر الفرعونية لما كان لها من أثر واضح على حضارة مصر القديمة، وقد حكمت نفرتاري لمدة 24 عامًا، وكانت متعلمة وقادرة على كتابة وقراءة اللغة الهيروغليفية، كما أنها استخدمت مهاراتها في الأعمال الدبلوماسية.

توفيت الملكة نفرتاري في عام 1250 قبل الميلاد، ويقال إنها توفيت في عمر يتفاوت بين 40 و50 عامًا، بعد أن حكمت 25 عامًا تقريبًا، وشيد لها زوجها الملك الفرعون رمسيس الثانى المحب لزوجة كثيراً أكبر وأجمل مقبرة موجودة في وادي الملكات، وهو قبر مميز ومثال رائع على الزخارف البارعة، ولقد تم تزيين هذا القبر بألوان ساحرة وبلوحات جدارية تعكس الحياة اليومية للملكة نفرتاري. 

تم اكتشاف مقبرة نفرتاري عام 1904 من خلال البعثة الإيطالية برئاسة سيكاباريللي، حيث تقع المقبرة يمين مدخل وادي الملكات بالبر الغربي بالأقصر، وتظهر المقبرة وهى مزينة برسومات غاية في الإبداع، حيث ظهرت الملكة نفرتاري في كل صورها على جدران المقبرة، وهي ترتدي رداءً شفافاً فضفاضاً ذا ثنيات من اللون الأبيض، وكانت هذه التصميمات في غاية الروعة، وهو سر من أسرار جمال وأناقة الملكة نفرتاري الذي جعل مصممي الأزياء والموضة من كل أنحاء العالم يآتون إلى مقبرتها حتى يستلهموا من تلك التصميمات أحدث خطوط الموضة العالمية. 

كما كانت مقبرة الملكة نفرتاري تحتوى على مقتنيات ثمينة فى غاية الفخامة والروعة من حُلي وأساور، ما جعل أيضاً مصممي الإكسسورات يستلهمون منها أحدث الصيحات في عالم الحُلى، حيث تظهر الملكة متزينة بالتيجان الذهبية والتي أخذت شكل طائر الرخمة وبه ريشتان بينهما قرص الشمس، وقد تزينت الملكة بالعديد من الحلي من أقراط وأساور وعقود وتضع مساحيق الزينة على وجهها.

كما عثر داخل المقبرة على قطع من من الجرانيت الوردي تابعة للتابوت الأول، وقطع من الخشب مطلية بالذهب تابعة للتابوت الخشبي، و34 قطعة من الأشبيت تحمل اسم نفرتاري، و3 أوانٍ كبيرة مكسرة.