الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

احباط 14 رحلة في ليلة واحدة

الهجرة غير الشرعية تهدد مستقبل تونس.. ماذا يحدث فى أرض الياسمين ؟

صدى البلد

تتنامى في تونس عمليات الهجرة غير النظامية نحو القارة الأوروبية وتتنوع مسالكها مع بروز مخاوف من تأثير الظاهرة على الواقع الاقتصادي والتركيبة السكانية للبلاد.


وتمكنت الوحدات التابعة للأقاليم البحرية للحرس الوطني بالوسط والساحل والجنوب من إحباط 14 عملية هجرة غير نظامية عبر الحدود البحرية في الليلة الفاصلة بين يومي 2 و3 سبتمبر الجاري.


وأعلن الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الجبابلي أن إقليم الحرس البحري بالوسط تمكن من نجدة وإنقاذ 228 شخصا من بينهم 117 من جنسيات إفريقية مختلفة والبقية تونسيون.


وتمثل تونس منطقة عبور لدى العديد من الجنسيات الإفريقية خاصة من منطقة الساحل حيث يقصدون تونس ويقيمون بها بشكل مؤقت تصل إلى عدة شهور متصيدين فرصة للإبحار خلسة نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.
وأفادت الوحدات التابعة لإقليم الحرس البحري بالساحل أنها تمكنت من إنقاذ 28 شخصا من بينهم 9 مصريين و19 تونسيا، فيما تمكن إقليم الحرس البحري من نجدة 28 مهاجرا تونسيا.

دراسة تكشف الأسباب


وأنجز الباحث في علم الاجتماع نجيب بوطالب مؤخرا دراسة علمية حول هجرة الآلاف من شباب محافظة تطاوين (أقصى الجنوب) نحو الفضاء الأوروبي.


وقال بوطالب إن الدراسة أثبتت أن الهجرة شملت أكثر من 12 ألف شاب من مختلف الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية، موضحا أن هذه الهجرة "تسببت في العديد من المآسي والخسائر نتيجة الالتجاء إلى مدخرات الأولياء والاقتراض وبيع الممتلكات والرهن لتوفير الكلفة العالية التي تناهز الـ20 ألف دينار للشخص الواحد (6200 آلاف دولار).

وأضاف أن الهجرة لم تقتصر فقط على الشباب العاطل عن العمل بل شملت أيضا أصحاب المداخيل الضعيفة والمتوسطة وعددا من العائلات التي خيرت المجازفة وبيع ممتلكاتها والهجرة جماعيا.


وتفاقمت ظاهرة الهجرة السرية انطلاقا من السواحل التونسية منذ ثورة 2011 مع فتح الحدود مع ليبيا ودخول عدد كبير من اللاجئين الأفارقة هربا من الصراع الدائر بليبيا.

ظروف اقتصادية صعبة
وشهدت تونس خلال العشرية الماضية ظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة بسبب فشل الطبقة الحاكمة في إدارة شؤون البلاد فتفاقمت نسب البطالة مع ارتفاع نسبة التضخم وتراجع معدل النمو الاقتصادي.


واعتبرا بوطالب الرقم المفزع المسجل في تطاوين ستكون له انعكاسات خطيرة خاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي حيث خلفت مغادرة الشباب فراغا في الجهة ونقصا كبيرا في اليد العاملة في قطاع الخدمات على غرار المقاهي والمطاعم، فضلا عن تسجيل نقص فادح على مستوى اليد العاملة في القطاع الزراعي.


وأشارت الدراسة إلى ظاهرة التحاق الإناث بجحافل المهاجرين بنسبة تتراوح بين 15 و20 بالمئة، مؤكدة أن "القيم التي كانت تحد من تفكك الأسرة أصبحت ضعيفة بفعل سفر الأب والتجاء الزوجة إلى العودة إلى أهلها أو الطلاق وغيرها من الأوضاع الاجتماعية الهشة".


واهتز التونسيون في الفترة الأخيرة لصورة أم شابة وابنها الذي لا يتجاوز عمره الخمس سنوات لقيا حتفهما أثناء غرق المركب الذي كان يقلهما نحو السواحل الإيطالية في رحلة غير نظامية.

بروز مسلك آخر للهجرة تؤمّنه شبكات دولية للاتجار بالبشر عبر السفر إلى صربيا مرورا بتركيا للتسلل بعدها إلى دول أوروبا الغربية

وذكر بوطالب في دراسته أن المهاجرين استعملوا في الرحلات البحرية غير النظامية "جميع أنواع المركبات ومشوا خلالها أميالا طويلة على الأقدام وعاشوا مغامرات لا تنسى من حيث المخاطر والإيقافات.


وبرز في الفترة الأخيرة مسلك آخر غير المسلك البحري تؤمّنه شبكات دولية للاتجار بالبشر، للهجرة خلسة عبر السفر إلى صربيا مرورا بتركيا للتسلل بعدها إلى دول أوروبا الغربية.

إحصائيات رسمية صادمة
وتشير الإحصائيات الصادرة عن الجهات الرسمية ومنظمات الهجرة إلى أن أكثر من 10 آلاف تونسي وصلوا إلى إيطاليا منذ بداية العام الجاري في إطار عمليات الهجرة غير النظامية، منهم حوالي 1000 مهاجر خلال الأسبوع الأول من شهر أغسطس المنقضي.


وفرضت السلطات التركية منذ أبريل الماضي قيودا على سفر التونسيين من أراضيها باتجاه صربيا، معلنة أنها لن تبيع مستقبلا تذاكر سفر من دون وجود رخصة سفر رسمية تصدرها السلطات التونسية.


وكشفت دراسة حديثة مشتركة بين المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنظمة محامون بلا حدود وجمعية الدراسات القانونية حول الهجرة بإيطاليا أن "المئات من المهاجرين التونسيين يتعرضون للترحيل القسري ولمعاملات تمييزية وظروف احتجاز سيئة".