عقب أيام قليلة من تكليفها لرئيسة الوزراء المنتخبة ليز تراس بتشكيل الحكومة، توفيت الملكة إليزابيث الثانية عن عمر ناهز الستة والتسعين عامًا لتلحق بزوجها الأمير فيليب دوق إدنبره الذي وافته المنية العام الماضي.
طويت صفحة هي الأطول علي الإطلاق في تاريخ الجلوس على عرش المملكة المتحدة، تلك الملكة التي تربعت على عرش الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس مدة جاوزت السبعين عامًا منذ تاريخ توليها العرش في السادس من فبراير عام 1952 متجاوزة في ذلك سالفها الملك جورج الثالث و الذي حكم بريطانيا ستين عاما في الفترة من عام 1760 حتى عام 1820.
عاصرت الراحلة خلال مدة حكمها ستة عشر رئيسًا للوزراء بداية من صاحب الانتصار في الحرب العالمية الثانية السير ونستون تشرشل ، مرورًا بالمرأة الحديدية مارجريت تاتشر، وصاحب قرار المشاركة في غزو العراق توني بلير، والمثير للجدل بوريس جونسون، وغيرهم وصولًا إلى ليز تراس زعيمة حزب المحافظين والفائزة برئاسة الحكومة.
وعلى الصعيد العام،عُرف عن الملكة إليزابيث تمسكها الصارم بالتقاليد والبروتوكولات الملكية ورفضها القاطع للأفعال المتنافية مع تلك التقاليد والأعراف من أفراد العائلة المالكة، وظهر ذلك جليا في مواقفها وتصريحاتها إبّان أزمة طلاق أميرة القلوب ديانا من ولي العهد آنذاك الأمير تشارلز، وما تلا الطلاق من أحداث شغلت الرأي العام العالمي حينها، وكذا أزمة إعلان حفيدها الأمير هاري ( دوق ساسيكس ) وزوجته ميجان ماركل تنازلهما عن دورهما رفيع المستوى في العائلة المالكة والاستقلال اجتماعيا وماديا عنها وما صاحب تلك الأزمة من تسليط للضوء واهتمام صحفي وإعلامي.
وعُرف عن الملكة إليزابيث أيضًا حرصها الدائم على الظهور في المناسبات الرسمية والأعياد القومية ومشاركة الشعب البريطاني في الاحتفال بها، ورعايتها للمشروعات الخيرية والتنموية والمجتمعية.
أما على الصعيد الشخصي، عُرف عن الملكة إليزابيث تقديسها لقيمة الأسرة وحرصها على مرافقة أفراد العائلة لها في عطلاتها وزياراتها وجولاتها غير الرسمية، وكذا اتباعها لنمط حياة صحي مكّنها من التمتع بصحة جيدة حتى أواخر أيامها.
وبإعلان قصر باكنجهام عن وفاة الملكة إليزابيث وتولي نجلها تشارلز الثالث أمير ويلز عرش المملكة، تنقضي حقبة من تاريخ العرش البريطاني والمسمى بـ "كرسي الملك إدوارد"، كانت حافلة بالأحداث التاريخية، وتبدأ حقبة جديدة يتوقع اختلافها عن المنصرمة لاختلاف شخصية تشارلز المنفتحة التقدمية عن شخصية والدته التقليدية المحافظة مما يحمّل الأذهان بالعديد من التساؤلات عن الأسلوب الذي سوف يتبناه الملك الجديد والاتجاهات التي سيسلكها في إدارة شئون القصر والعائلة المالكة، تجيب عنها السنوات المقبلة.