الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإمارات والسعودية .. ألمانيا تستنجد بالخليج لإنقاذ أوروبا من شتاء الطاقة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تعيش ألمانيا في الوقت الراهن أزمة اقتصادية صعبة، سواء على مستوى الطاقة بعدما أعلنت روسيا قطع إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا عبر خط "نورد ستريم 1"، أو على مستوى الاقتصاد النقدي، حيث وصل التضخم في ألمانيا لمستويات مرتفعة للغاية.

يأتي ذلك، بينما يواصل مسؤولو الاتحاد الأوروبي التحذير من أنه من المحتمل أن تكون هناك أزمة فارقة في الأشهر المقبلة، عندما تبدأ البلدان في الشعور بألم اقتصادي حاد بينما لا يزال يُطلب منها مساعدة الجهود العسكرية والإنسانية في أوكرانيا.

وقد صرح المستشار الألماني، أولاف شولتز، بأن ألمانيا ستتغلب على الشتاء، مضيفا أن روسيا "لم تعد شريكا موثوقا في مجال الطاقة"، فيما قال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن البحث عن بدائل للطاقة بعد قطع روسيا إمدادات الغاز سيكون مكلفًا للغاية، إذ من المقدر أن يكلف ألمانيا 60 مليار يورو في 2022، و100 مليار يورو في 2023، مشددًا على ضرورة الاستفادة بشكل كامل من السياسة المالية للحفاظ على الاقتصاد واستثمارات الصناعة والأعمال.

وأعرب هايك عن قلقه الشديد من قدرة الأعمال والصناعات على الاستثمار بسبب الارتفاع الشديد في أسعار الطاقة، مشيرًا إلى أن الحكومة أعلنت عن حزمة إجراءات اقتصادية بقيمة 65 مليار يورو للحد من ارتفاع تكاليف الطاقة، حيث تشمل مدفوعات لمرة واحدة لبعض الفئات من المواطنين، وإعفاءات ضريبية للشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة.

ورغم ذلك، تساءلت العديد من الشركات المصنعة حول مستقبل ألمانيا ونموذجها الاقتصادي، في ظل غياب أسعار الطاقة الرخيصة، التي اعتمدت عليها لفترة كبيرة من الزمن.

وبحسب تقرير نشرته مجلة "دويتشه فيله" فإن نتائج دراسة استقصائية شملت 3500 شركة، قامت بها غرفة التجارة والصناعة الألمانية، أظهرت أن نحو 16% من المصنعين في البلاد قد خفضوا الإنتاج، أو قرروا إيقاف الإنتاج كليًا بشكل مؤقت، نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير.

وقال التقرير إن بيانات التجارة الألمانية في شهر مايو كشفت عن أول عجز تجاري للبلاد منذ أكثر من 30 عامًا، مما يعني ألمانيا قامت باستيراد مواد بأكثر مما صدرت.

وألمحت بالفعل عدة شركات ألمانية كبرى لإمكانية مغادرتها للسوق الألماني في ظل صعوبة الحصول على موارد الطاقة، وأن هذا الأمر يؤثر على عملياتها الإنتاجية، فقد رجحت شركة "فولكس فاجن" العملاقة لإنتاج السيارات إمكانية نقل عملياتها الإنتاجية من ألمانيا وأوروبا الشرقية للخارج في حال استمرار نقص إمدادات الغاز الطبيعي.

وأشارت الشركة إلى أن نقل الإنتاج هو أحد خياراتها المتاحة على المدى المتوسط إذا استمرّ نقص الغاز إلى ما بعد الشتاء القادم، حيث تمتلك "فولكس" مصانع كبرى في دول أوروبية أكثر اعتمادًا على الغاز الروسي، مثل التشيك وسلوفاكيا.

الرهان على الهيدروجين

قالت وزارة الاقتصاد الألمانية مطلع الشهر الجاري إن أول تسليم تجريبي للهيدروجين الأخضر من الإمارات وصل إلى هامبورج، كجزء من حملة لإنشاء "سلسلة قيمة شاملة للهيدروجين بين ألمانيا والإمارات العربية المتحدة"، مضيفة أن "التسليم التجريبي يضع أساسًا مهمًا لواردات الهيدروجين متوسطة الأجل، والتي ستكون خضراء أيضاً".

في حين أن المملكة العربية السعودية ليست مُصدرة للغاز الطبيعي المسال، فهي تستثمر مليارات الدولارات في الهيدروجين الأزرق والأخضر. كما شهدت البلاد مطالب من أوروبا والولايات المتحدة هذا العام لضخ المزيد من النفط وخفض الأسعار بعد صعودها في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا.

شولتز في جولة خليجية

بدأ المستشار الألماني أولاف شولتز أول جولة خارجية له في منطقة الخليج من المملكة العربية السعودية، السبت، حيث تشمل الجولة الإمارات وقطر.

وفي محطته التالية، وصل المستشار الألماني الإمارات العربية المتحدة مساء السبت، يرافقه وفد يضم الرؤساء التنفيذيين لشركة تيسين كروب، وساب، وإيرباص، وسيمنز إنرجي، فيما كان في استقباله لدى وصوله مطار الرئاسة في أبوظبي، وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية مريم بنت محمد المهيري، وعدد من المسؤولين.

وفي معرض زيارته السعودية، قال شولتز إن المحادثات مع ولي العهد السعودي في جدة تناولت العلاقات بين البلدين. وقال إن ألمانيا تسعى لاستيراد "كميات كبيرة من الهيدروجين" وسط مسعى لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مضيفًا: "لقد ناقشنا مسألة كيف سنشكل مستقبلنا، لتطوير اقتصادينا نحو مستقبل محايد لثاني أكسيد الكربون".

الإمارات تبدأ في ضخ الغاز إلى ألمانيا

واستقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد شولتز صباح اليوم، وشهدا مراسم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية جديدة في مجال تسريع أمن الطاقة والنمو الصناعي، تهدف إلى تسريع تنفيذ مشاريع في مجالات أمن الطاقة والحد من الانبعاثات والعمل المناخي.

وقد وقع الاتفاقية سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" ومجموعة شركاتها، وفرانزيسكا برانتنر وزيرة العمل المناخي في ألمانيا.

وأبرمت "أدنوك" اتفاقية لتوريد الغاز الطبيعي المسال لشركة "آر دبليو إي" الألمانية، تقوم "أدنوك" بموجبها بتصدير أول شحنة غاز طبيعي مسال إلى ألمانيا وتسليمها في أواخر عام 2022 لاستخدامها في التشغيل التجريبي لمحطة استيراد الغاز الطبيعي العائمة في مدينة برونسبوتل الألمانية.

كما خصصت "أدنوك" وفقًا للاتفاقية شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال لعملائها في ألمانيا سيتم تسليمها في عام 2023.

ووقّعت "أدنوك" كذلك عدداً من الاتفاقيات مع عملاء من ألمانيا من بينهم "أستياج" وشركة "أوربيس" لتصدير شحنات تجريبية من الأمونيا منخفضة الكربون، والتي تعد وقودًا ناقلاً للهيدروجين يلعب دوراً محوريًا في الحد من الانبعاثات في القطاعات التي يصعب الحد من انبعاثاتها. ووفقاً لبرنامج التعاون في أمن الطاقة ومسرعات النمو الصناعي، ستقوم دولة الإمارات وألمانيا باستكشاف مزيد من الفرص لتسريع النمو وتعزيز التعاون في جميع مجالات سلسلة القيمة لقطاع الهيدروجين، بحسب "وام".

من جانبها ستقوم شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، بتكثيف جهودها لاستكشاف المزيد من الفرص المتاحة في أسواق طاقة الرياح بشمال أوروبا وبحر البلطيق في ألمانيا لزيادة الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة إلى 10 جيجاوات بحلول العام 2030، ويخضع ذلك إلى تلبية المتطلبات والشروط التنظيمية في الإمارات وألمانيا.

كما أُعلن إكمال "أدنوك" أول عملية تسليم مباشر لشحنة من الديزل من إنتاجها لألمانيا في سبتمبر 2022، والتوصل لاتفاق مع شركة "ويهلم هوير جي إم بي إتش" على شروط توريد ما يصل إلى 250 ألف طن شهريًا من وقود الديزل خلال عام 2023.
مفاوضات صعبة

شولتز في قطر

وبعد الإمارات طار شولتز إلى قطر، حيث عقد لقاءً مع أمير قطر تميم بن حمد أمن الطاقة، حيث قال: "تحدثت مع أمير قطر بشأن تسليم شحنات الغاز الطبيعي المسال، مضيفاً: "نريد تحقيق المزيد من التقدم".

وتجري ألمانيا وقطر محادثات بشأن شحنات غاز طبيعي مسال محتملة منذ غزت روسيا أوكرانيا في فبراير. لكن وبحسب الوكالة الأمريكية، ليس ثمة مؤشرات على حدوث انفراجة في المفاوضات حتى الآن، إذ وصف مسؤولون ألمان استراتيجية قطر بأنها تتشدد في سعر وأجل الاتفاقات المحتملة.

وذكر الديوان الأميري القطري في بيان أنه "جرى خلال الجلسة بحث أوجه دعم وتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في شتى مجالات الشراكة، لا سيما في الاقتصاد والاستثمار والطاقة والتعاون العسكري والثقافة والرياضة"، بالإضافة إلى "مناقشة أبرز القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية".