الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشخصية المصرية

منى أحمد
منى أحمد

اتفق أغلب من تناولوا الشخصية المصرية على عمق وتنوع التراث الحضاري للشخصية المصرية ، الذي أضفى عليها نوعا من التفرد وجعلها غير قابلة للاختزال أو القسمة ، مهما كانت قوة الضغط الأمر الذي جعلها تحافظ على هويتها عبر آلاف السنين.  

فقد استطاعت الشخصية المصرية على مدار تاريخها  في رأي الدكتور جمال حمدان بمجموعته الأشهر شخصية مصر،أن تحافظ على ثبات هويتها فلم يستطع أي احتلال أو وافد جديد أيا كان، أن يغير من أصالة الهوية المصرية التي تخطت الفوارق العقائدية والعرقية وجمعت على امتدادها التاريخي بين الهلال والصليب، واستوعبت في تفاصيلها كل الثقافات الوافدة التي تعاقبت عليها لتنصهر داخل بوتقة الخصوصية المصرية.

وجاء التنوع ليضفي خصوصية فريدة على الهوية المصرية ، فهي ليست إسلامية فحسب أو مسيحية فقط  أو فرعونية لا غير، أو متوسطية  أو أفريقية إنما هي خليط من ذلك وتلك.

واقترب د.لويس عوض من هذة الرؤية، حيث ذهب إلى أن الهوية المصرية خليط متجانس تكون من مجموعة طبقات متتالية ، الفرعونية قاعدتها التي استند عليها ما تلاها من حضارات يونانية ، رومانية وقبطية ثم إسلامية فعربية فأوروبية، امتزجت كلها في سبيكة مختلفة العناصر طيعة التناغم ،ترتكز على ماض عريق لمصر الفرعونية وكان هذا هو سر تنوعها الفريد.

بينما استطاعت الهوية المصرية أن تحافظ على تماسكها وفق رؤية د.طه حسين في كتابه الأبرز مستقبل الثقافة المصرية، بقدرتها على إعادة إنتاج ذاتها من الداخل . حيث يرى أن الهوية المصرية ظلت تحافظ على حريتها دون جمود ،تتشكل وفق معطياتها دون أن يستطيع أحد تشكيلها  عنوة أو قهرا ، فهذا الأصيل كما يرى عميد الأدب العربي على مدار حضارته الممتدة عبر آلاف السنين لم يتحول من نص مقدس إلى مطية.

أما د.ميلاد حنا فذهب في كتابه الأعمدة السبعة للشخصية المصرية ، إلى أن تنوع انتماءات الشخصية المصرية جعل لها سحرا خاصا وتميزا فريدا ،وهو تنوع جمع بين التاريخ والجغرافيا بين الزمان والمكان.

فعلى مدار التاريخ تعاقبت عليها أربع حضارات ،تنوعت بين التاريخية والعقائدية لكن ظل الانتماء الأصيل للحضارة الفرعونية الأم ، الحاضنة لكل ما تلاها من حضارات توالت عليها.

وكان للتنوع العقائدي ملمح آخر أكثر تميزا في الحالة المصرية ، تنوع بين القبطي والإسلامي وكل منها تعاقب على مصر وتشكل وفقا للهوية والهوى المصري.

وكان للمكان انتماءات أخرى ارتكزت عليها الشخصية المصرية وثلاثة أعمدة جغرافية ،وهى الوطن العربى الذي تقع منه مصر في مكان القلب ، ومتوسطية تطل على البحر المتوسط ، وأفريقية حيث القارة الأم الحاضنة لمصر.

اﻷﻋمدة اﻟﺴﺒﻌﺔ كما يري د.حنا موجودة داخل ﻛﻝ منا بدرجات متفاوتة تختلف باختلاف الرؤى والانتماءات فلكل منا ذاتيته وخصوصيته المتفردة ،وانتماؤه الديني والأيديولوجي التي قد تقترب كثيرا أو تبتعد قليلا بتغير المراحل والنشأة والظروف اﻠﻤﺠتمعية ،لكنها تظل في إطار أرضية مشتركة حاضنة لكل هذه التباينات والمقاربات وهي الأعمدة السبعة التي لا تتساوى بذات القدر ،لكنها تظل  مسيطرة ﻋﻠﻰ التركيبة الجينية لكل مصري مكونة للهوية المصرية وحديث لا ينتهي.