قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الناجي الوحيد من حلفاء هتلر .. فرانسيسكو فرانكو دكتاتور قتل وحج لأجل الحكم

فرانسيسكو فرانكو
فرانسيسكو فرانكو

"حتى قبره لم يتركوه ليهنأ به، فلا يصح أن يدفن مع الشهداء" .. هكذا لسان حال الشعب الإسباني، عند الحديث عن أحد أهم حكامه في العصر الحديث، الدكتاتور فرانسيسكو فرانكو، الذي توفى في 20 نوفمبر عام 1975، بعد أن حكم بلاده بالحديد والنار لمدة 36 عاما.

ومن يرى أوروبا وتحديدا إسبانيا في الوقت الحالي، لا يمكن أن يصدق أنه كان هناك حاكما لها حتى وقت قريب مثل فرانكو، فهو الفاشي حليف النازيين الذي لم يسقط مع نهاية الحرب العالمية الثانية، صاحب أشهر قصة صعود عسكري ليصبح أصغر جنرال في أوروبا بعهده، وكيف أصبح "الحاج عبد السلام فرانكو" ليستغل الجنود المغاربة في حروبه.

من هو فرانكو قائد بطش الثورات

فرانسيسكو فرانكو، هو آخر دكتاتور حكم أسبانيا قبل أن تتحول إلى الديمقراطية، بعد فترة انتقالية لفترة وجيزة عقب وفاته، وولد فرانكو الذي حكم إسبانيا من 1939، حتى 1975، يوم 4 ديسمبر 1892 في إقليم غاليسيا بإسبانيا لأسرة متوسطة الحال، فقد كان أبوه محاسبا في البحرية الإسبانية كما كانت أمه تعمل فيها، فشغف الابن بالبحرية وحياة الجندية.

أخفق فرانكو في الالتحاق بالمدرسة البحرية عام 1907، فتوجه إلى مدرسة المشاة بمدينة طليطلة وتخرج فيها عام 1910 برتبة "ملازم"، بعدها أرسل فرانكو إلى المغرب حيث تولى قيادة الوحدات العسكرية المشكلة من السكان المحليين في منطقة الريف وتطوان، وذلك حينما كانت بلاد المغرب هى إقطاعية تابعة للمملكة الإسبانية.

وفي تلك الفترة بدأ يبرز نجمه العسكري، ولذلك في عام 1916، تم ترقيته إلى رتبة "رائد"، واستدعائه لمهام عسكرية في بلده إسبانيا فشارك عام 1917 في قمع انتفاضة عمال المناجم في أستورياس، ليصبح أحد قادة بطش الثورات ضد نظام الحكم الإسباني.

ولذات المهمة في قمع الثورات، عاد فرانكو عقب ذلك إلى المغرب فأُسندت إليه مهمة محاربة الزعيم المقاوم عبد الكريم الخطابي، واستمر في ذلك إلى 1926. وخلال السنوات التي أمضاها في المغرب، تعلم الدارجة المغربية ولغة أهل الريف الأمازيغ وتعرف على ثقافتهم عن قرب، فكان يُطرب بالموسيقى الأمازيغية وصار له منهم أصدقاء.

أصغر جنرال في أوروبا

وفي أفريقيا التي أمضى فيها فرانكو قرابة عشر سنوات ونصف حقق صعودًا مذهلا حتى وصل إلى رتبة جنرال ليصبح أصغر جنرالات في أوروبا في تلك الحقبة، في حين لم يتمكن أي من زملائه من الرتب العليا من تجاوز رتبة مقدم.

واكتسب شعبية كبيرة بين البرجوازية الإسبانية ومكانة داخل الجيش سمحت له على الرغم من صغر سنه، بالتمتع بوضع متساو مع أكثر جنرالات شهرة، وكونه أحد الأشخاص ذوي أصول عسكرية في وقت حساس في تاريخ إسبانيا: الجمهورية الثانية حسب باين أصبح «أرفع شخصية في الجيش الإسباني.»

فرانكو يقود الانقلاب والحرب الأهلية

في يوليو 1936، قاد ضباط موالون للملكية انقلابا عسكريا على الاشتراكيين المناصرين للجمهورية التي كانت تحكم في تلك الفترة، فاندلعت الحرب الأهلية في إسبانيا، وبادر فرانكو إلى إصدار بيان مؤيد للانقلاب.

عقب موت قائد الجيش خوسيه سان خيرخو زعيم الحركة الانقلابية في حادث تحطم طائرة مروحية بعد أيام من الانقلاب، طار فرانكو إلى مدينة تطوان حيث تولى قيادة الوطنيين وضمن سيطرتهم على الأراضي المغربية الخاضعة للاستعمار الإسباني، في وجه تهديد الجمهوريين المسيطرين على جنوب وشرق إسبانيا المتاخم للمغرب، بينما كانت معاقل الوطنيين منحصرة في الغرب والشمال.

احتدمت المواجهة بين الفريقين، وقررت اللجنة العسكرية للدفاع تسمية فرانكو رئيسا للحكومة في أكتوبر1936، وبحلول فبراير 1938 أضاف إلى هذا اللقب لقبي رئيس الدولة وقائد أركان الجيش، وفي 28 مارس 1939 دخل مدريد منتصرا مستفيدا من دعم ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، وتجنيد واسع في صفوف المغاربة خاصة بمنطقة الريف، ويبدأ فترة حكمه لأسبانيا.

كيف نجا فرنكوا من مقصلة دول الحلفاء لدول المحور

خلال الحرب العالمية الثانية قرر فرانكو التزام الحياد في بادئ الأمر، لكن قناعته بنصرِ الحلفاء جعلته يلتقي الزعيم الألماني أدولف هتلر عام 1940، وقرر عقب ذلك احتلال مدينة طنجة المغربية الخاضعة حينها لوضع دولي، ثم أرسل في 1941 وحدات قتالية لمحاربة الاتحاد السوفياتي على الجبهة الشرقية.

ومع تبدل موازين القوى اعتبارا من 1942، بادر فرانكو إلى العودة إلى الحياد، فأخلى مدينة طنجة ورفض عبور القوات الألمانية إسبانيا للتوجه إلى أفريقيا، وبذلك نجى فرانكوا من مقصلة الحلفاء لدول المحور النازي، رغم ما لاقاه بعد ذلك من حصار لكنه أمر أخف بكثير مما تعرض له كل زعماء دول المحور من قتل وإعدام.

لكن ذلك لم يشفع له بشكل تام، إذ في عام 1946 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة ـبإيعاز من الاتحاد السوفياتي- الدول الأعضاء إلى سحب سفرائها من مدريد فدخلت إسبانيا عزلة دولية استمرت إلى الخمسينيات.

الحرب الباردة تعيده للمشهد والتغاضي عن جرائمه

رأت الولايات المتحدة في قوة نظام فرانكو والاستقرار السياسي بإسبانيا عاملا يُؤهل البلد ليكون قلعة من قلاع مواجهة الشيوعية، فأجرت اتصالات بفرانكو كانت نتيجتها قبوله بإقامة قواعد عسكرية أميركية عام 1953، وعادت إسبانيا إلى نادي الأمم العالمية عام 1955.

واستفاد فرانكو من تحالفه مع الولايات المتحدة في الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، فأقام نظاما سياسيا استبداديا قائما على الحزب الواحد، وألقى بخصومه في السجون والمنافي.

إعدام 20 ألف شخص ومقابر جماعية .. تاريخ دموي

منذ بداية حكمه، وكان فرانكوا صاحب تاريخ دموي، فهو الذي جاء للسلطة على رفات نصف مليون شخص قتلوا خلال الحرب الأهلية ما بين عامين 1936، 1939، ولكنه لم يكتف بذلك، فكان تاريخه يعد الأسوأ بين دول العالم.

أطلق عليه ديكتاتور إسبانيا لما قام به من مجازر انسانية، فقد تسبب في مقتل نحو نصف مليون شخص خلال فترة حكمه للبلاد، وأعدم ما يزيد على 20 ألف شخص، بالإضافة لانتشار المقابر الجماعية، التي جعلت من اسبانيا أكبر بلد تضم مقابر جماعية في التاريخ بعد كمبوديا، بحسب منظمة العفو الدولية وطيلة فترة حكمه عاشت إسبانيا عهدًا من الرعب حتى انتهاء امبراطوريته في 1975.

هكذا أصبح الجنرال الحاج عبدالسلام فرانكو

ومن القصص التاريخية التي تكشف شخصية فرنكو، وكيفية استغلال الدين والشعوب لتحقيق أهدافه، تلك التي صاحبت بداية الحرب الأهلية التي قادها بعد الانقلاب على الحكم، حيث كلف الكولونيل خوان بيكبيدير بمهمة الدعاية للنظام الجديد الديكتاتوري بهدف إستقطاب المغاربة في شمال المغرب إلى جانب فرانكو ليخوضوا معه الحرب الأهلية الإسبانية ضد الحكومة الجمهورية.

وكان الكولونيل يحث المغاربة على الانضمام إلى صفوف ثوار فرانكو واهما إياهم أن الديكتاتور يدافع عن القيم و المبادئ الإسلامية و المسيحية ضد الكفار الشيوعيين و الجمهوريين أعداء الإسلام و المسيحية على حد سواء ، كما حرصت مندوبية شؤون الأهالي بتطوان بأوامر من فرانكو نفسه إلى تنظيم و تسيير عدة رحلات للحج للمغاربة و قد إلتقى فرانكو بوفد للحجاج في ميناء إشبيلية أثناء عودتهم من الحج على بارجة ألمانية.

وحينها خطب فيهم قائلا : لقد كانت إسبانيا و الإسلام دائما على تفاهم و في الفترة الحالية ظهر عدو ضد الإنسانية و الدين و ضد كل المؤمنين مسلمين و مسيحيين والذين لهم عقيدة ، و يجب أن نتحد لمواجهة هذا الخطر … و يقصد الشيوعيين و الجمهوريين .

كما أكد المؤرخ المغربي ابن عزوز حكيم أن من ضمن وفود الحجاج المغاربة من أقسم أنه رأى فرانكو يؤدي مناسك الحج و مازال من بقي من قدماء المحاربين على قيد الحياة إلى اليوم لا يذكر فرانكو إلا مقرونا بالحاج.

الانتقام من قبره بعد نصف قرن

ورغم أن وفاة الدكتاتور فرانكو في 20 نوفمبر من سنة 1975 عن عمر ناهز 82 سنة، قد أنهت حقبة دكتاتورية سوداء مرت بها إسبانيا، إلا أن قصصه لم تنتهي، فجرائمه التي ارتكبها جعلت البشرية تنتقم منه بعد أن وارى جسده التراب.

دُفن جسد فرانكو، في "وادي الشهداء"، مع عشرات الآلاف من ضحايا الحرب الأهلية من الجانبين، وذلك دفع عددا كبيرا من الإسبان أن يروا أن المكان تجسيد لانتصار القوات الموالية لفرانكو على معارضيه الجمهوريين، كما أن جزءاً من الضريح بُني على يد السجناء السياسيين الذين استغلتهم حقبة فرانكو كعمالة إجبارية، كل هذا دفعالحكومة الإسبانية، بإصدار قرار في 2021، بنقل رفاته إلى مقبرة أخرى شمال مدريد، بجانب رفات زوجته.