EN 
أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز والكهرباء وبالتالي ارتفاع أسعار السلع والخدمات والمواد الغذائية في معظم أنحاء العالم وخاصة الدول الأوروبية، وسببت هذه الموجة حالة من التضخم العالمية لا تزال آخذة في التفاقم، ولم يشهد العالم مثيلاً لها منذ عام 2008.
وطرقت الأزمة الروسية الأوكرانية أبواب الدول الأوروبية كافةً، شعوباً وحكومات، من إيطاليا، حيث باتت بنوك الإطعام توسع أعمالها يوماً بعد آخر، وصولاً إلى ألمانيا وفرنسا التي يعد مسؤولوها خططا لتقنين الغاز الطبيعي وإعادة تشغيل محطات توليد الطاقة بالفحم الحجري.
سعي فرنسي ومناشدة ألمانية
وفيما يقول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن حكومته تسعى إلى الحفاظ على الطاقة من خلال إطفاء الأنوار ليلاً واتخاذ تدابير مماثلة، فإن المسؤولين الألمان يناشدون مواطنيهم والشركات للعمل على توفير الطاقة وتخفيض استخدام التدفئة وتكييف الهواء في المباني العامة.
وحذر وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، من أن بلاده قد تواجه نقصا في الغاز الطبيعي إذا ظلت الإمدادات الروسية منخفضة، كما عليه الحال في الوقت الراهن، وسيتعين إغلاق بعض الصناعات مع حلول الشتاء.
فرنسا وأزمة غذاء وطاقة وغلاء
وفي هذا الصدد، قال خالد شقير، صحفي مختص بالشأن الفرنسي ورئيس جمعية مصر فرنسا 2000، إن الرئيس الفرنسي تخوف من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية لذلك تحرك يمينا ويسارا طارا اتجاه روسيا وطارا اخري اتجاه أوكرانيا رغم الانتقادات التي نالته.
وأوضح شقيرـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن الرئيس الفرنسي مدرك تماما أن هذه الأزمة تؤدي من خلالها إلى أزمات أخري كما حدث في أزمة الغذاء والطاقة وقد تحولت إلى أزمات اقتصادية واجتماعية، وما تشهده الآن فرنسا هو بداية لصراع فرنسي امريكي وظهر وهذا ظهر جليا من خلال انتقادات تم توجيهها من وزير الاقتصاد الفرنسي "برونو لو مير" والذي تحدث عن العولمة ونوعها طريقتها.
وتابع: وزير الاقتصاد أكد أن على الأوروبيين يدركوا أمر التعامل مع الشركات الأمريكية وتشجيع المنتجات الأمريكية، وأيضا الصين يعطي إشارة ودلالة على أن المصالح التجارية الآن تقضي على الأوروبيين أن يتعاملون بجدية مع منتجاتهم، ولهذا تحولت الأزمة من تحالف سياسي من الولايات المتحدة الأمريكية والحليف الأوروبي إلى أزمة تجارية يمكن أن تنتج عنها أزمات سياسية.
ارتفاع الخبز بنسبة 8%
وأكد أن هناك زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي مع الرئيس بايدن وهذه من ناحية الأزمة الاقتصادية والتضخم الذي يضرب فرنسا وهناك محاولات لتقديم بعض من الحزم طارة للأفراد والأسر وطارة أخرى إلى الشركات الأغذية ومصانع الإنتاج، لأن الخبز شهد ارتفاعا بنسبة 8% بسبب ارتفاع أسعار الحبوب والطاقة.
وأوضح أن فرنسا مثلها مثل معظم الدول الأوروبية التي تعاني من أزمة حقيقية في الطاقة ولكن بيتم التعامل معها بترشيد من الاستهلاك، ومازالت ازمة الغذاء تداعياتها ترمي بثقلها وسط التضخم ومن المتوقع ان يصل بنهاية العام إلي ما يقرب من 10% حسب المختصين.
ألمانيا وأزمة التضخم وارتفاع أسعار
ومن جانبه، قال رئيس أمانة المهاجرين بالحزب الاشتراكي الديمقراطي بولاية براندنبورغ SPD، محمد صلاح، إن الحرب الروسية الأوكرانية لها تبعيات عالمية وبالأخص على أوروبا وألمانيا.
وأوضح صلاح ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن معدل التضخم في ألمانيا الذي يقاس بالتغير في مؤشر أسعار المستهلك (CPI) مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي + 10.4٪ في أكتوبر 2022. وأبدى جورج ثيل، رئيس المكتب الفدرالي للإحصاء: لا تزال الأسباب الرئيسية لارتفاع التضخم هي الزيادات الهائلة في أسعار منتجات الطاقة.
وتابع: لكننا نشهد أيضًا ارتفاعًا متزايدًا في أسعار العديد من السلع والخدمات الأخرى، وأصبح ارتفاع أسعار المواد الغذائية الآن ملحوظًا بشكل خاص بالنسبة للأسر الخاصة، كما أفاد المكتب الفدرالي للإحصاء (Destatis) أيضًا، ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 0.9٪ في أكتوبر 2022 مقارنة بشهر سبتمبر 2022.
وأكد أنه استمرت التأثيرات الخاصة الناتجة عن الحرب والأزمة في تكثيف الاتجاه التصاعدي في الأسعار، بالإضافة إلى الزيادة في أسعار جميع منتجات الطاقة نتيجة الحرب والأزمة، تؤثر اختناقات التسليم والزيادات الكبيرة في الأسعار في القطاعات الاقتصادية الأولية على معدل التضخم، ونتيجة لذلك، أصبحت السلع والخدمات الأخرى أيضًا أكثر تكلفة، وخاصة العديد من الأطعمة.
وأضاف أن بالفعل الحكومة قامت بجهد حثيث وكبير لمواجه التضخم ودعم المواطنين والاقتصاد بحِزم تقدر بعشرات المليارات، مثلا كان هناك تدبيرين مؤقتين من حزمة الإغاثة الثانية في سبتمبر 2022 بتذكرة 9 يورو وأيضا خصم على الوقود، بخلاف ضخ 300 يورو إضافي لملايين من العمال والموظفين على مرتباتهم وبعد انتهاء تأثير هذه الحزم بالأشهر الماضية، تسارع الاتجاه التصاعدي العام في الأسعار بالفعل في الشهر الماضي وقفز معدل التضخم إلى 10.0٪ حسبما ورد عبر المكتب الاحصائي.
واختتم: تأثيرات هذه الحرب اطالت القاصي والداني وألمانيا شأنها شأن أي دولة تضررت بارتفاع أسعار الطاقة والحبوب، وخصوصا انها كانت تعتمد على أكثر من نصف احتياجاتها البترولية من روسيا لكن المانيا دولة صناعيه كبرى وغنية ولديها الاليات والامكانيات المالية الجبارة والانضباط المالي التي من خلالهما تستطيع مواجهه اي تحديات وصعوبات على الساحة وهذا ظهر بقدرتها على ضخ مئات المليارات والحِزم المالية لدعم الاقتصاد والمواطن.
الحرب الروسية وتداعياتها على الدول الأوروبية
وتعتبر ألمانيا من أكثر الدول الأوروبية التي تعاني من أزمة التضخم وارتفاع الأسعار التي واجهت القارة العجوز في الأون الأخيرة وذلك بسبب استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.
حيث سجل التضخم في ألمانيا أعلى المعدلات منذ أكثر من 30 عاما، ووفقا لمسح أجرته وكالة الأنباء الألمانية اضطر52% من الألمان لتغيير عاداتهم الاستهلاكية اليومية، حيث كشف المسح إلى أن 44% من المواطنين بألمانيا أوقفوا شراء المنتجات الترفيهية أو الفاخرة"؛ حيث بدأ 31% من المواطنين في تجنب تناول وجباتهم بالمطاعم توفيرا للمال، أيضا أشار الاستطلاع إلى أن المواطنين في ألمانيا بدأوا بالاهتمام بالعروض الخاصة، واختيار المنتجات الأرخص ثمنا، والتوقف عن شراء المياه المعبأة.
وأيضا تكافح الحكومة المجرية الارتفاع القياسي في الأسعار خاصة المواد الغذائية، وقالت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية إن التضخم بالمجر قفز الى مستويات لم تشهدها البلاد منذ 25 عاما، حيث ارتفع التضخم في المجر إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 1996، حيث تجاوز التضخم 21% على أساس سنوي، وشهدت بعض المواد الغذائية ارتفاعا غير مسبوق حيث ارتفعت أسعار البيض بنسبة 87%، وارتفعت أسعار الخبز 81.4٪.
