الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف تكون مستجاب الدعاء؟.. علي جمعة: لا تأكل من هذا الطعام

لا تأكل من هذا الطعام
لا تأكل من هذا الطعام

لاشك أن معرفة  كيف تكون مستجاب الدعاء ؟، هي أكثر ما سيسعى الإنسان للحصول عليه واغتنامه ، لأن الفوز بدعاء مستجاب يعني فتح كل أبواب الخير والنعيم في الدنيا، حيث الرزق وتحقق الأحلام والأمنيات، وقد أرشدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى كيف تكون مستجاب الدعاء ومن ثم من الصالحين.

كيف تكون مستجاب الدعاء

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن نصوص الكتاب العزيز والسنة النبوية توضح أهمية الطعام في الإسلام، ولا يخفى أن قصة آدم عليه السلام في القرآن بينت نكد آكل الطعام المخالف وجعلته سببًا للطرد من الجنة.

واستشهد «جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن : كيف تكون مستجاب الدعاء ؟، بما قال تعالى: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ) وقال الحسن البصري رضي الله تعالى عنه: (كانت بلية أبيكم آدم أكله، وهي بليتكم إلى يوم القيامة).

وأوضح أن الطعام الحلال في نفسه، والذي جاء بطريق حلال يؤهل صاحبه أن يكون من الصالحين، وأن يكون ممن يستجاب دعاؤه، يقول النبي  -صلى الله عليه وسلم- : «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء» «رواه الطبراني في الأوسط».

ودلل لما ورد عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- : «يا أيها الناس، طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك» أخرجه الإمام مسلم .

وأضاف أن تحري الطعام الطيب يتم بثلاثة محاور: أن يكون طيبًا في نفسه بأن يكون ممن أباحه الله، وكذلك يكون طعمه طيبا، ويكون قد وصل إلى الناس من طريق حلال «الكسب المشروع»، والإنسان الذي يخرج بالطعام عن مراد الله هو الذي لا يبالي من حلال كسبه أو من حرام، ولا يبالي هل الطعام في نفسه مما أحل الله أم لا؟ وهل الوقت الذي يأكل فيه الطعام مما أباح الله له الأكل.

وتابع:  «فالمسلم ممنوع من الأكل في نهار رمضان»، فإذا لم يراع كل هذه الأشياء يتدنى بنفسه وبإنسانيته وبشريته من مرتبته كخليفة الله تعالى على الأرض، ويشابه غير البشر من الحيوانات التي تأكل دون أن تراعي أي نظام، غير أن تلك الحيوانات لا تحاسب بعدم مراعاتها هذه الأمور.

وأشار إلى أنه قد ذكر ربنا سبحانه وتعالى ذلك الشبه في كتابه فقال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)، منوهًا بأنه قد يسأل سائل عن وجه شبه أكل الكفار بالأنعام؟ فالحقيقة وجه الشبه هو أن الحيوان لا يرى قيودًا ولا ضوابط على شهواته ورغباته والتي منها رغبته في الطعام.

واستطرد: فيأتي شهواته في أي وقت ومن أي طريق وبأي شكل، وأساس رقي الإنسان أنه يرى أن هناك قيودًا وضوابط على رغباته وشهواته والتي منها رغبته في الطعام فهناك قيود شرعية تبين إطار قضاء تلك الشهوات أو الرغبات، وهناك قيود اجتماعية تحدد له الشكل المقبول في مجتمعه لأدائها، فإذا ألغى الإنسان تلك القيود والضوابط فهو عندئذٍ يتدنى إلى درجة الحيوانات.

وأفاد بأن ذلك يجعلنا نلاحظ أن الإنسانية والحضارات البشرية كان سموها ورقيها الحقيقي هو الرقي الأخلاقي، والذي يعبر عن الالتزام بالقيود الدينية والاجتماعية، وأن معنى الحرية المغلوط الذي يروج إليه هو في الحقيقة رجعية مقيتة.

وواصل:  ولكنها ليست رجعية تؤدي بالإنسان لعصور الظلام فحسب، بل تؤدي به إلى حياة الحيوانات وقوانين الغاب التي نسأل الله ألا تصل إليها البشرية في يوم من الأيام، والحرية بهذا المعنى أجدر بنا أن نسميها التفلت لأنها تعني غياب الحواجز والقيود أمام رغبات الإنسان وشهواته ولفظ الحرية لفظ جميل يجب ألا نستعمله لهذا المعنى القبيح، بل يكون معناه حرية الإنسان في تفكيره وتأمله ورأيه لا بمعنى التفلت.

ولفت إلى أنه أمرنا الله عز وجل أن نطعم الطعام للناس لوجه الله تعالى، قال سبحانه: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) بل إن إطعام الطعام لا يقتصر على الفقير والمحتاج والمسكين والأسير –وإن كانوا هم أولى من غيرهم- بل يمتد ليكون سلوكًا اجتماعيًا يشيع في المجتمع فتكثر المودة والمحبة والترابط بين أفراده، ولقد أكد رسول الله  -صلى الله عليه وسلم-  على هذا السلوك فور وصوله المدينة، حيث قال: «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» «رواه ابن حبان».