الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عصا الكرازة والورد الرئاسية

ماريان جرجس
ماريان جرجس

في قلب البيداء المظلمة في ليلة باردة الطقس، دافئة القلوب، وبخطوات ثابتة على ممر كاتدرائية ميلاد المسيح، انطلقت رسالة سلام من قلب مستنير للبشرية جمعاء على لسان السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، في وقت متأزم من عمر الأرض يعجز فيه البعض عن الوصول إلى قداس عيد الميلاد في أوكرانيا، حتى نادى رئيس الكنيسة الأرثوذكسية بمنح ستة وثلاثين ساعة من وقف إطلاق النار حتى يتمكن المواطنون من صلاة قداس عيد الميلاد.

أمّا من كاتدرائية الميلاد، فحرص الرئيس على تقديم باقة الزهور البيضاء لقداسة البابا تواضروس، وكأن كلا منها مُهداة لأقباط مصر، وكأنه يقول لكل مسئول إن هذه هي المواطنة الأنيقة التي يجب علينا جميعًا أن نمارسها، فنتهادى ونتحابب حتى في ظل الأوقات العصيبة، لأن الوحدة هي سر صمود تلك الأمة. 

بل وينتهز تلك الدقائق القليلة بين صيحات الفرح ليؤكد ويطمئن الجميع أن مصر على دراية بمجريات الأمور، وأنها تعلم أن هناك عالمًا جديدًا يتشكل اليوم، ولا تنكر التحديات والمشاكل التي نحن بصدد، بكلمات شفافة وكاشفة وبسيطة، واثقين في الله وفى قدرة الدولة المصرية.

وقد لوحظ على مدار زيارات السيد الرئيس لقداس عيد الميلاد مع بداية كل عام جديد، تغير مجتمعي، فلا شك أن تلك الممارسات الصحية النقية الصادقة تلقى بظلالها وتؤثر إيجابا على المجتمع على صعيدين، فالصعيد الأول؛ هي أفعال تفتح شهية المواطنين على تهنئة بعضهم البعض إثر تلك الحالة الإيجابية التي يخلقها الرئيس لحظة تطأ قدماه الكنيسة، وتوطد أواصر الإنسانية وتحفز الجميع على تهنئة بعضهم البعض بالأعياد، وتبدأ قنوات التهاني المتبادلة في الأعياد والمناسبات بين الجانبين.

أمّا على الصعيد الآخر، وهو حائط الصد، أو المناعة المجتمعية التي تملأ الفراغ المجتمعي الذي كان موجودًا في فترة ما، حيث قام أهل الشر ببث الفرقة في نفوس المصريين بهدف التقسيم وتحريم وتجريم التهاني، مما لا يتناسب مع أي دين من أدياننا السماوية التي تدعو للتسامح والمحبة والإخاء.

تلك المناعة المجتمعية بدأت مع أول زيارة من السيد الرئيس لقداس الميلاد وباتت تنمو وتنضج وتزداد وتتبلور مع كل كلمة قالها عن المواطنة وعن أن صحيح الدين لا يدعو إلا للسلام والمحبة، حتى باتت أصوات ضعاف النفوس ومن يجرمون التهاني حتى بالعام الميلادي الجديد خافتة ولم يعد أحد يسمعهم.

ومن ثم، نستطيع القول إن الحالة المجتمعية تلك، خلقت مناعة اجتماعية صلبة وكل عام تحظى بجرعة معززة للحفاظ على المكتسبات الإيجابية وعلى اللقاح الدائم لوحدة الشعب المصري، أليس واحدا من حقوق الإنسان أن يحتفل الإنسان بأعياده الدينية في سلام وبمباركة الجميع وأن يستقبل التهاني فيشعر بالدفء في وطنه؟ لنا أن نتخيل مواطنا يحتفل بعيده دون تهاني وهو على أرض الوطن؟ أليست هذه هي الغربة الحقيقية؟

إذًا حقوق الإنسان لا تقتصر على حرية الرأي بل تشمل آدمية الحياة والحق في حياة آمنة، وعلى الاحتفال بعيد دافئ وعلى الحق في التنمية، فلنا الحق، كل الحق، اليوم أن نقول إن مصر لديها ما تضيفه إلى قاموس الحريات ومنظمات حقوق الإنسان، ومهما طالت العتمة سيظل النور منبعثًا من الأراضي المصرية.