الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الاتفاق السعودي الإيراني.. لماذا الصين؟!

عمر الأحمد - كاتب
عمر الأحمد - كاتب وصحفي إماراتي

‎بلا مقدمات، هي مفاجأة مدوية بلا شك، الاتفاق السعودي الإيراني صدم المجتمع الدولي، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، اشتعلت الشبكات الإخبارية وبرامج التحليل السياسي وحسابات المراقبين والمختصين في برامج التواصل الاجتماعي بالحديث عن هذا الاتفاق، ولكن النقاشات الأكبر والتساؤلات الأكثر، أتت في جانبين: أين أمريكا؟ ولماذا الصين؟!

تعد إحدى المشاكل الأزلية التي تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية هي عدم استقرار توجهاتها وخططها للسياسة الخارجية، وبلا شك يرجع ذلك إلى الحزب الذي يتولى زمام الأمور في البيت الأبيض، إن كان جمهوريا فالتوجه يكون في تعزيز السياسة الخارجية وتقوية الاقتصاد الأمريكي، ويأتي ذلك عن طريق تعزيز علاقاتها بالدول ذات الاقتصاد القوي وعلى رأسها الدول الخليجية، وإن كان ديموقراطيا تُرفع الشعارات والحريات الزائفة على حساب العلاقات الخارجية والواقعية السياسية، وبالطبع يقل الاهتمام بالعلاقات مع الدول الخليجية. 

وقد يكون ذلك طبيعيا بسبب تغير الأحزاب، إلا أن التباين وتأثيره برز أكثر في العقدين الماضيين.

ومنذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض، لم تعد العلاقات السعودية - الأمريكية كما كانت في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حتى وإن كانت هناك محاولات من الطرف الأمريكي لتلطيف العلاقات مع الرياض، إلا أن الجليد لا يزال صلبا. 

والأسباب كثيرة لا يسعنا المجال لسردها، إلا أن ما أود التطرق إليه، هو دخول بكين على خط المفاوضات بين الرياض وطهران، والأدهى أن بكين نجحت في مساعي الاتفاق بين الطرفين، حتى وإن كان مبدئيا ومشروطا، وهو ما شكل صفعة في وجه واشنطن، والحزب الديموقراطي تحديدا.

إحراج بايدن سيكون له تبعاته على الداخل الأمريكي، وعلى رسم صورة السياسة الخارجية الضعيفة، وفي إيصال رسائل للشارع الأمريكي بأن بلدهم بدأت تخسر حلفائها الأوفياء و"الأغنياء" في الخليج العربي. 

وكأس السم يكمن في أن من قام بالتوسط بين الخصمين (السعودية وإيران) هي الصين، والتي تعد الخصم اللدود لواشنطن، أي حالة إحراج تعيشها واشنطن هذه الأيام!

وفي الوقت ذاته، لا بد من القول إن الصين لم ولا تتدخل في السياسات الداخلية للدول، بل إن ذلك ليس من شيمها السياسية، الصين لا تحاول تصدير ثقافات غير أخلاقية وعلى الدول الأخرى تطبيقها، الصين لا تحاول فرض سياساتها على الدول الأخرى، ولطالما احترمت الصين الثقافة العربية بالتحديد، ولطالما كانت الصين دولة صديقة، تحاول تبني نهج الربح المشترك للجميع WIN-WIN situation ، حتى في المشاريع الاقتصادية. 

وعلاوة على ما تم ذكره، فإن السياسة الخارجية الصينية تتمتع بالاستقرار والوضوح. ولست هنا في معرض الترويج للسياسة الصينية ومقارنتها بالأمريكية، ولكن الواقع يفرض نفسه، وما أنا إلا واصفا له.

أتذكر ما قاله الكاتب والمحلل السياسي السعودي الدكتور هشام الغنام، في ملتقى "أبوظبي الاستراتيجي" الذي عقد في شهر نوفمبر من العام الماضي 2022، وينظمه كل عام مركز الإمارات للسياسات، بأن الصين لا تتمتع بعلاقات خاصة مع إيران كما يشاع في الأوساط الغربية ويروج لنا، بل إن علاقاتها مع طهران لا تتعدى العلاقات الدبلوماسية الاعتيادية مع باقي الدول.

وأضاف الغنام أن العلاقات الصينية - الخليجية هي ما يمكن وصفها بالخاصة والاستراتيجية، لعدة عوامل أهمها الاهتمامات الاقتصادية المشتركة. 

الاتفاق السعودي - الإيراني وبرعاية ووساطة صينية، وحتى إن لم تلتزم طهران بما اتفقت عليه، (حسب توقعات بعض المراقبين)، إلا أنه يبقى مؤشرا خطيرا على ضعف ومرض السياسة الخارجية الأمريكية، وعلى تراجع تأثيرها في المجتمع الدولي. 

ولا بد لي أيضا من الإشادة بالدهاء السياسي للرياض، الاتفاق بلا شك ضربة معلم.