أول جمعة في رمضان.. خطيب المسجد الحرام : اشتر نفسك سوق المغانم قائم

قال الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن نِعم المجاهدة أن تغلب هوى نفسك وتزكيَها، ونِعم الأرض نفسك إن بذرت الخير فيها، فقد قال خالق النفس وباريها: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾.

اشتر نفسك اليوم

وأوضح " غزاوي"  خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن السعيد من نظر إلى الدنيا اعتباراً لا اغتراراً، وعمل الخير بداراً لا انتظاراً، فبادر بالعمل واشتر نفسك اليوم فإن سوق المغانم الأخروية قائمةٌ والثمنَ موجودٌ والبضائعَ وافرة.

وأضاف أنه سيأتي على تلك السوقِ والبضائعِ يومٌ لا تصل فيه إلى قليلٍ ولا كثيرٍ، فقال الله عز وجل: ﴿ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾، ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ﴾ وإن من الناس من تتاح له فرص ثمينة للمتاجرة الرابحة فلا ينتهزها.

 وتابع:  فإذا انفرط عليه العمر وانقضى الزمان ندم على أنه لم يستدرك ويُحصِّل كما حصل غيرُه واجتهد، منوهًا بأنه قد أقبل علينا رمضان من جديد بفضل الله ومنته، فنحمد الله على نعمته، لكن تأملوا في حالنا بعد بلوغ شهرنا فمنا من شهد معنا أول الشهر إلا أنه ما لبث أن باغته الأجل فارتحل.

حالنا بعد بلوغ شهرنا

وأشار إلى أن منا من أدرك رمضان إلا أنه عاجز عن الصيام والاغتنام لمرضه أو كِبَر سنه، ومنا من هو محروم عياذاً بالله، قد استحوذ عليه الشيطان فقطع صلته بدينه الذي هو عصمة أمره، فلا صلاة ولا صيام، وإنما اكتفى أن ينتسب اسماً للإسلام، ومنا من وفقه الله فحرَص على الصيام والتزود من الطاعات.

واستطرد: وهم درجات وأفضلهم وأسعدهم حظاً ذلك الموفق الذي قدَر لرمضان قدره وعرف شرفه وفضله؛ فأقبل عليه أفضل إقبال، وشمّر عن ساعد الجد واجتهد لينال النصيب الأوفر من الخير وصالح الأعمال، مشيرًا إلى أنه قد كان من الناس من فرط في رمضان المنصرم فتحسر بعد فواته على تفريطه وأحس بتقصيره وصار مشتاقاً لبلوغ رمضان المقبل عازماً على أن يستدرك ما فاته ويقبل.

وأفاد بأنه ها هو ذا قد بقي وبلغه الله ما كان يبغي؛ فماذا هو فاعل الآن؟! وهل سيتلافى ما كان من غفلة وإضاعة وعصيان؟! ، مشيرًا إلى أن النفوس يحصل لها شيء من الشرود والابتعاد والغفلة والفتور، ثم بعد ذلك يأتي هذا الشهر ليصقُلَها، ويعيدَها إلى جادتها ، فتستقيمَ على أمر الله، وتحصلَ لها الذكرى واليقظة.

تحصل لها الذكرى واليقظة

وواصل: كما يكون للعبد من الفكر وحياة القلب ما يحمله على طاعة مولاه، والكف عن كل ما يَشينه ولا يليق، ويجد في قلبه من الرغبة في الخير ما لا يجده في غير هذا الشهر، فلنستشعر ما نحن فيه ونقبلْ بتوبة نصوح ونستكثرْ من الطاعات والباقيات الصالحات في موسم الخيرات والنفحات.

وأوصى ، قائلاً: ولنبادر بالاغتنام ونملأ النفوس بالإيمان؛ لنحقق التقوى ورضى الرحمن، منوهًا بأن من الحوافز التي تدفع لاغتنام هذه الأيام قوله عليه الصلاة والسلام "إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقتْ أبوابُ النارِ فلم يُفتحْ منها بابٌ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ فلم يُغلقْ منها بابٌ، ويُنادي منادٍ كلَّ ليلةٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبلْ، ويا باغيَ الشرِّ أقْصرْ، وللهِ عتقاءُ من النارِ، وذلك كلَّ ليلةٍ".

واستشهد بقوله صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " وقوله صلى الله عليه وسلم "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" وقوله صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبريلُ ، فقال: رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له ، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين".