الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التمثال الأسطوري يشغل العالم .. فريق علمي أمريكي يكشف أسرار نشأة أبو الهول

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كان التصور السائد منذ آلاف السنين هو أن التمثال الحجري المرعب الذي يجمع بين رأس الإنسان وجسم الأسد هو من صنع البشر، ولكن علماء من نيويورك اكتشفوا أن الطبيعة كان لها تأثير حاسم في تكوينها، حيث قامت مجموعة علمية بإجراء أبحاث متعمقة للكشف عن أسرار أسطورة أبو الهول التي حيرت العالم. 

وبحسب فريق علمي أمريكي، يعد تمثال أبو الهول بالجيزة في مصر أحد أكبر الهياكل على وجه الأرض المنحوتة من صخرة واحدة، ويعد هذا أحد المواقع الأكثر زيارة في مصر، حيث يعتقد الكثيرون أن التمثال العملاق المبني من الحجر الجيري ويصل طوله إلى 73 مترًا، تم بناؤه في ذروة مملكة مصر القديمة، حوالي القرن السادس والعشرين قبل الميلاد، وعلى الرغم من العمل الاستقصائي المكثف الذي تم إنجازه، إلا أن العديد من التفاصيل حول ماضيه لا تزال محاطة بالضباب، والأسرار، ومن بين أمور أخرى، ليس من المعروف بوضوح من الذي يشكل الوجه النموذج أمام أبو الهول، ومتى تم بناؤه بالضبط، ولأي غرض، ومن قام ببنائه.

 

أسرار عمرها 4500 عام 

 

ولكن يبدو أن لغزًا واحدًا قد تم حله، وهو أن مجموعة من العلماء يقولون إنهم اكتشفوا بالضبط كيف تم بناء هذا التمثال منذ أكثر من 4500 عام لعدة قرون، واتفق الخبراء على أن الهيكل قد نحت من قبل الإنسان، لكنهم لم يتمكنوا أبدًا من التوصل إلى نتيجة نهائية حول كيفية تشكيل الجسم الضخم متعدد الطبقات في المقام الأول.

 

والآن، تدعي دراسة أجراها باحثون من جامعة نيويورك ونشرت في مجلة Physical Review Fluids، أن التآكل يمكن أن يخلق أشكالًا تشبه أبو الهول، وقال ليف ريستروف، كبير مؤلفي الدراسة، في بيان: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى قصة أصل محتملة لكيفية تشكل التكوينات الشبيهة بأبي الهول من التآكل، وقد أظهرت تجاربنا المعملية أنه من المدهش أن الأشكال التي تشبه أبو الهول يمكن أن تأتي في الواقع من مواد تتآكل بسبب التدفق السريع".

 

شراكة الطبيعة في إلهام البشر 

 

 

وبحسب الفريق العلمي الأمريكي، فإن ما توصل إليه الفريق لا يعني فقط أن الطبيعة كان لها دور في خلق التمثال الأسطوري، بل ربما حتى أن هيكل الحجر هو الذي ألهم المصريين لتحويله إلى تمثال على شكل رجل برأس أسد في المقام الأول، وكتب ريستروف وفريقه: "تظهر هذه النتائج ما واجهه القدماء في الصحاري المصرية ولماذا تخيلوا هذا المخلوق الرائع".

ولاختبار نظريتهم، قام الفريق بتحليل كيفية تشكل الرياح وتحركها ضد تكوينات صخرية غير عادية تسمى ياردانغ، وهي عبارة عن تلال منخفضة منحوتة في الصخور الناعمة بواسطة الرياح في الصحاري المسطحة، وأخذ الباحثون أكوامًا من الطين الناعم تحتوي على مادة أكثر صلابة وأقل قابلية للتآكل لمحاكاة السطح في شمال شرق مصر، ثم غسلوا هذه التكوينات بتيار مستمر من الماء بسرعة عالية بحيث تتصرف مثل الرياح، في النهاية، أصبح الطين مشابهًا لتكوين يشبه أبو الهول وربما تم استخدامه كقاعدة للنحت اللاحق من قبل البشر.

 

الاعتماد على نظرية فاروق الباز 

 

 

واختبرت التجربة نظرية اقترحها الجيولوجي فاروق الباز لأول مرة في عام 1981، والذي قال إن أبو الهول العظيم تشكل بشكل طبيعي عن طريق الرياح التي أدت إلى تآكل الرمال، وقد أسفرت تجربة جامعة نيويورك لإعادة إنشاء الياردانج عن هيكل برأس أسد، ورقبة أرق، ونوع من الكفوف التي تستقر على الأرض في الأمام، وظهر مقوس، وقال ريستروف: "توجد اليوم في الواقع ياردانج في جميع أنحاء العالم تبدو بالفعل مثل الحيوانات جالسة أو مستلقية، وهذا يدعم استنتاجاتنا".

وأشار إلى أن عمله قد يكون مفيدًا أيضًا للجيولوجيين لأنه يكشف عن عوامل تؤثر على التكوينات الصخرية – أي أنها ليست متجانسة أو موحدة في تركيبها، وأوضح أن الشكل غير المتوقع للصخور يعتمد على كيفية تأثير الانجراف والتدفق على الأجزاء الصلبة والأقل صلابة من الصخر.

 

تمثال أسطوري 

وأبو الهول هو تمثال لمخلوق أسطوري بجسم أسد ورأس إنسان وقد نحت من الحجر الكلسيّ، ومن المرجح أنه كان في الأصل مغطى بطبقة من الجص وملون، ولا زالت آثار الألوان الأصلية ظاهرة بجانب إحدى أذنيه، ويقع على هضبة الجيزة على الضفة الغربية من النيل في الجيزة، مصر، ويعد أبو الهول أيضاً حارساً للهضبة، وهو أقدم المنحوتات الضخمة المعروفة، يبلغ طوله نحو 73.5 متر، من ضمنها 15 متر طول قدميه الأماميتين، وعرضه 19.3 م، وأعلى ارتفاع له عن سطح الأرض حوالي 20 متراً إلى قمة الرأس. 

يعتقد أن قدماء المصريين بنوه في عهد الملك خفرع (2558 ق.م -2532 ق.م)، باني الهرم الأوسط في الجيزة، ومن المعتقد أن تمثال أبي الهول كان محجراً قبل أن يفكر الملك خفرع في نحته على شكل تمثال، وينظر هذا التمثال ناحية الشرق لذا قد تم تغيير الجهات الأصلية في القرن الماضي لتوافق نظر أبي الهول، وهو منحوت من إحدى صخور هضبة الجيزة، والتي كانت أيضًا بمثابة مقلع لـ أهرام الجيزة والآثار الأخرى في المنطقة. 

نيموليت الحجر الجيري للمنطقة يتكون من طبقات ذات مقاومة مختلفة لتعرية الرياح، ما يفسر التدهور غير المتكافئ الظاهر في جسم أبو الهول، فالجزء السفلي من الجسم، بما في ذلك الساقين، مكون من صخرة صلبة، أما باقي جسم الحيوان حتى رقبته فيتكوّن من طبقات أكثر ليونة تعرضت لتفكك كبير، والطبقة التي نحت فيها الرأس هي أصعب بكثير، فمن المعروف وجود عدد من الأعمدة «المسدودة» داخل وأسفل جسد أبو الهول العظيم، وعلى الأرجح حفرها صائدي الكنوز ولصوص القبور قبل عام 1925، حيث كان هناك فجوة كبير مماثلة لتلك الموجودة في الجزء العلوي من رأس أبو الهول، ويُعتقد أنها ربما كانت نقطة تثبيت لتاج أو غطاء رأس منحوت تمت إضافته خلال فترة المملكة المصرية الحديثة.