الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عجائب بسم الله الرحمن الرحيم.. فضلها وأسرارها وكم مرة وردت بالقرآن

عجائب بسم الله الرحمن
عجائب بسم الله الرحمن الرحيم

يغفل الكثيرون عن عجائب بسم الله الرحمن الرحيم، حيث يرددها الناس في صلواتهم الخمس وعند قراءتهم لآيات الذكر الحكيم لكن ما هي عجائبها وفضلها وأسرارها، هذا ما نوضحه في التقرير التالي.

عجائب بسم الله الرحمن الرحيم

وقد جاء ذكر بسم الله الرحمن الرحيم في القرآن الكريم 114 مرة، مع بداية كل سورة فيما عدا سورة التوبة، إلا أنها تكررت مرتين في سورة النمل، ويطلق عليها اصطلاحا بالبسملة، يذكر السعدي في تفسيره (بسم الله الرحمن الرحيم) بسم الله الباء أداة تخفض ما بعدها مثل من وعن والمتعلق به الباء محذوف لدلالة الكلام عليه تقديره أبدأ بسم الله أو قل بسم الله .

وأسقطت الألف من الاسم طلبا للخفة وكثرة استعمالها وطولت الباء قال القتيبي ليكون افتتاح كلام كتاب الله بحرف معظم كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول لكتابه طولوا الباء وأظهروا السين وفرجوا بينهما ودوروا الميم .

تعظيما لكتاب الله تعالى وقيل لما أسقطوا الألف ردوا طول الألف على الباء ليكون دالا على سقوط الألف ألا ترى أنه لما كتبت الألف في " اقرأ باسم ربك " ( 1 - العلق ) ردت الباء إلى صيغتها ولا تحذف الألف إذا أضيف الاسم إلى غير الله ولا مع غير الباء.

والاسم هو المسمى وعينه وذاته قال الله تعالى : " إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى " ( 7 - مريم ) أخبر أن اسمه يحيى ثم نادى الاسم فقال : يا يحيى " وقال : ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها " ( 40 - يوسف ) وأراد الأشخاص المعبودة لأنهم كانوا يعبدون المسميات وقال : سبح اسم ربك " ( 1 - الأعلى ) ، وتبارك اسم ربك " ثم يقال للتسمية أيضا اسم فاستعماله في التسمية أكثر من المسمى فإن قيل ما معنى التسمية من الله لنفسه؟ قيل هو تعليم للعباد كيف يفتتحون القراءة .

واختلفوا في اشتقاقه قال المبرد من البصريين هو مشتق من السمو وهو العلو فكأنه علا على معناه وظهر عليه وصار معناه تحته وقال ثعلب من الكوفيين : هو من الوسم والسمة وهي العلامة وكأنه علامة لمعناه والأول أصح لأنه يصغر على السمي ولو كان من السمة لكان يصغر على الوسيم كما يقال في الوعد وعيد ويقال في تصريفه سميت ولو كان من الوسم لقيل وسمت .

قوله تعالى " الله " قال الخليل وجماعة هو اسم علم خاص لله عز وجل لا اشتقاق له كأسماء الأعلام للعباد مثل زيد وعمرو .

وقال جماعة هو مشتق ثم اختلفوا في اشتقاقه فقيل من أله إلاهة أي عبد عبادة وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما " ويذرك وآلهتك " ( 127 - الأعراف ) أي عبادتك - معناه أنه مستحق للعبادة دون غيره وقيل أصله إله قال الله عز وجل " وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق " ( 91 - المؤمنون ) قال المبرد : هو من قول العرب ألهت إلى فلان أي سكنت إليه قال الشاعرألهت إليها والحوادث جمةفكأن الخلق يسكنون إليه ويطمئنون بذكره ويقال ألهت إليه أي فزعت إليه قال الشاعرألهت إليها والركائب وقفوقيل أصل الإله " ولاه " فأبدلت الواو بالهمزة مثل وشاح وإشاح اشتقاقه من الوله لأن العباد يولهون إليه أي يفزعون إليه في الشدائد ويلجئون إليه في الحوائج كما يوله كل طفل إلى أمه وقيل هو من الوله وهو ذهاب العقل لفقد من يعز عليك .

قوله ( الرحمن الرحيم ) قال ابن عباس رضي الله عنهما هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر .

واختلفوا فيهما منهم من قال هما بمعنى واحد مثل ندمان ونديم ومعناهما ذو الرحمة وذكر أحدهما بعد الآخر تطميعا لقلوب الراغبين .

وقال المبرد : هو إنعام بعد إنعام وتفضل بعد تفضل ومنهم من فرق بينهما فقال الرحمن بمعنى العموم والرحيم بمعنى الخصوص.

فالرحمن بمعنى الرزاق في الدنيا وهو على العموم لكافة الخلق .

والرحيم بمعنى المعافي في الآخرة والعفو في الآخرة للمؤمنين على الخصوص ولذلك قيل في الدعاء يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة فالرحمن من تصل رحمته إلى الخلق على العموم والرحيم من تصل رحمته إليهم على الخصوص ولذلك يدعى غير الله رحيما ولا يدعى غير الله رحمن .

فالرحمن عام المعنى خاص اللفظ والرحيم عام اللفظ خاص المعنى والرحمة إرادة الله تعالى الخير لأهله.

وقيل هي ترك عقوبة من يستحقها وإسداء الخير إلى من لا يستحق فهي على الأول صفة ذات وعلى الثاني صفة ( فعل ) .
واختلفوا في آية التسمية فذهب قراء المدينة والبصرة وفقهاء الكوفة إلى أنها ليست من فاتحة الكتاب ولا من غيرها من السور والافتتاح بها للتيمن والتبرك .

وذهب قراء مكة والكوفة وأكثر فقهاء الحجاز إلى أنها من الفاتحة وليست من سائر السور وأنها كتبت للفصل وذهب جماعة إلى أنها من الفاتحة ومن كل سورة إلا سورة التوبة وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي لأنها كتبت في المصحف بخط سائر القرآن.

واتفقوا على أن الفاتحة سبع آيات فالآية الأولى عند من يعدها من الفاتحة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وابتداء الآية الأخيرة ( صراط الذين ) ومن لم يعدها من الفاتحة قال ابتداؤها " الحمد لله رب العالمين " وابتداء الآية الأخيرة " غير المغضوب عليهم " واحتج من جعلها من الفاتحة ومن السور بأنها كتبت في المصحف بخط القرآن وبما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي أنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الخلال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم أنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي أنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبي عن سعيد بن جبير ( قال ) " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " ( 87 - الحجر ) هي أم القرآن قال أبي وقرأها علي سعيد بن جبير حتى ختمها ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم " الآية السابعة قال سعيد : قرأتها على ابن عباس كما قرأتها عليك ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة ، قال ابن عباس : فذخرها لكم فما أخرجها لأحد قبلكم .

ما هي فضائل بسم الله الرحمن الرحيم؟

 الاسم الأعظم لأنه يوصف بجميع الصفات كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏هو الله الذي لا إله إلى هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم‏}‏ الآيات، فأجرى الأسماء الباقية كلها صفات كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى‏}‏ وفي الصحيحين‏:‏ ‏(‏إنّ للّه تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة‏)‏ ‏"‏رواه الشيخان.

وعن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏"‏ وهو اسم لم يسمّ به غيره تبارك وتعالى ولهذا لا يعرف له - في كلام العرب - اشتقاقٌ، فهو اسم جامد وقد نقله القرطبي عن جماعة من العلماء منهم الشافعي و الغزالي و إمام الحرمين وقيل‏:‏ إنه مشتقُّ من أله يأله إلاهةً، وقد قرأ ابن عباس ‏{‏ويذرك وإلاهتك‏}‏ أي عبادتك، وقيل‏:‏ مشتقُّ من وله إذا تحيّر، لأنه تعالى يحير في الفكر في حقائق صفاته، وقيل‏:‏ مشتقُّ من ألهتُ إلى فلان‏:‏ أي سكنت إليه، فالعقول لا تسكن إلا إلى ذكره، والأرواح لا تفرح إلا بمعرفته، لأنه الكامل على الإطلاق دون غيره، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ألا بذكر اللّهِ تطمئنُ القلوب‏}‏، وقد اختار الرازي أنه اسم غير مشتق البتة، وهو قول الخليل وسيبويه وأكثر الأصوليين والفقهاء‏.‏

كما روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه ‏{‏بسم الله الرحمن الرحيم‏}‏ ‏"‏رواه أبو داود بإسناد صحيح وأخرجه الحاكم في مستدركه‏"‏ وقد افتتح بها الصحابة كتاب اللّه، ولهذا تُستحب في أول كل قولٍ وعمل لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏كل أمر لا يبدأ فيه ببسم اللّه الرحمن الرحيم فهو أجذم‏)‏ فتستحب في أول الوضوء لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه‏)‏ ‏"‏رواه أحمد وأصحاب السنن من رواية أبي هريرة مرفوعا‏" ‏وتستحب عند الذبيحة في مذهب الشافعي وأوجبها آخرون.

 كما تستحب عن الأكل لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏ قل‏:‏ بسم اللّه، وكلْ بيمينك، وكلْ ممّا يليك‏)‏ ‏"‏رواه مسلم في قصة عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏وتستحب عند الجماع لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏لو أنَّ أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال‏:‏ بسم اللّه، اللهم جنبنا الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يُقدَّر بينهما ولدٌ لم يضره الشيطان أبداً‏)‏ ‏"‏رواه الشيخان

عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏"‏ والمتعلق بالباء في قوله بسم اللّه منهم من قدّره باسم تقديره‏:‏ باسم اللّه ابتدائي، ومنهم من قدّره بفعل تقديره‏:‏ أبدأ باسم اللّه، أو ابتدأت باسم اللّه، وكلاهما صحيح فإن الفعل لا بدَّ له من مصدر، فلك أن تقدّر الفعل ومصدره، فالمشروعُ ذكر اسم اللّه في الشروع في ذلك كله تبركاً وتيمناً واستعانة على الإتمام والتقبل، ويدل للأول قوله تعالى‏:‏ ‏{‏بسم الله مجريها ومرساها‏}‏ ويدل للثاني قوله تعالى‏:‏ ‏{‏اقرأ باسم ربك الذي خلق‏}‏‏.‏

ما حكم الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية؟ 

وفي جواب سائل يقول سمعت أنَّ الجهر بقول: "بسم الله الرحمن الرحيم" ممنوع في الفاتحة وما بعدها من السور والآيات في الصلاة الجهرية، قالت دار الإفتاء إن مسألة الجهر بالبسملة من المسائل المختلف فيها بين العلماء؛ فالشافعية يرون مشروعية الجهر بها، وغيرهم من العلماء يرون أن الإسرار بها هو الأفضل، وهذا الأمر معدود من هيئات الصلاة التي لا ترقى إلى درجة السنن المؤكدة؛ فالخلاف فيه قريب، والشأن فيه واسع.

وتابعت: من المقرر شرعًا أنه "إنما ينكر ترك المتفق على فعله أو فعل المتفق على تركه، ولا ينكر المختلف فيه"؛ فمَن جَهَرَ بالبسملة فهو حسن، ومَن أسرَّ بها فهو حسن.

وشددت: لا يجوز أن تكون أمثال هذه المسائل الخلافية مثار فتنة ونزاع وفرقة بين المسلمين، بل يسعنا فيها ما وسع سلفنا الصالح من أدب الخلاف الذي كانوا يتحلَّون به في خلافاتهم الفقهية واختياراتهم الاجتهادية.