الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

10.3 مليار دولار خسائر.. حرب غزة تطيح باقتصادات العالم وإسرائيل أولًا

حرب غزة تؤثر على
حرب غزة تؤثر على اقتصاد العالم

دخلت الحرب القائمة الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها الثالث، وسط تصاعد المخاوف على مصير آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث نزح 85% من السكان البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، وشبّه المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الوضع في القطاع بأنه "جحيم على الأرض".

ما يصل إلى 400 ألف شخص لا يزالون في شمال قطاع غزة؟
حرب غزة تؤثر على اقتصاد العالم

حرب غزة تضرب اقتصادات العالم

ولم تتوقف المخاوف فقط عند حدود القطاع المحاصر منذ 2007، لكن امتد الخوف إلى الدول المجاورة، في ظل توجه الاقتصاد العالمي نحو الركود نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية؛ حيث يقترن انخفاض النمو والضغوط التضخمية المستمرة، وخاصة على الغذاء والوقود، مع ارتفاع تكاليف الاقتراض، ونقص الحيز المالي للعديد من الاقتصادات المثقلة بالديون ومع اندلاع الحرب في غزة، قد ترتفع أسعار النفط والغاز وهناك حديث عن الركود التضخمي، ومن المتوقع أن تؤدي الحرب بين إسرائيل وغزة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة. 

وتزداد المخاوف الدولية المخاوف من احتمال تحول الصراع بين إسرائيل وحماس في غزة، إلى صراع إقليمي، مما يلقي بظلاله على آفاق الاقتصاد العالمي، ويهدد بإضعاف النمو الاقتصادي، وإعادة إشعال أسعار الطاقة والغذاء.

وكانت الدول العالم، الغنية منها والفقيرة، قد بدأت للتو في التقاط أنفاسها بعد سلسلة من الصدمات الاقتصادية استمرت ثلاث سنوات، بما في ذلك جائحة كوفيد 19 والحرب في أوكرانيا، والتضخم المرتفع، ليتراجع التضخم، ولتتمكن بعض الاقتصادات الرئيسية من تجنب الركود.

وأظهرت دراسة للأمم المتحدة أن التكلفة الاقتصادية للحرب في غزة على الدول العربية المجاورة، وهي لبنان ومصر والأردن، قد ترتفع إلى ما لا يقل عن عشرة مليارات دولار هذا العام وتدفع أكثر من 230 ألف شخص إلى براثن الفقر.

وجاءت الحرب الإسرائيلية على غزة والتي بدأت منذ 7 أكتوبر 2023، في وقت تواجه فيه الدول العربية تحديات على العديد من الأصعدة من بينها الضغوط المالية والنمو البطئ ومعدلات البطالة المرتفعة، كما أعاقت الاستثمار الذي تشتد الحاجة إليه وأضرت بالاستهلاك والتجارة. ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية عميقة.

وقالت الدراسة، التي أجريت بتكليف من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن تكلفة الحرب بالنسبة للدول الثلاث من حيث الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي قد تصل إلى 10.3 مليار دولار أو 2.3 بالمئة من الناتج المحلي، ويمكن أن تزيد إلى الضعف إذا استمرت الحرب ستة أشهر أخرى. 

ومن جانبه، قال عبد الله الدردري مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والذي أشرف على الدراسة لرويترز "هذا تأثير هائل"، مضيفًا أن "الأزمة كانت بمثابة قنبلة في وضع إقليمي هش بالفعل.. لقد توترت المشاعر مع الخوف مما يمكن أن يحدث وإلى أين ستتجه الأمور"، قائلًا إن حجم الدمار في غزة خلال هذه الفترة القصيرة غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية. 

وأضاف "تعرض ما بين 45 إلى 50% من إجمالي عدد المنازل للدمار خلال شهر واحد من القتال... لم نشهد شيئا كهذا من قبل... العلاقة بين مستوى الدمار والوقت.. فريدة من نوعها".، وتابع الدردري، وهو نائب رئيس وزراء سابق للشؤون الاقتصادية في سوريا، قائلا "لقد استغرق الأمر من سوريا خمس سنوات من القتال للوصول إلى نفس مستوى الدمار الذي وصلت إليه غزة في شهر واحد".

ومن جانب آخر، كشفت دراسة لمركز فاروس للدراسات الاستراتيجية أنه تؤدي مثل هذه الأزمة إلى تفاقم العواقب الاقتصادية وصدمة مزدوجة لأسواق السلع الأساسية على مستوى العالم، والتي لا يزال أغلبها يتصارع مع تأثير الحرب الروسية الأوكرانية.. كما يمكن أن تصبح البنوك المركزية أكثر تشددًا، ومن المحتمل أن يشهد الاقتصاد العالمي مزيدًا من الضغوط، وبالتأكيد سيكون الاقتصاد الإسرائيلي أول المتأثرين بالحرب في ظل مشكلات هيكلية يعاني منها بالفعل.

وتناولت الدراسة الانعكاسات المختلفة على الاقتصاد الإسرائيلي جراء حربها على غزة، والتي تمثل قيودًا على إمكانية استمرارها في الحرب إذا استمرت خسائر الاقتصاد الإسرائيلي. كما تتناول الدراسة حدود تأثر الاقتصاد العالمي نتيجة تلك الحرب، سواء فيما يتعلق بأداء الاقتصاد الكلي، أو تقلبات أسعار النفط على وجه الخصوص، وتُختتم الدراسة بالرؤى المختلفة التي رسمتها مختلف المؤسسات الاقتصادية الكبرى تجاه مدى استمرار الحرب واتساعها من عدمه، والانعكاسات الاقتصادية لذلك.

فقد قال كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، إنديرميت جيل، "هذه هي المرة الأولى التي نتعرض فيها لصدمتين للطاقة في نفس الوقت"، في إشارة إلى تأثير الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط على أسعار النفط والغاز، ولا تؤدي هذه الزيادات في الأسعار إلى تقليص القوة الشرائية للأسر والشركات فحسب، بل تؤدي أيضا إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الغذاء، مما يزيد من مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة، لا سيما في البلدان النامية.

وفي الوقت الحالي، تعاني الدول بالفعل من مستويات مرتفعة بشكل غير عادي من الديون، والاستثمارات الخاصة المتعثرة، وأبطأ انتعاش في التجارة منذ خمسة عقود، مما يجعل من الصعب عليها أن تسلك طريقها للخروج من الأزمة، وإن ارتفاع أسعار الفائدة، نتيجة لجهود البنوك المركزية لترويض التضخم، جعل من الصعب على الحكومات والشركات الخاصة الحصول على الائتمان وتجنب التخلف عن السداد، مؤكدًا، "نحن في واحدة من أكثر المراحل هشاشة بالنسبة للاقتصاد العالمي".

حرب غزة تضرب الموسم السياحي وتُهدد بتعميق الأزمات الاقتصادية في المنطقة
حرب غزة تؤثر على اقتصاد العالم

الاقتصاد الإسرائيلي يتهاوى جراء الحرب

والخسائر الاقتصادية ليست حجر على غزة والدول المجاورة فقط بل بدأت تطيح بالاقتصادي الإسرائيلي نفسه، إذ قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OCED"، إن حرب غزة لها تأثير كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الاقتصاد كان يبلي بلاء حسنا قبل الحرب، وأن التقديرات تشير إلى أن تأثير الصراع سيتركز على نحو كبير في الربع الأخير من 2023 مما سيؤدي إلى تباطؤ مؤقت لكنه واضح للنشاط الاقتصادي في إسرائيل.

وذكرت المنظمة أن الأثر الاقتصادي للصراع الآخذ في التطور يتسم بعدم اليقين بشكل كبير ويتوقف على مدة الصراع ونطاقه وشدته، مشيرة إلى أن الاضطرابات على جانب العرض بسبب الوضع الأمني والتراجع الواضح في القوى العاملة المدنية إلى جانب ضعف الثقة في الاقتصاد سيؤديان بشكل رئيسي إلى التأثير على الاستهلاك الخاص والاستثمار.

وتوقعت المنظمة تباطؤ نمو الاقتصاد الإسرائيلي، الذي بلغ 6.4% العام الماضي، إلى 2.3% في 2023، و1.5% في 2024 قبل أن يتعافى إلى 4.5% في 2025. فضلا عن ذلك تقول المنظمة إن ثقة المستهلكين والشركات في الاقتصاد الإسرائيلي تهاوت في أكتوبر.

وأضافت أن البلاد تعاني نقصا شديدا في العمالة وذلك بسبب استدعاء جنود الاحتياط للخدمة وإجلاء السكان القريبين من الحدود مع قطاع غزة ولبنان وغياب الوالدين عن العمل بسبب توقف العملية التعليمية ونقص العمالة الفلسطينية ورحيل العديد من العاملين الأجانب عن البلاد، علاوة على ذلك ارتفع بشكل ملحوظ عدد العاملين الذين منحوا إجازات إلزامية من العمل، بسبب إغلاق مؤقت للأنشطة على سبيل المثال، وانخفضت فرص العمل المتاحة بشكل حاد في أكتوبر.

وفي تقرير صدر الأسبوع الماضي عن بنك "جيه بي مورغان تشيس"، قال فيه إن الاقتصاد الإسرائيلي قد ينكمش بنسبة 11 بالمئة على أساس سنوي، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري، مع تصاعد الحرب على قطاع غزة، وكانت آخر مرة سجلت فيها إسرائيل هذا الانكماش خلال عام 2020، مع إغلاق الاقتصاد بسبب تفشي جائحة كورونا.

وتعد تقديرات البنك من بين أكثر التقديرات تشاؤما من محللي وول ستريت حتى الآن؛ إذ قام المستثمرون بالفعل ببيع الأصول الإسرائيلية بكثافة.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، إن الحرب الإسرائيلية ستؤثر كثيرًا على اقتصادات الدول المجاورة وبشكل خاص في قطاع السياحة الذي سيتأثر بسبب الحرب في غزة وهناك العديد من الدول التي تعتمد على السياحة بشكل كبير كمصدر للنقض الأجنبي لأنها تساعد في تخفيض معدلات البطالة كما أن قطاع السياحة من القطاعات المشتركة مع العديد من القطاعات الأخرى مثل الزراعة والصناعة والمشروبات والأغذية وبالتالي فإن الاقتصاد المصري يعول على قطاع السياحة بشكل كبير وسط الأحداث في حرب غزة والمناوشات في محيط البحر الأحمر سيؤثر بالسلب على إيرادات السياحة بشكل كبير.

وأضاف في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هذه الحرب ستؤثر على كافة الدول المجاورة المستقبلة للنفط مع الارتفاعات الكبيرة التي بدأت تحدث على مستوى النفط وتوقعاته المستقبلية، وبالتالي ستتأثر كافة الدول المستوردة للبترول وستزداد التكلفة عليها، ومن الجانب الثالث ستتأثر حركة التجارة الوافدة للمنطقة بشكل واضح نتيجة لاستمرار عمليات الحرب مما سيؤثر على مدى رغبة المستثمرين الأجانب في الاستثمار في منطقة تشهد حروب.

وتابع قائلًا إنه من جانب آخر ستقوم الدول الصناعية الكبرى ذات الاقتصادات الكبيرة بترتيب أولويات المساعدات الاقتصادية، لأن هناك دول تعتمد على المساعدات من بعض الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية، ومع هذه الحرب سيعاد مرة أخرى ترتيب هذه المساعدات لتوجيهها لأحد أطراف هذه الحرب ولكنها ستكون بعيدة عن بعض الدول العربية الأخرى.

وتابع قائلًا أن حجم الاقتصاد العالمي سيتأثر وسيواجه انكماش أكبر وتراجع في معدلات النمو الاقتصادي وارتفاعات في معدلات التضخم بشكل كبير وبالتالي سيكون له تأثيرات على الدول العربية المجاورة وموازنتها وميزانياتها.