الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قضية القرن| القصة الكاملة لمحاكمة إسرائيل دوليا.. وتحرك عاجل من تل أبيب للدفاع عن سمعتها

صدى البلد

في سابقة تاريخية وفي واحدة من أكبر القضايا التي عرضت أمام محكمة دولية، اتهمت جنوب أفريقيا، أمس الخميس، إسرائيل بممارسة أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، في مستهل جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية في قضية رفعتها بريتوريا على إسرائيل بسبب حملتها العسكرية في غزة.

وفي شكوى تقع في 84 صفحة رفعت إلى محكمة العدل الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرًا، حثت جنوب إفريقيا القضاة على إصدار أمر عاجل لإسرائيل بـتعليق فوري لعملياتها العسكرية في قطاع غزة.

إسرائيل تحاكم

وتواصلت لليوم الثاني على التوالي، المسيرات الداعمة لفلسطين أمام محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية.

وتأتي هذه المسيرات بالتزامن مع جلسات تعقدها المحكمة لمقاضاة إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال"، بتهمة ارتكابها جرائم "إبادة جماعية" في قطاع غزة، بناء على دعوى رفعتها دولة جنوب إفريقيا وأيدتها عشرات الدول، في سابقة تاريخية في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

ورفع مئات المشاركين في المسيرة أعلام فلسطين، ولافتات داعمة لحقوق شعبنا الفلسطيني، ومنددة بالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، ورددوا هتافات "فلسطين حرة"، مطالبين بوقف إطلاق النار، ووقف العدوان والجرائم المرتكبة.

وكان نظم آلاف المحتجين المؤيدين لإسرائيل مسيرة في وسط المدينة في درجات حرارة متجمدة في وقت مبكر من أمس الخميس، حاملين الأعلام الإسرائيلية والهولندية ولافتات عليها صور الأشخاص الذين احتجزتهم حماس كرهائن.

وحاول الوجود المكثف لقوات الشرطة، الفصل بين المسيرة المؤيدة لإسرائيل والمسيرة المؤيدة للفلسطينيين مع وجود دخان باللونين الأحمر والأخضر يرمز إلى العلم الفلسطيني.

وكانت محكمة العدل الدولية في لاهاي، بدأت بالنظر في الدعوى التي قدمتها دولة جنوب إفريقيا، ضد إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال"، وتتهمها فيها بارتكاب جريمة "إبادة جماعية" ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث استمعت المحكمة في جلسة اليوم الجمعة، إلى رد إسرائيل في الدعوى.

وكان قد طلب محامون من جنوب أفريقيا من المحكمة الخميس إصدار أمر بوقف فوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع الساحلي المحاصر الذي يسكنه 2.3 مليون فلسطيني، وقالوا إن الحرب جزء من عقود من القمع الإسرائيلي للفلسطينيين.

وفي جلسة استماع بمحكمة العدل الدولية، قال المحامي الجنوب إفريقي تمبيكا نجكوكايتوبي إن المسؤولين الإسرائيليين استخدموا عمدا وبشكل منهجي لغة تجردهم من الإنسانية لتطبيع خطاب الإبادة الجماعية، وإرسال رسالة إلى الجنود الإسرائيليين على الأرض.

واستشهد نغكوكايتوبي بإشارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى مقاطع الكتاب المقدس، بالإضافة إلى تصريحات وزير الدفاع الرئيس الإسرائيلي. كما سلط الضوء على مقطع فيديو قال إنه يظهر جنودا إسرائيليين يرددون لغتهم ويحتفلون بالهجمات

وقالت عديلة حسيم من جنوب أفريقيا : "الفلسطينيون في غزة يقتلون بالأسلحة والقنابل الإسرائيلية من الجو والبر والبحر.…كما أنهم معرضون لخطر الموت المباشر بسبب المجاعة والمرض، بسبب تدمير المدن الفلسطينية، ومحدودية المساعدات المسموح بدخولها، واستحالة توزيع المساعدات مع سقوط القنابل، وهذا يجعل الحياة مستحيلة". 

وتضمنت تصريحاتها لقطات فيديو للظروف الصعبة على الأرض في غزة، بما في ذلك شاحنة مساعدات يكتظ بها المدنيون اليائسون. وقالت: "لا شيء سيوقف المعاناة إلا بأمر من هذه المحكمة”.

 وقالت: "ليس من الضروري أن تتوصل المحكمة إلى رأي نهائي حول ما إذا كان سلوك إسرائيل يشكل إبادة جماعية، ولكن فقط ما إذا كان من الممكن اعتبار بعض الأفعال ضمن أحكام الاتفاقية، من الواضح أن بعض هذه الأفعال على الأقل، إن لم يكن كلها، تقع ضمن أحكام الاتفاقية".

وقالت إن "إسرائيل فرضت أيضًا عمدًا اعتبارات على غزة تهدف إلى التدمير الجسدي للشعب"  

وقال كذاك فوسي مادونسيلا، سفير جنوب أفريقيا لدى هولندا، إن السياسات الإسرائيلية، بما في ذلك القوانين التمييزية المؤسسية، وفرض الفصل العنصري والإفلات من العقاب على مدى عقود قد شجعت إسرائيل.

وقال وزير العدل الجنوب أفريقي رونالد لامولا، وهو عضو آخر في الوفد، نقلاً عن نيلسون مانديلا، الرئيس السابق للبلاد: "نحن جزء من إنسانية واحدة… العنف والدمار في فلسطين وإسرائيل لم يبدأ في 7 أكتوبر 2023،"

وقال فوغان لوي، المحامي البريطاني الذي يمثل جنوب أفريقيا: "إذا تم تنفيذ أي عملية عسكرية - بغض النظر عن مدى دقة تنفيذها - بناءً على نية تدمير شعب كليًا أو جزئيًا، فإنها تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية". "ويجب أن تتوقف."

وعلق سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا، على رفع بلاده قضية إبادة جماعية ضد إسرائيل أمام العدل الدولية، قائلًا: «بينما كان محامونا يدافعون عن قضيتنا في لاهاي، لم أشعر قط بالفخر الذي أشعر به اليوم».

وأضاف رئيس جنوب أفريقيا، في كلمة أمام حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، اليوم الجمعة: «الخطوة التي اتخذناها محفوفة بالمخاطر، فنحن بلد صغير ولدينا اقتصاد صغير، وقد يهاجموننا، لكننا سنظل متمسكين بمبادئنا، ولن نكون أحرارًا حقا ما لم يتحرر الشعب الفلسطيني أيضا».

ومن المتوقع أن يصدر حكم في وقت لاحق من هذا الشهر بشأن الإجراءات العاجلة لكن المحكمة لن تصدر حكمها فيما يتعلق باتهامات الإبادة الجماعية في الوقت الراهن، إذ قد تستغرق هذه الإجراءات سنوات، ولكن قرارات المحكمة نهائية وغير قابلة للاستئناف لكن ليس لدى المحكمة آلية لتنفيذها، كما من الجدير بالذكر أنه قد خطط مؤيدو كلا الجانبين في القضية لتنظيم مسيرات وتجمعات في لاهاي.

ردود الفعل الدولية 

وفيما يخص رد الفعل الاسرائيلي فقد نفت إسرائيل بشدة، أمس الخميس، الاتهامات التي وجهتها جنوب أفريقيا، كما اتخذ القادة الإسرائيليون خطوة نادرة تتمثل في إرسال فريق قانوني والتعامل مع محكمة العدل الدولية للدفاع عن سمعتهم.

وقال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الخميس في بيان بالفيديو إنه تم تقديم نفاق وأكاذيب إلى محكمة العدل التابعة للأمم المتحدة، مضيفا أن اتهام جنوب أفريقيا للدولة العبرية بارتكاب إبادة جماعية في غزة لا يمكن أن يحدث إلا في عالم مقلوب رأسا على عقب، على حدث وصفه.

وأضاف: "إسرائيل تقاتل إرهابيين قتلة ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية ذبحوا واغتصبوا وأحرقوا وقطعوا أوصال وقطعوا رؤوسا لأطفال والنساء والشيوخ والشبان والنساء".

واعتبر أن "صراخ نفاق جنوب أفريقيا يصل إلى السماء أين كانت جنوب أفريقيا عندما قُتل الملايين من الناس أو شردوا من منازلهم في سوريا واليمن، على يد من؟ على يد شركاء حماس".

وأكد نتنياهو أن إسرائيل ستحتفظ بحق الدفاع عن نفسها حتى تحقق"النصر الكامل".

أما عن ردود الفعل الدولية فقد ذكر بيان لوزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية : "مرافعة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية  حدث تاريخي لسيرورة النضال الفلسطيني، والجنوب الأفريقي المشترك، في وجه الظلم والإبادة الجماعية".

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "تعتقد الولايات المتحدة أن قضية جنوب أفريقيا المرفوعة على إسرائيل تشتت العالم عن الجهود المهمة من أجل السلام والأمن".

بدوره، قال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن الولايات المتحدة لا ترى أي أساس لمزاعم جنوب أفريقيا ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في حق المدنيين في قطاع غزة، وقال كيربي للصحفيين إن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة

وقالت وزارة الخارجية اللبنانية إنها "تتطلع إلى صدور حكم عادل وعاجل يعكس احترام القيم وحقوق الإنسان لا سيما القانون الدولي الإنساني".

وأشادت مديرة هيومن رايتس ووتش بجنوب افريقيا لمقاضاتها إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بسبب حملتها العسكرية على غزة. وقالت إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية إلزام إسرائيل بالخضوع لقرارات المحكمة.

وقالت مؤسسة نلسون مانديلا في جنوب أفريقيا: "تعبر مؤسسة نلسون مانديلا عن دعمها للفريق القانوني الجنوب أفريقي في ظل مثوله أمام محكمة العدل الدولية نتمنى لهم القوة والنجاح في مسعاهم إلى الحقيقة والعدالة والسلام. أوقفوا إطلاق النار الآن".

وقال مجلس النواب اليهودي في جنوب أفريقيا: "ازدواج حديث جنوب أفريقيا وازدواج معاييرها دليل أيضا على تصميمها الشديد على أن تظل محايدة وأن تتحدث مع كلا الطرفين في حرب روسيا وأوكرانيا. لكنها اتخذت مع إسرائيل إجراء عقابيا ثابتا، بما في ذلك رفض تقديم تعازيها إلى إسرائيل بعد مذبحة السابع من أكتوبر وإغلاق سفارة جنوب أفريقيا واتخاذ إجراء يتعلق بالسفير الإسرائيلي والآن تقف أمام إسرائيل في محكمة العدل الدولية".

وأضاف "يأسف مجلس النواب اليهودي في جنوب أفريقيا على جميع الخسائر في أرواح المدنيين. ونحن أيضا نريد بشدة أن نرى السلام في المنطقة وسندعم جميع المبادرات التي ستحقق حل إقامة الدولتين".

من هم الفريق القانوني ؟

يتكون الفريق القانوني لجنوب أفريقيا لمحاكمة إسرائيل في لاهاي ؛

  • جون دوغارد وهو أستاذ قانون سابق في جامعات جنوب أفريقيا، وعمل مدير مركز دراسات قانونية، وعمل قاضيا خاصا لدى محكمة العدل الدولية.
  • عديلة هاشم وهي قاضية سابقة وعضوة في جمعية جوهانسبرغ للمحامين، وعضوة في منظمة حقوقية بجنوب أفريقيا.
  • فوغان لوي المحام متمرس في بريطانيا، والمتخصص في القانون الدولي، وترافع في قضايا أمام محكمة العدل الدولية ومحكمة العدل الأوروبية، وعمل قاضيا في النيابة بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
  • بليني ني غرالايغ المحامية معتمدة لدى المحكمة الجنائية الدولية، وخبيرة في حقوق الإنسان والقانون الدولي العام والقانون الجنائي.
  • تمبيكا نجكوكايتوبي وهو محام بارز، وعضو نقابة المحامين في جوهانسبرغ، وعضو لجنة الخدمة القضائية.
  • ماكس دو بليسيس المحام المتخصص في القانون العام وحقوق الإنسان والقانون الدولي.
  • تشيديسو راموغالي المحام متخصص في قضايا حقوق الإنسان، وعمل في المحكمة الدستورية (لجنة حقوق الإنسان).
  • سارة بودفين جونز المحامية متخصصة في القانون العام.
  • ليراتو زيكالالا المتخصصة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وعضوة في منظمة "محامون ضد الإساءة".

أما عن قضاة المحكمة، فهم  15 قاضيا من 15 دولة حول العالم، ومن بينهم 3 قضاة عرب، والذين يمثلون 20% من الأصوات التي ستصوت لقبول الدعوة أو رفضها.

  • المغربي محمد بنونة وهو لديه مسارا طويلا في مجال القانون الدولي وسلك القضاء داخل المحاكم الدولية، وكان قاضيا بمحكمة العدل الدولية للنظر في النزاع الحدودي بين البنين والنيجر، خلال الفترة ما بين 2002 و2005، كما كان أحد أعضاء الهيئة القضائية بالمحكمة الجنائية الدولية المكلفة بجرائم الحرب في يوغوسلافيا، خلال الفترة ما بين 1998 و2001، وفي فبراير من سنة 2006 انتُخب لأول مرة عضوا في محكمة العدل الدولية.
  • القاضي الصومالي عبد القوي أحمد يوسف وهو خبير في مجال القانون الدولي، يتمتع بخبرة واسعة في ميدانه، يعمل كعضو في معهد القانون الدولي، ويشغل أيضا منصب عضو في لجنة المحكمين بالمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، إضافة إلى عضويته في مجلس إدارة المجلس الدولي للتحكيم التجاري.
  • القاضي اللبناني نواف سلام والذي شغل منصب سفير ومندوب دائم للبنان في الأمم المتحدة في نيويورك من عام 2007 إلى 2017.