في الوقت الذي تسعى فيه مصر، بالتنسيق مع الأمم المتحدة وعدد من القوى الدولية، إلى التمهيد لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة ووضع حد للكارثة الإنسانية المتفاقمة هناك، يصعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من خطابه العسكري، معلنًا اتخاذ قرارات باحتلال كامل للقطاع، في موقف يزيد من تعقيد المشهد السياسي والإنساني ويقوض أي أفق للتسوية.

احتلال كامل للقطاع
وفي هذا السياق، أشار أستاذ العلوم السياسية، الدكتور طارق فهمي، إلى المفارقة بين ما تبذله الدولة المصرية من جهود بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول الفاعلة من أجل تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، وبين ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم، من قرارات تتعلق باحتلال كامل للقطاع.
وأضاف في تصريحات لـ "صدى البلد"، "أن ما صدر من تصريحات إسرائيلية بتوسيع العمليات ومحاولة توسيع نطاق المنطقة العازلة وإعادة احتلال القطاع، هي تصريحات لا بد أن تؤخذ من زاويتين".
وأوضح أن الزاوية الأولى تتعلق بوجود مزايدات كبيرة داخل إسرائيل على المستوى العسكري بشأن طبيعة العملية العسكرية الجارية في غزة، مضيفًا أن هناك تجاذبًا واضحًا بين المستويين العسكري والسياسي داخل الحكومة الإسرائيلية حول أهداف هذه العملية، سواء كانت تهدف إلى احتلال كامل للقطاع أو توسيع النطاق العسكري فقط، مشيرًا إلى أن "إسرائيل موجودة الآن على أكثر من 40% من قطاع غزة، ووسّعت المنطقة العازلة إلى هذه المسافة".
أما الزاوية الثانية، وفقًا لفهمي، فتتعلق بتقدير الفوائد التي يمكن أن تجنيها إسرائيل من توسيع عملياتها العسكرية أو التوجه نحو احتلال القطاع بالكامل، قائلًا إن هذا المسار يرتبط بتصور سياسي واضح مفاده أن إسرائيل لا تملك مقاربة سياسية للتعامل مع القطاع، حيث تسود حالة من التضارب في التصريحات والمواقف بين القيادتين السياسية والعسكرية، ولا يوجد توافق حقيقي بينهما.
ولفت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول، ببراعة سياسية، أن يُصدر للجمهور الإسرائيلي صورة بأنه يتفاوض من أجل إطلاق سراح المحتجزين، في حين أن الموقف الإسرائيلي الرسمي لا يزال متعنتًا في التعامل مع المقترحات الخاصة بوقف إطلاق النار.