تحلّ اليوم، التاسع من يوليو، ذكرى وفاة واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في تاريخ مصر الحديث، السيدة جيهان السادات، التي عُرفت بلقب "سيدة مصر الأولى" خلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، لم تكن مجرد زوجة لرئيس الجمهورية، بل كانت نموذجًا للمرأة الواعية، صاحبة الحضور القوي، والأناقة الراقية، والذكاء اللامع، والناشطة في ميادين الخدمة العامة والدعوة للسلام، توفيت عن عمر ناهز 88 عامًا، بعدما تركت بصمة بارزة في العمل الاجتماعي والإنساني والثقافي في مصر.
النشأة والأسرة
وُلدت جيهان صفوت رؤوف، التي اشتهرت لاحقًا باسم جيهان السادات، في عام 1933، بحي الروضة في العاصمة المصرية القاهرة، نشأت في بيتٍ متعدد الثقافات فكان والدها هو الطبيب المصري المسلم صفوت رؤوف، أما والدتها فهي السيدة البريطانية جيلاديس تشارلز كوتريل، وكانت تعتنق الديانة المسيحية. كانت جيهان هي الابنة الثالثة بين أشقائها، وقد نشأت في بيئة تُقدر التعليم والانفتاح الثقافي.
التعليم والتكوين الفكري
تلقت جيهان تعليمها الأول في مدرسة الإرسالية المسيحية خلال أربعينيات القرن العشرين، ثم التحقت بعد ذلك بـ مدرسة الجيزة الثانوية عندما بلغت الحادية عشرة من عمرها، واصلت مسيرتها الأكاديمية لاحقًا، فحصلت على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة عام 1973، ثم تابعت دراساتها العليا وتقدمت للحصول على درجة الماجستير في الأدب العربي، ما يعكس شغفها بالثقافة واللغة.
بداية النشاط العام والعمل الاجتماعي
لم تنتظر جيهان السادات منصب السيدة الأولى كي تبدأ عملها المجتمعي، بل انطلقت منذ أوائل الستينيات في خدمة المجتمع المصري، شغلت مواقع قيادية في 30 منظمة وجمعية خيرية، من أبرزها:
- الهلال الأحمر المصري.
- الجمعية المصرية لمرضى السرطان.
- جمعية بنك الدم.
- جمعية الخدمات الجامعية.
- تنظيم الأسرة.
- أنشأت مركزًا للعناية بالمعوقين.
- ساهمت في تأسيس مدينة الوفاء والأمل لتأهيل المحاربين القدماء.
- حرصت على تقديم الرعاية للأطفال الأيتام، من خلال افتتاح أول قرية "SOS" في القاهرة، والتي استوعبت ما يقارب 300 طفل، وتبعتها قرى مماثلة في الإسكندرية وطنطا.
الحضور الدولي والنشاط النسائي
لم يقتصر دورها على الداخل المصري، بل شاركت جيهان السادات في مؤتمرات دولية، أبرزها المؤتمر الأول للمرأة العربية والإفريقية، الذي استضافته القاهرة، وحضره 200 سيدة من 30 دولة، جسدت من خلال هذه المشاركة صورة المرأة المصرية القوية والمثقفة والداعمة للسلام والتنمية.
إرث إنساني لا يُنسى
كانت جيهان السادات تمثل جسرًا بين السياسة والمجتمع، بين الواجب الوطني والضمير الإنساني، تركت وراءها إنجازات ملموسة في دعم الفئات الأكثر احتياجًا، ورسخت مفهوم العمل العام المرتبط بالرحمة والمسؤولية.