قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

مفترس آكل للحوم يهدد صناعة المواشي.. وأمريكا تتخذ من الذباب سلاح بيولوجي

المواشي
المواشي

في خطوة غير تقليدية، تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لإطلاق مئات الملايين من حشرات الذباب في الأجواء من خلال الطائرات، لمواجهة تهديد بيئي وصحي متصاعد، يتمثل في تفشي نوع خطير من الطفيليات يُعرف بـ"الدودة الحلزونية للعالم الجديد"، وهو مفترس آكل للحوم حيّة، بدأ يشكّل خطرًا داهمًا على صناعة تربية المواشي في البلاد.

وهذا الإجراء البيولوجي الطارئ يأتي بعد تفشٍ إقليمي واسع شهدته دول أمريكا الوسطى منذ مطلع عام 2023، ليصل مؤخرًا إلى جنوب المكسيك، ويقرع أجراس الإنذار في الأوساط الزراعية والصحية الأمريكية.

عدو غير مرئي.. لكنه قاتل

تُعد الدودة الحلزونية للعالم الجديد (New World Screwworm) يرقة طفيلية من نوع الذباب الأزرق المعدني Cochliomyia hominivorax، وتختلف عن ذباب الجيف التقليدي في خطورتها؛ إذ تتغذى على اللحم الحيّ للحيوانات ذوات الدم الحار، بدءًا من الأبقار والخيول، وحتى الحيوانات الأليفة والبشر في حالات نادرة.

وبحسب الدكتور فيليب كوفمان، رئيس قسم علم الحشرات بجامعة تكساس، تبدأ الإصابة حين تضع الأنثى ما بين 200 إلى 300 بيضة في جرح مفتوح، لتفقس خلال ساعات وتبدأ اليرقات بحفر أنسجة الحيوان والتغذي عليها من الداخل، مُسببة جروحًا عميقة قد تؤدي إلى وفاة الحيوان خلال أسبوعين إذا لم تُعالج.

تهديد مباشر لصناعة الماشية

أفادت لجنة "بنما–الولايات المتحدة للقضاء على الدودة الحلزونية" (COPEG) بأنه تم تسجيل أكثر من 35 ألف حالة إصابة مؤكدة منذ بداية التفشي، تشكل الأبقار نحو 83% منها.

وأوضح توماس لانسفورد، نائب مدير لجنة صحة الحيوانات في تكساس، أن الإصابات تتطلب معالجة فورية تشمل تنظيف الجروح، والتطهير، والتغطية الطبية، مشيرًا إلى أن ترك الحالة دون علاج يؤدي إلى نفوق الحيوان، وانتقال الإصابة بسرعة إلى قطيع كامل.

من جهته، قال ستيفن ديبل، نائب رئيس جمعية مربي الماشية في تكساس، إن الخطر لا يقتصر على الحيوانات المنزلية فحسب، بل يمتد إلى الغزلان البرية، والطيور، والقوارض، ما يصعّب من مهمة السيطرة البيئية على انتشار العدوى.

محاربة الذباب بالذباب

تستند الخطة الأمريكية لمكافحة التفشي إلى إعادة تفعيل برنامج بيولوجي قديم، سبق أن أثبت فعاليته في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. تقوم الفكرة على تربية ملايين الذكور المعقّمة من هذا النوع من الذباب، ثم إطلاقها جوًا لتتزاوج مع الإناث البرية، ما يؤدي إلى انهيار دورة التكاثر وانقراض الطفيلي تدريجيًا.

ويُذكر أن منشأة وحيدة في بنما تقوم حاليًا بإنتاج هذا الذباب المعقّم، لكنها غير كافية لاحتواء انتشار واسع النطاق. ووفقًا لرسالة بتاريخ 17 يونيو 2025 وقّعها 80 مشرعًا أمريكيًا، تُطالب الحكومة بزيادة الإنتاج عبر إنشاء "مصنع للذباب" جديد قرب حدود تكساس والمكسيك، وهو ما أعلنت وزارة الزراعة عن الشروع فيه فعليًا.

كلفة باهظة.. لكن البديل أسوأ

رغم فعالية البرنامج المقترح، إلا أن تنفيذه ليس سهلًا أو رخيصًا، إذ يتطلب موارد ضخمة وإنتاجًا دائمًا لملايين الحشرات، في وقت تتصاعد فيه الضغوط على قطاع تربية المواشي بسبب الخسائر الاقتصادية المحتملة من تفشي الطفيليات.

ولا توجد حتى الآن لقاحات معتمدة أو وسائل فعالة لصد الذباب، ما يجعل الوقاية منه مرتبطة بإجراءات احترازية مشددة، مثل تفادي جروح الماشية في الصيف، أو فحصها يوميًا كما أوصى المربون.

تهديد يتجاوز الحدود

أعربت جهات عدة عن خشيتها من امتداد الإصابة إلى الولايات الجنوبية للولايات المتحدة، ما دفع سلطات الزراعة إلى إغلاق بعض المنافذ الحدودية التجارية مع المكسيك، في محاولة لاحتواء التفشي مبكرًا قبل أن يتسبب بانهيار في سوق المواشي الأمريكي.

وفي ظل غياب حل طبي مباشر، يُراهن صانعو القرار الأمريكيون على أن يعود الذباب المعقّم ليكون بطل هذه المعركة، تمامًا كما فعل قبل نصف قرن.