نشرت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، ردًا على سؤال ورد إليها حول جواز إخراج جزء من زكاة المال قبل موعدها، حيث أوضح السائل أن حول زكاته يكتمل في شهر رجب، لكنه يرغب في إخراج جزء منها في بداية السنة الهجرية نظرًا لوجود بعض الفقراء الذين هم في حاجة ماسة إلى المال.
وجاء في رد دار الإفتاء أن تعجيل إخراج جزء من الزكاة جائز شرعًا، ما دام يراعي الشروط التي نص عليها الفقهاء، ويحقق المصلحة لكل من المزكي والمستحق، مؤكدة أن ذلك يعد من مقاصد الزكاة، ويحقق الغاية الكبرى منها، وهي رفع الحرج عن المحتاجين وسد فاقتهم.
وشددت الفتوى على أن جواز التعجيل متوقف على توافر النصاب الشرعي للزكاة في ملك المزكي قبل التعجيل، وهو ما يعادل حاليًا 85 جرامًا من الذهب عيار 21، على أن يكون هذا المال فائضًا عن الحاجة الأصلية وغير مشغول بدين.
كما اشترطت أن يظل المزكي أهلاً لوجوب الزكاة حتى حلول موعدها الفعلي، وأن يبقى ماله على نصابه حتى تمام الحول، كما ينبغي أن يكون من يُعطى الزكاة المعجلة مستحقًا لها عند موعد وجوبها.
وأكدت دار الإفتاء أن صرف الزكاة المعجلة يجب أن يتم في مصارفها الشرعية الثابتة، مع مراعاة تقديم ذوي الحاجات الأكثر إلحاحًا، والأقارب المحتاجين إن وُجدوا، وأن يكون المبلغ المعجل قادرًا على تغطية جزء معتبر من حاجة الفقير، ليتمكن من الانتفاع به فعلًا.
وفيما يخص تعجيل الزكاة قبل توفر النصاب، بينت الفتوى أنه لا يجوز تعجيل الزكاة قبل بلوغ النصاب، إذ إن النصاب هو سبب وجوب الزكاة، والحول هو شرطها، ولا يُقدَّم الواجب قبل سببه، وهو أمر أجمعت عليه كتب الفقه المعتبرة، مثل "المهذب" للإمام الشيرازي، و"المغني" لابن قدامة.
أما في حال توفر النصاب وعدم اكتمال الحول بعد، فأوضحت دار الإفتاء أن تعجيل الزكاة جائز، استنادًا إلى ما ورد عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، عم النبي ﷺ، الذي عجّل زكاة ماله لسنتين، وقد أقرّه النبي ﷺ على ذلك، كما روت كتب السنن والمسانيد المعتمدة.
وختمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن تعجيل الزكاة عند الحاجة يوافق روح الشريعة الإسلامية، بل وعبر بعض الفقهاء عن هذا الأمر بمصطلح "دفع حاجة الوقت"، لأنه يحقق الغاية الأصيلة من فريضة الزكاة، وهي رفع الكرب عن الفقراء، وتخفيف المعاناة عن المحتاجين، لا سيما في أوقات الأزمات والمواسم الحرجة.