في زيارة يمكن اعتبارها "عودة إلى الجذور"، يصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اسكتلندا هذا الأسبوع، في محطةٍ تحمل بعدًا شخصيًا عميقًا، لكنها لن تخلو من الجدل والانقسام السياسي والشعبي.
فالبلد الذي ولدت فيه والدته على جزيرة نائية ويضمه ترامب إلى هويته العائلية، يشهد اليوم استقبالاً رسميًا متوترًا، وسط تظاهرات مرتقبة، ولقاءات مع قادة سياسيين لا يتفقون جميعًا مع سياساته أو تاريخه.
ابن ماري آن... يعود إلى أرض الأم
ولدت والدة ترامب، ماري آن ماكلويد، عام 1912 في بلدة صغيرة قرب ستورنوواي في جزيرة لويس الواقعة في جزر الهبريد الخارجي شمال غرب اسكتلندا. وكانت واحدة من آلاف الاسكتلنديين الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى الصعبة، لتتزوج لاحقًا من فريد ترامب، والد دونالد، وتنجب رجل الأعمال والسياسي الذي أصبح لاحقًا رئيسًا للولايات المتحدة.
وسبق أن قال ترامب، الذي زار المنزل المتواضع الذي نشأت فيه والدته في عام 2008، في عام 2017: "أمي ولدت في ستورنوواي. وهذا هو المعنى الحقيقي لاسكتلندا".
الغولف... ساحة الاستثمارات والاشتباك
رغم البعد العاطفي، فإن علاقة ترامب باسكتلندا اتسمت بالاضطراب، لا سيما بسبب مشاريعه العقارية المثيرة للجدل في قطاع الجولف.
في عام 2006، أعلن عن مشروع لإنشاء ملعب جولف فاخر على ساحل بحر الشمال شمال أبردين. ورغم دعم الحكومة الاسكتلندية حينها، واجه المشروع معارضة شرسة من سكان محليين وناشطين بيئيين، رأوا أنه يهدد منظومة بيئية نادرة تضم طيور السمامة، الغرير، وطيور الشاطئ.
ورغم الجدل، افتتح الملعب في 2012، لكن بعض الأجزاء الموعودة من المشروع، كالفندق العملاق ومئات الوحدات السكنية، لم تتحقق بعد. كما أن الملعب لم يحقق أرباحًا تذكر. ومن المقرر أن يفتتح ملعب جديد قريبًا باسم "ملعب ماكلويد"، تكريمًا لوالدة ترامب.
أما منتجع ترامب الآخر في اسكتلندا، "ترنبيري"، الذي اشتراه عام 2014، فقد حظي بقبول أوسع نسبيًا، لكنه لم ينج تمامًا من الشكوك. ولا يزال استبعاده من استضافة بطولة بريطانيا المفتوحة مرتبطًا بـ"مشكلات بنية تحتية"، بحسب المنظمين.
لقاءات رسمية... واحتجاجات منتظرة
ومن المتوقع أن يلتقي ترامب خلال الزيارة برئيس الوزراء الاسكتلندي جون سويني، المعروف بمواقفه اليسارية وانتقاده لترامب سابقًا. لكن سويني قال إنه من مصلحة اسكتلندا لقاء الرئيس الأمريكي، في إشارة إلى أهمية العلاقات التجارية.
وفي المقابل، يستعد نشطاء من حركة "أوقفوا ترامب اسكتلندا" لتنظيم مظاهرات حاشدة في مدينة أبردين، تعبيرًا عن رفضهم لسياسات ترامب وسجله السياسي.
تأتي زيارة ترامب قبل شهرين فقط من زيارة دولة رسمية إلى المملكة المتحدة، من المتوقع أن تستقبله خلالها العائلة المالكة بقيادة الملك تشارلز الثالث. لكنها، في شكلها الحالي، تعكس التباين الصارخ بين رمزية العودة إلى وطن الأم، والواقع السياسي الصاخب الذي يرافق ترامب أينما حل.