أصبح تطبيق تيك توك واحدًا من أكثر المنصات انتشارًا بين الأطفال والمراهقين والشباب حول العالم، حيث يجذبهم بمحتواه السريع، والموسيقى المؤثرة، والمؤثرات البصرية اللافتة، إضافة إلى التحديات والرقصات التي تحظى بانتشار واسع. ورغم أن التطبيق قد يوفر بعض الفوائد الترفيهية والتعليمية، فإن الإقبال الكبير عليه غالبًا ما يتحول إلى ساعات طويلة من التصفح المستمر، مما يجعل المستخدمين – خاصة الفئات الصغيرة – يقضون وقتًا مفرطًا أمام الشاشات على حساب أنشطتهم التعليمية والاجتماعية وحتى البدنية. ومع زيادة هذا التعرض، تتصاعد المخاوف من الآثار السلبية التي قد يتركها على سلوكهم، تركيزهم، وصحتهم النفسية والجسدية.
ساعات طويلة وأضرار متعددة
يحتوي تيك توك على محتوى متنوع يتراوح بين المفيد والمخالف لقيم المجتمع وأخلاقياته، إلا أن الإفراط في متابعة الفيديوهات، وخاصة تلك التي تقدم رسائل سلبية أو مشاهد صادمة، قد يسبب تأثيرات خطيرة على الصحة العامة. ووفقًا لما ذكره موقع Pinkvilla، فإن التعرض المستمر لهذا النمط من المحتوى يضاعف من الضغط النفسي ويؤثر على سلامة الجسد، خصوصًا عند غياب الرقابة أو الوعي بكيفية استخدام المنصة بشكل متوازن.
1- القلق والاكتئاب
الإفراط في استخدام تيك توك قد يؤدي إلى زيادة معدلات القلق والاكتئاب، حيث إن الخوارزميات تعرض للمستخدم محتوى مُنتقى بعناية يعكس صورة مثالية أو مشوهة عن الواقع، مما يخلق فجوة بين ما يراه على الشاشة وبين حياته الفعلية. هذا الانفصال قد يدفعه للشعور بعدم الرضا، كما أن التعرض المتكرر لمقاطع عنيفة أو مزعجة أو مثيرة للجدل يسبب إرهاقًا نفسيًا مستمرًا ويعزز أفكار القلق وأعراض الاكتئاب على المدى الطويل.
2- متلازمة المقارنة الاجتماعية
مشاهدة أنماط حياة مثالية أو إنجازات براقة – قد يكون بعضها مفبركًا أو مبالغًا فيه بهدف جمع المشاهدات – تدفع الكثير من المستخدمين، خاصة المراهقين، إلى مقارنة حياتهم بما يشاهدونه، مما يضعف ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم يشعرون بأنهم أقل نجاحًا أو جاذبية من غيرهم. هذه الظاهرة المعروفة بـ"متلازمة المقارنة الاجتماعية" تؤثر على إدراك الفرد لقيمته الحقيقية وتضعف إحساسه بالرضا الذاتي، وقد تؤدي إلى الانعزال أو محاولة تقليد الآخرين بشكل مضر.
3- اضطرابات النوم
اعتياد تصفح تيك توك قبل النوم، خاصة في ساعات متأخرة من الليل، يؤدي إلى تعطيل الساعة البيولوجية للجسم. فالضوء الأزرق المنبعث من شاشة الهاتف يثبط إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم، ما يصعّب على الدماغ الدخول في حالة الاسترخاء المطلوبة. ومع مرور الوقت، قد ينتج عن ذلك حرمان مزمن من النوم يؤثر سلبًا على الجهاز المناعي، والقدرة على التركيز، والاستقرار المزاجي، بل ويزيد من مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السمنة وارتفاع ضغط الدم.
4- مشاكل نقص الانتباه
الطبيعة السريعة والمحفزة لمقاطع تيك توك القصيرة تدرب الدماغ على البحث المستمر عن مكافآت فورية، مثل الإعجاب أو الفيديو التالي الأكثر إثارة، مما يقلل من قدرة المستخدم على التركيز على المهام التي تتطلب وقتًا وجهدًا ذهنيًا طويلًا، مثل الدراسة أو القراءة أو إنجاز العمل. هذا النمط من الاستهلاك الرقمي قد يؤدي بمرور الوقت إلى تراجع القدرة على التخطيط، وانخفاض الإنتاجية، وصعوبة الحفاظ على الانتباه لفترات ممتدة.
يعني ذلك، أنه رغم الشعبية الكبيرة التي يحظى بها تيك توك، فإن الإفراط في استخدامه يحمل في طياته مخاطر حقيقية على الصحة النفسية والجسدية، خاصة لدى الأطفال والمراهقين، ويؤكد خبراء الصحة أن الحل يكمن في التوازن، ووضع حدود زمنية واضحة لاستخدام المنصة، مع ضرورة متابعة المحتوى من قبل الأهل وتوجيه الأبناء نحو الاستخدام الواعي والمسؤول للتكنولوجيا.