رهان اللحظة الأخيرة: سباق دبلوماسي لإنهاء حرب العامين في غزة
بين التشدد وضغط الشارع… نتنياهو بين لغة التشدد وحسابات الواقع
إسرائيل وحماس في لعبة شد الحبل… والرهان على أسابيع حاسمة
في مشهد يعكس تعقيد الحرب المستمرة على غزة منذ ما يقارب العامين، ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن صفقات الإفراج الجزئي عن الأسرى الإسرائيليين أصبحت "خلف ظهرنا"، مؤكداً أن الهدف الآن هو استعادة جميع المحتجزين، أحياءً وأمواتاً، في إطار اتفاق شامل ينهي الحرب، ولكن "بشروط إسرائيل".
تصريحات نتنياهو، التي جاءت في مقابلة مع قناة i24 العبرية، تكشف عن تناقض بين الخطاب العلني الذي يرفض الحلول المرحلية، والتحركات العملية التي تشير إلى احتمال إرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة الأسبوع المقبل، لبحث اتفاق يشمل إطلاق جميع الأسرى، ووقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، ووضع ترتيبات للحكم بعد الحرب.
المسار التفاوضي: فرص قائمة رغم الانكسارات
ورغم انهيار المفاوضات الشهر الماضي حول هدنة مؤقتة مدتها 60 يوماً، لم تغلق الأبواب تماماً.
فالقاهرة استضافت أمس جولة افتتاحية من المحادثات بين وفد من حماس برئاسة القيادي خليل الحية والوسطاء المصريين، في محاولة لإحياء المسار التفاوضي.
وأكدت مصادر دبلوماسية عربية أن الوسطاء يسعون لدفع صيغة شبيهة بالمقترح السابق: هدنة موقتة تتحول إلى وقف شامل لإطلاق النار بمجرد الاتفاق على التفاصيل النهائية.
المعادلة هنا معقدة: إسرائيل تطالب حماس بالتخلي الكامل عن السيطرة على غزة وتسليم سلاحها، وهو مطلب يصطدم بجوهر المشروع السياسي والعسكري للحركة، بينما حماس تربط أي تنازلات بوقف الحرب وإنهاء الحصار وضمان إعادة إعمار القطاع.
الضغط الداخلي والخارجي على نتنياهو
في الداخل الإسرائيلي، تتزايد الضغوط الشعبية والعسكرية على الحكومة، خاصة من عائلات الأسرى وضباط الاحتياط السابقين، الذين يرون أن الاستمرار في العمليات العسكرية يهدد حياة المحتجزين ويؤجل فرص إعادتهم.
وخارجياً، تسعى واشنطن وبعض العواصم العربية، على رأسها القاهرة والدوحة، لدفع نحو اتفاق شامل قبل انزلاق المنطقة إلى مزيد من التصعيد، خاصة مع اقتراب مواعيد حساسة في الأجندة السياسية الأمريكية.
لكن نتنياهو، الذي يواجه معارضة داخلية حادة وتحديات في الائتلاف الحاكم، يوظف ورقة التشدد الخطابي لتثبيت صورته كزعيم "لا يساوم تحت الضغط"، رغم أن التجارب السابقة أظهرت أن إسرائيل، تحت الضغوط الميدانية والسياسية، اضطرت لقبول صفقات مشابهة.
قراءة في الموقف: لعبة الوقت والرسائل المتبادلة
إعلان نتنياهو أن "الصفقات الجزئية أصبحت خلفنا" قد يكون رسالة موجهة أكثر إلى الداخل الإسرائيلي وإلى قواعده السياسية، بينما الواقع التفاوضي لا يزال مفتوحاً على احتمالات متعددة. فالمسار الحالي أقرب إلى "لعبة شد الحبل" التي يسعى كل طرف فيها إلى تحسين موقعه قبل الوصول إلى الطاولة النهائية.
الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة: فإما أن تنجح الوساطات في انتزاع اتفاق شامل يوقف الحرب ويعيد الأسرى، أو تتجه الأمور نحو تصعيد جديد قد يعمّق المأساة الإنسانية في غزة ويزيد من عزلة إسرائيل الدولية.