ورد سؤال إلى الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون، عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، يقول السائل: "ما حكم الحصول على شقة عن طريق التمويل العقاري؟ وهل يعتبر ذلك من المعاملات الجائزة شرعًا؟".
وأجاب الأستاذ الدكتور عطية لاشين قائلًا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [البقرة: 278].
والصلاة والسلام على سيدنا محمد، رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي روت عنه كتب السنة:"عليكم بالتجارة فإن فيها تسعة أعشار الرزق".
إن السؤال عن حكم التمويل العقاري يتعلق بمدى مشروعية هذه المعاملة، وقد بين الفقهاء أن هذا النوع من المعاملات ينقسم إلى قسمين: قسم محرم لا يجوز شرعًا، وقسم جائز إذا توفرت فيه الضوابط والشروط الشرعية.
أولًا: الشق المحرم
إذا قام البنك بدفع ثمن الشقة مباشرة إلى الشركة البائعة، ثم طالب العميل بسداد المبلغ على أقساط تتضمن زيادة عن القيمة التي دفعها البنك، فإن هذه المعاملة تقع تحت طائلة الربا المحرم، لأنها تقوم على أساس أن البنك يقرض المال للعميل، ويسترده منه بأكثر مما دفع، وهذه زيادة ربوية لا تجوز شرعًا، لأن البنك لم يتملك الشقة، ولم يبعها بيعًا شرعيًا، بل أقرض المال فقط.
ثانيًا: الشق الجائز (الحلال)
أما إذا قام البنك بشراء الشقة باسمه، وامتلكها حيازة شرعية، سواء كانت الحيازة مادية أو حكمية (مثل نقل الملكية رسميًا إلى اسمه)، ثم باعها للعميل بثمن مؤجل على أقساط متفق عليها مسبقًا، ولو مع زيادة عن ثمن الشراء، فإن هذا النوع من المعاملة يُعد جائزًا شرعًا.
وتُعرف هذه الصورة في الفقه الإسلامي بـ"بيع المرابحة للآمر بالشراء"، وهي مشروعة ما دام البنك قد امتلك الشقة فعليًا قبل بيعها للعميل، وأصبح البيع لاحقًا لتمام الملك والقبض.
وتابع: ينبغي على من يرغب في شراء شقة بنظام التمويل العقاري أن يتحقق من طريقة تعامل البنك، فإذا كان البنك يعمل وفق النظام الشرعي المعروف ببيع المرابحة للآمر بالشراء، فلا حرج في ذلك، أما إذا كان الأساس قرضًا ربويًا تتخلله فوائد محرمة، فيجب الابتعاد عنه.
وعلى ذلك التعامل بنظام المرابحة الشرعية بعد تملك البنك للعقار وقبضه هو جائز شرعًا،
أما التعامل بنظام القروض الربوية فهو محرم ولا يجوز، ويقع ضمن الربا الذي نهى الله عنه.