في ظل تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وما كشفه إعلان الأمم المتحدة عن دخول القطاع مرحلة المجاعة رسميًا، اعتبر هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، أن هذه اللحظة تمثل انكسارًا للمجتمع الدولي، وتعبيرًا عن فشل النظام العالمي في حماية القيم الإنسانية، بعدما تُرك ملايين المدنيين عرضة للجوع والموت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.
قال هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، إن إعلان الأمم المتحدة والجهات المعنية بوصول الأوضاع في غزة إلى مرحلة المجاعة يمثل لحظة انكسار للمجتمع الدولي، وتجسيدًا لتخاذل النظام العالمي، وفضحًا للتشوه الإنساني والأخلاقي الذي أصاب القيم الإنسانية والغربية، في ظل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم وانتهاكات جسيمة.
وأوضح أن هذا الإعلان يعد شاهدًا على فشل المنظومة الدولية والقانون الدولي والقانون الإنساني، بعدما تلاشت كل الأصوات والقيم التي كانت ترفع شعار حماية الإنسان وحقوقه، بينما تترك النساء والأطفال في غزة فريسة للجوع والمرض، دون تدخل جاد أو فعّال من المؤسسات الأممية.
وأشار سليمان إلى أن وصول الوضع إلى المرحلة الخامسة من انعدام الأمن الغذائي، وهي الأعلى وفقًا للتصنيف الأممي، يعكس كارثة غير مسبوقة على مستوى العالم، حيث أصبح ما لا يقل عن 20% من سكان القطاع غير قادرين على الحصول على الغذاء بشكل مستدام، في ظل ارتفاع معدلات الوفيات الناتجة عن الجوع ونقص الغذاء، لافتًا إلى أن هذه الأوضاع تجاوزت في خطورتها ما شهدته الحروب العالمية والأزمات الإنسانية الكبرى في التاريخ الحديث.
وأضاف أن إعلان المجاعة بهذه الصورة يعني أن غزة مقبلة على مزيد من الوفيات وانتشار الأمراض وتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كارثي، خاصة مع وجود أكثر من 62 ألف شهيد، وما بين 120 إلى 150 ألف مصاب بحاجة إلى رعاية صحية عاجلة، في وقت تغيب فيه أي ضمانات لإيصال المساعدات الإنسانية أو توفير الرعاية الأساسية.
وعلى الصعيد السياسي، يرى سليمان أن هذا الإعلان قد يسهم في تحريك بعض المواقف الدولية لزيادة المساعدات أو الضغط على إسرائيل، لكنه شدد على أن ذلك يظل مرهونًا بمدى استعداد الولايات المتحدة والقوى الغربية للتحرك بجدية، فضلًا عن مسؤولية الأمم المتحدة نفسها التي تكتفي بالإعلان بينما تعجز عن فرض حلول أو تحركات حقيقية.
وحذر من أن خطط نتنياهو العسكرية لاجتياح القطاع، في ظل انسداد الأفق السياسي وغياب أي حلول انتقالية، تنذر بكارثة أكبر وجرائم حرب أكثر بشاعة، بينما يظل الموقف الدولي جامدًا دون إجراءات رادعة.
وأشار سليمان إلى أن تقارير الأمم المتحدة تكشف أرقامًا صادمة، إذ من المتوقع بنهاية سبتمبر وأكتوبر أن يصل نحو 1.75 مليون من سكان غزة إلى المرحلة الرابعة والخامسة من انعدام الأمن الغذائي، أي أن غالبية السكان سيكونون مهددين بالموت جوعًا بشكل مباشر.
واختتم بالتأكيد على أن هذه اللحظة تتطلب تحركًا دوليًا غير مسبوق، يتجاوز الحسابات السياسية التقليدية، عبر تنسيق عربي وإسلامي وجماهيري واسع، حتى لا تبقى غزة شاهدًا على انهيار القيم الإنسانية وعودة العالم إلى عصور أكثر ظلامًا.