قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

د. هبة عيد تكتب: عفواً.. لقد نفذ رصيدكم

د. هبة عيد
د. هبة عيد

في مسيرة الحياة، لا يعيش الإنسان منفردًا، بل تحيط به علاقات تشكّل دعامة وجوده ومعناه. غير أن هذه العلاقات لا تُبنى على الحب وحده، فالمشاعر كي تبقى حيّة تحتاج إلى تقدير يحفظ قيمتها، وإلى اهتمام متبادل يرسّخ حضورها.

الحب حين يُترك بلا رعاية يتحول إلى عبء، والعطاء عندما يغيب مقابله يفقد معناه.

وكثيرًا ما يُخطئ البعض حين يظنون أن محبة الآخر كفيلة بالصمود مهما تكرر الإهمال. لكن القلب، مهما اتسع، يظل محدود الطاقة. وعندما يُستنزف بلا تقدير، لا يثور ولا يصرخ، بل يبعث رسالته الصامتة: "عفوًا… لقد نفذ رصيدكم". رسالة تختزن كل ما لم يُقال، وترفض محاولات متأخرة لاستعادة مشاعر أُرهقت واستُهلكت حتى النهاية.

ويمثل هذا الموقف من الناحية النفسية صورة لما يُعرف بالاحتراق العاطفي؛ حين يُنهك العطاء بلا مقابل صاحبه، فينطفئ داخليًا وينسحب بهدوء. ومن الناحية الاجتماعية، هو درس بليغ يوضح لنا أن العلاقات لا تستمر برهان على حب الآخر فقط، بل بتوازن يُشعر كل طرف أن مكانته محفوظة وأن عطاءه يُقدَّر. التفاصيل الصغيرة من الاهتمام والاعتراف تكفي لتجديد الرصيد، بينما غيابها المتكرر لا يخلّف إلا انسحابًا لا عودة بعده.

وفي النهاية، ليست القسوة فيما يقال، بل فيما لم يقدم حين كان الوقت متاحاً. فبعض القلوب إذا أُغلقت لا تعود كما كانت، وبعض الفرص إذا ضاعت لا تُستعاد. ومن أراد أن يحافظ على من يحب، فليمنحه التقدير وهو حاضر، قبل أن يجد نفسه أمام الرسالة الحاسمة: "عفوًا… لقد نفذ رصيدكم".