تفاقمت الأزمة بين الولايات المتحدة وفنزويلا بعد تصريحات نارية أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حذر فيها كراكاس من "عواقب خطيرة" إذا عادت طائراتها العسكرية للتحليق قرب القطع البحرية الأمريكية في البحر الكاريبي.
جذور الأزمة
بدأ التوتر قبل أيام عندما رصدت البحرية الأمريكية طائرتين فنزويليتين من طراز "سوخوي" تحلقان على مسافة قريبة من المدمرة الأمريكية USS Gravely أثناء قيامها بدورية في المياه الدولية. واشنطن اعتبرت ذلك "عملاً استفزازياً خطيراً"، بينما ردت كراكاس بأن الطائرات كانت تقوم بمهمة "اعتيادية في أجواء السيادة الوطنية".
ترامب صعد الموقف، قائلاً: “لن نسمح باستفزاز قواتنا. إذا حاولت فنزويلا تكرار هذا التصرف، فستكون في ورطة كبيرة.”
وبررت الإدارة الأمريكية موقفها بالقول إن تحركاتها في الكاريبي تستهدف مكافحة عصابات تهريب المخدرات التي تستخدم سواحل فنزويلا كنقطة عبور رئيسية نحو الولايات المتحدة. وأكد وزير الدفاع الأمريكي أن بلاده لا تسعى إلى "تغيير النظام" في كراكاس، لكن أي تهديد مباشر للقوات الأمريكية سيواجه "برد حاسم".
كما دفعت واشنطن بمزيد من القطع البحرية إلى المنطقة، وأجرت تدريبات مشتركة مع قوات كولومبيا، الحليف الإقليمي الأبرز للولايات المتحدة.
موقف فنزويلا
على الجانب الآخر، وصف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو التحركات الأمريكية بأنها "عدوان غير مبرر يهدد السلم في المنطقة"، مؤكداً أن بلاده لن تتراجع عن حقها في الدفاع عن أجوائها ومياهها الإقليمية. مادورو اتهم واشنطن بمحاولة "افتعال أزمة" للتغطية على مشاكلها الداخلية، واعتبر أن الحديث عن مكافحة المخدرات مجرد "ذريعة للتدخل".
وأضاف: “نحن لا نسعى إلى حرب، لكن إذا فرضت علينا مواجهة، فسيدافع الشعب الفنزويلي عن سيادته حتى النهاية.”
ردود الفعل الإقليمية
أثارت التطورات قلقاً واسعاً في أمريكا اللاتينية. فقد دعت البرازيل والمكسيك إلى ضبط النفس وتجنب أي تصعيد عسكري في البحر الكاريبي، محذرتين من أن أي مواجهة قد تهدد استقرار المنطقة بأسرها. كما طالبت منظمة الدول الأمريكية بعقد جلسة طارئة لبحث الموقف، في حين أعلنت كوبا وبوليفيا تضامنهما مع فنزويلا ورفضهما "الهيمنة الأمريكية".
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد حذرت بعض الدول الأعضاء في أوبك من أن أي اضطراب في فنزويلا – صاحبة أكبر احتياطي نفطي في العالم – قد ينعكس مباشرة على أسواق الطاقة العالمية، في وقت تشهد فيه أسعار النفط تقلبات حادة أصلاً بفعل الحرب في أوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط.
في ظل التصعيد الكلامي والإجراءات العسكرية المتبادلة، يبقى احتمال الانزلاق إلى مواجهة محدودة وارداً، خصوصاً إذا تكرر حادث الطائرات. لكن محللين يرون أن كلا الطرفين يدرك مخاطر الانفجار العسكري المباشر، ما يجعل الأزمة في الوقت الراهن أقرب إلى حرب رسائل وضغط سياسي منها إلى مواجهة واسعة.