أثار الحديث عن استهداف قادة حركة "حماس" في العاصمة القطرية الدوحة، وفق ما نقلته وسائل إعلام، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإستراتيجية. فالحدث، لا يُعد مجرد ضربة عسكرية عابرة، بل يمثل تحولًا نوعيًا في طبيعة الصراع، كونه ينقل المواجهة من ساحاتها التقليدية في غزة وسوريا إلى قلب عاصمة عربية ترتبط بعلاقات متشابكة مع الولايات المتحدة.
رسالة متعددة الأبعاد
يرى اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن الضربة تحمل رسائل سياسية تتجاوز البعد العسكري المباشر. فهي إشارة واضحة إلى إيران وقطر وتركيا بأن إسرائيل قادرة على الوصول إلى أي مكان تعتبره تهديدًا لأمنها، حتى لو كان ذلك داخل دول حليفة لواشنطن. وبذلك، تتحول العملية إلى استعراض لقدرة إسرائيل على كسر الحدود التقليدية للردع.
تنسيق أمريكي إسرائيلي؟
ما نُقل منح واشنطن الضوء الأخضر عبر إدارة الرئيس دونالد ترامب، يعكس بحسب الخبير عمق التنسيق الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل. حتى وإن لم تعلن واشنطن دعمها المباشر، فإن صمتها أو امتناعها عن الاعتراض يكشف إدراكها المسبق بالعملية، أو على الأقل رضاها الضمني عنها. وهو ما يضع البيت الأبيض في موقف حساس وسط تساؤلات عربية ودولية حول دوره الفعلي.
الموقف القطري بين المعادلة الأمنية والسياسية
الدوحة بدورها تجد نفسها أمام معادلة شديدة التعقيد؛ فهي من جهة تستضيف قيادة "حماس"، ومن جهة أخرى تُعد حليفًا وثيقًا لواشنطن وتحتضن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة. هذه المعادلة قد تضعها في اختبار صعب بين التزاماتها الإقليمية وحساباتها الأمنية، خاصة إذا تحولت أراضيها إلى ساحة لتصفية الحسابات.
تداعيات محتملة على مسار الحرب
وفق اللواء نبيل السيد، قد تدفع الضربة قادة "حماس" إلى إعادة النظر في أماكن تمركزهم، بل وربما تغيّر من طبيعة تحركاتهم وأدواتهم في إدارة الصراع. كما أن العملية ستثير مخاوف واسعة من أن تصبح عواصم عربية أخرى غير آمنة لقيادات الفصائل الفلسطينية، مما يفتح الباب أمام جدل عربي حول جدوى استضافة تلك القيادات في الخارج.
صراع يدخل مرحلة أكثر تعقيدًا
يرى الخبير أن ما جرى لا يمكن اعتباره مجرد ضربة عسكرية، بل هو "رسالة سياسية مركبة" تستهدف قطر والإقليم بأكمله. إنها إشارة إلى أن المواجهة لم تعد حكرًا على الجبهات التقليدية في غزة أو سوريا، بل قد تمتد إلى أي عاصمة عربية، وهو ما يعني أن الصراع دخل مرحلة أكثر تعقيدًا وحساسية.
بين حسابات الردع الإسرائيلي، والحرج القطري، والصمت الأمريكي، يجد الإقليم نفسه أمام معادلة جديدة أكثر خطورة. فالضربة تفتح بابًا واسعًا لإعادة التفكير في طبيعة الصراع وحدود أمن العواصم العربية، لتؤكد أن ما جرى لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل تطور استراتيجي يعيد رسم ملامح المرحلة المقبلة.