قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الشرقاوي:ما يشهده العالم من نزاعات وخلافات يتنافى تمامًا مع قيمة العدالة التي جاء بها النبي ﷺ

أ. د/ أحمد الشرقاوي، وكيل قطاع المعاهد الأزهرية
أ. د/ أحمد الشرقاوي، وكيل قطاع المعاهد الأزهرية

في إطار احتفاء الجامع الأزهر الشريف بذكرى المولد النبوي الشريف، وتحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، واصل الجامع عقد أمسياته الدينية، حيث أقام اليوم الخميس أمسية جديدة تحت عنوان: «العدالة النبوية والقيم الأخلاقية»، حاضر فيها فضيلة أ. د/ أحمد الشرقاوي، وكيل قطاع المعاهد الأزهرية، وشارك فيها القارئ الشيخ أحمد محمود خليل، والمبتهل الشيخ محمد علاء الدين، قدم الأمسية سعد المطعني، المذيع بإذاعة القرآن الكريم سابقًا.

قال فضيلة الدكتور أحمد الشرقاوي، إن العدالة النبوية تعد جزءًا أساسيًا من رسالة الأزهر الشريف التي يحرص على نقلها إلى كل طلابه، لأن القائمين على الأزهر يؤمنوا إيمانًا راسخًا بأن هذه العدالة هي التي تسهم في ترسيخ قيم الأمن والتعايش، ومن ثم تحقيق السلام الشامل في المجتمعات، مضيفًا أن النبي محمد ﷺ أراد من خلال تطبيق العدالة إصلاح المجتمعات، ونشر روح التعاون والأمان فيها، لأن إصلاح أي مجتمع لا يمكن أن يتم إلا من خلال تطبيق العدالة، وما يشهده العالم اليوم من نزاعات وخلافات يتنافى تمامًا مع قيمة العدالة التي جاءت بها الرسالة الخاتمة، والتي تدعو إلى التسامح والإنصاف والرحمة.

وأوضح فضيلة وكيل قطاع المعاهد الأزهرية، أن من يتدبر في سيرة النبي ﷺ يجد أنه قد أرسى قواعد العدالة في كل شأن من شؤون حياته، سواء في بيعه وشرائه، أو في سفره وإقامته، ومع أعدائه وأحبابه على حد سواء، لأن العدالة في الإسلام لا تفرق بين الأعراق أو الأجناس، ولا تعلو فوقها أي سلطة، فهي تعبير عن المنهج الإلهي على الأرض، لذلك عندما أسس النبي ﷺ وثيقة المدينة، نجد أنها منحت المسلمين وغير المسلمين حقوقهم وفرضت عليهم واجباتهم دون أي تفرقة، كما أنها لا تمنع من محاسبة الظالم أو المذنب، أياً كان دينه أو عرقه أو لسانه، فالجميع سواسية أمام العدالة.

وبين الشرقاوي، أن العدالة في الإسلام لا تعرف التمييز ولا تتأثر بالقرابة أو المكانة الاجتماعية، وهو ما أسس له النبي ﷺ: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"، هذا المبدأ الذي أرساه النبي ﷺ يوضح أن العدالة مطلقة ولا تقتصر على شخص معين دون غيره، ومن صور العدالة ايضا وصية  النبي ﷺ  لعلي بن أبي طالب عندما أرسله قاضياً إلى اليمن، بقوله ﷺ: "إذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين، حتى تسمع من الآخر، كما سمعت من الأول؛ فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء"، ففي هذا التوجيه النبوي مبدأ الإنصاف والحيادية في الحكم، مشيرًا إلى أن السلف الصلح طبق هذا المنهج في التعامل في شئون حياتهم، وهو ما يبينه قول سعيد بن سويد: أيها الناس إنّ للإسلام حائطا منيعا، وبابا وثيقا، فحائط الإسلام الحق وبابه العدل، ولا يزال الإسلام منيعا ما اشتد السلطان، وليست شدة السلطان قتلا بالسيف ولا ضربا بالسوط، ولكن قضاء بالحق وأخذ بالعدل.

وذكر وكيل قطاع المعاهد الأزهرية أن الأخلاق والعدالة هما وجهان لعملة واحدة، فالعدالة لا يمكن أن تقام بشكل صحيح دون وجود أساس أخلاقي متين، كما أن الأخلاق ترتبط ارتباطًا وثيقًا بكل من الإيمان والعلم، فلا علم حقيقي دون إيمان، ولا إيمان صادق دون أخلاق، لذلك، فإن الأخلاق هي سر بقاء الأمم ونهضتها، من واجبنا جميعًا أن نتبنى هذه المنظومة الأخلاقية ونطبقها في حياتنا، متأسيين بأخلاق النبي محمد ﷺ، مبينا أن هناك أن مسؤولية التربية والتوعية الأخلاقية تقع على عاتق الأسرة والمؤسسات التعليمية، فهما الركيزتان الأساسيتان لبناء مجتمع قائم على القيم والأخلاق.

وفي ختام كلمته أكد وكيل قطاع المعاهد الازهرية على حاجة الأمة الإسلامية الماسة لتعلم العدالة النبوية وتطبيقها في مجتمعاتنا المعاصرة، لأن العدالة النبوية ليست مجرد مبدأ نظري، بل هي أساس متين لإصلاح الأفراد والمجتمعات، كما أن تطبيق القيم الأخلاقية الراقية التي أرساها النبي ﷺ، مثل الصدق والأمانة والإحسان، هو السبيل الوحيد لإصلاح أحوال المجتمع ككل، وضمان التكافل والتعاون بين أفراده، حيث تمثل هذه القيم ركيزة أساسية لبناء مجتمع متماسك وقوي يزدهر فيه الخير وتتلاشى فيه مظاهر الظلم والفساد، مما يؤدي إلى نهضة شاملة على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

من جانبه قال سعد المطعني، إن حاجتنا اليوم إلى الاقتداء بأخلاق النبي ﷺ أشد من أي وقت مضى، لأن منظومة الأخلاق النبوية منهجًا عمليًا لا مجرد كلام، جسدها النبي ﷺ في كل تفاصيل حياته، وعمل بها أصحابه الكرام من بعده، فكانت سببًا في نهضة الأمة وقوتها، في عالمنا المعاصر الذي تتزايد فيه التحديات الأخلاقية، يظل الطريق إلى صلاح أحوالنا وتماسك مجتمعاتنا هو العودة إلى تلك القيم.