في أجواء احتفالية غير مسبوقة، استقبلت بريطانيا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزوجته ميلانيا في قلعة وندسور، أقدم وأكبر قلعة مأهولة في العالم، والتي تمثل رمزًا لتاريخ العائلة المالكة البريطانية على مدى نحو ألف عام. الزيارة التي وُصفت بأنها الأكبر من نوعها من حيث المراسم العسكرية والاحتفالية، لم تخلُ من مشاهد لافتة أثارت الجدل، بدءًا من التأخر عن المواعيد وصولًا إلى لقطات أثارت تحفظات بشأن البروتوكول الملكي.
استقبال ملكي غير مسبوق
حرصت المملكة المتحدة على إظهار حفاوة استثنائية خلال استقبال ترامب، حيث انطلقت مراسم رسمية شملت موكبًا لعربات الخيول التقليدية، وإطلاق طلقات المدافع، بالإضافة إلى عرض جوي مهيب. كما أُقيمت مأدبة فاخرة على شرف الضيف الأمريكي، فيما أكدت السلطات البريطانية أن هذه المراسم تُعد الأكبر لاستقبال رئيس دولة في التاريخ المعاصر.
جولة تاريخية وإحياء ذكرى إليزابيث الثانية
اصطحب أفراد العائلة المالكة الرئيس الأمريكي وزوجته في جولة خاصة داخل القلعة، شملت الاطلاع على مقتنيات تاريخية من المجموعة الملكية البريطانية ذات صلة بالولايات المتحدة. كما زار ترامب وزوجته كنيسة سانت جورج، حيث وضع إكليلًا من الزهور على قبر الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، التي كانت قد استقبلته في زيارته الرسمية الأولى إلى بريطانيا عام 2019.
تأخر يثير غضب الملك تشارلز الثالث
رغم الاستعدادات الضخمة، لم تخلُ الزيارة من مواقف مثيرة للجدل. فقد ذكرت صحيفة ذا ميرور أن تأخر وصول ترامب وميلانيا عن الموعد المحدد أثار انزعاج الملك تشارلز الثالث، إذ كان من المقرر أن يلتقي الرئيس بالأمير ويليام وكيت ميدلتون عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا. غير أن المروحية الرئاسية "مارين وان" لم تحط في محيط قلعة وندسور إلا بعد عشر دقائق من الموعد، ما أجبر الأميرين على الانتظار.
مشهد بروتوكولي يثير الجدل
إضافة إلى التأخير، تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا يُظهر ترامب وهو يسير متقدمًا على الملك تشارلز خلال الاستقبال العسكري أمام مئات الجنود البريطانيين، بل ووقف يتحدث مع أحد أفراد الجيش بينما كان الملك يسير خلفه. هذه اللقطة أثارت جدلًا واسعًا، إذ رآها البعض تجاهلًا للبروتوكول، في حين اعتبرها آخرون تصرفًا غير مقصود.
أجندة سياسية واقتصادية
بعيدًا عن الجدل البروتوكولي، تحمل زيارة ترامب أهدافًا سياسية واقتصادية بارزة. فمن المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مقر الإقامة الريفي "تشيكرز"، حيث ستتركز المحادثات على ملف الاتفاقات التجارية والرسوم الجمركية. وأكد ترامب أن البريطانيين "يرغبون في تحسين الاتفاق قليلًا"، مشيرًا إلى أن النقاشات ستتناول مستقبل الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
زيارة ترامب إلى قلعة وندسور جمعت بين العظمة الملكية والجدل الإعلامي. ففي الوقت الذي حرصت فيه بريطانيا على تنظيم استقبال تاريخي غير مسبوق يعكس قوة العلاقات الثنائية، ألقت بعض المواقف البروتوكولية بظلالها على المشهد. ومع ذلك، يبقى البعد السياسي والاقتصادي هو الأهم، حيث تُشكل المحادثات المقبلة بين ترامب وستارمر اختبارًا عمليًا لمستقبل العلاقات الأمريكية البريطانية في مرحلة دقيقة من التحولات العالمية.