تواجه سوق التأمين الصحي في الولايات المتحدة أزمة وشيكة مع اقتراب انتهاء صلاحية الاعتمادات الضريبية المعززة التي تم إدخالها ضمن قانون الرعاية الميسرة في أعقاب جائحة كورونا، وهو ما ينذر بارتفاعات قياسية في أقساط التأمين خلال العام المقبل، في وقت يواجه فيه الاقتصاد الأمريكي بالفعل ضغوطا على مستويات التضخم والإنفاق الأسري.
ووفقا لتحليل صادر عن مركز "بيترسون للرعاية الصحية" ومؤسسة "كيه إف إف" غير الربحية، فإن المدفوعات الشهرية للأسر المسجلة في أسواق التأمين الصحي التابعة لقانون الرعاية الميسرة مرشحة للزيادة بأكثر من 75% في المتوسط، بينما توقعت تحليلات أخرى على مستوى الولايات أن تكون الزيادة أكبر من ذلك، بحسب ما نقلته مجلة "نيوزويك" الأمريكية.
ويرى خبراء أن انتهاء هذه الإعفاءات ستشكل أكبر تهديد حاليا لتكلفة الرعاية الصحية وأهلية التغطية؛ حيث قد تواجه ملايين الأسر الأمريكية ضغوطا مالية حادة، ما قد يدفع البعض إلى إسقاط التغطية التأمينية بالكامل، وفي حال انسحاب الأصحاء من السوق، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع إضافي في الأقساط لجميع المسجلين.
وكانت الإعفاءات الضريبية على أقساط التأمين جزءا من "خطة الإنقاذ الأمريكية" التي وقعها الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في 2021، ثم جرى تمديدها حتى نهاية 2025 بموجب "قانون خفض التضخم"، وساعدت هذه الإعفاءات في مضاعفة عدد المسجلين في أسواق التأمين من 11.4 مليون شخص عام 2020 إلى 24.3 مليون شخص في 2025.
لكن مع انتهاء الدعم بنهاية هذا العام، باتت المخاطر واضحة؛ حيث أظهرت البيانات أن نحو 88% من الأسر منطقة في رود آيلاند ستواجه زيادات مباشرة في أقساطها، كما أشار مايكل همفريز، مفوض التأمين في بنسلفانيا، إلى أن الزيادة قد تصل إلى 82% أو أكثر للمسجلين في سوق التأمين بالولاية.
وحذر جوناثان جروبر، أحد أبرز مهندسي قانون الرعاية الميسرة في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما، من أن الوضع سيرفع التكلفة لسببين: أولهما أن معظم المسجلين سيدفعون أكثر مقابل التأمين، وثانيهما أن ذلك سيدفع الكثيرين للتخلي عن التغطية، خصوصاً الأصحاء، ما يرفع تكلفة الأقساط على البقية، مضيفا: "هذه التطورات ستخلق صدمات سعرية كبيرة لملايين الأمريكيين".
أما الاقتصادي الصحي بنيامين سومرز من جامعة هارفارد فأكد أن انتهاء الدعم السخي قد يؤدي إلى زيادة بين 75% و80%، مشيرا إلى دراسة حديثة توقع فيها أن 3.7 مليون شخص قد يفقدون تغطيتهم التأمينية نتيجة انتهاء هذه الاعتمادات.
أشار المحللون أن فقدان هذا الدعم سيزيد الضغوط على الأسر الأمريكية في وقت يشهد فيه الاقتصاد تباطؤا في سوق العمل وارتفاعا في تكاليف المعيشة، فكل زيادة في أقساط التأمين ستقلص من الدخل المتاح للإنفاق، ما قد يؤثر على الاستهلاك، وهو محرك رئيسي للنمو في الولايات المتحدة، كما أن حالة عدم اليقين في السوق تدفع شركات التأمين إلى رفع أقساطها تحسبا للمخاطر، الأمر الذي يعزز التضخم في قطاع الخدمات الصحية.
ويرتبط مصير هذه الإعفاءات مرتبط حاليا بمفاوضات الإنفاق في الكونجرس للعام المالي 2026، حيث يسعى الديمقراطيون إلى تضمين تمديد دائم للإعفاءات في مقترح ميزانيتهم، وهو مقترح رفضه الجمهوريون بالفعل، ويواجه المشرعون مهلة حتى الأول من أكتوبر لتمرير خطة إنفاق شاملة أو إقرار تمويل مؤقت لتفادي الإغلاق الحكومي، ما يزيد من تشابك البعد الصحي مع المشهد الاقتصادي والسياسي الأمريكي.
أزمة التأمين الصحي تلوح في الأفق بأمريكا مع انتهاء الدعم الضريبي ووسط الضغوط الاقتصادية
