قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن الجلوس على الطريق، والذي رواه الإمام البخاري عن الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، يبيّن بوضوح أن للطريق حقوقاً واجبة على من يجلس فيه.
النهي عن الجلوس في الطرقات
وأوضح خلال تصريح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والجلوس على الطرقات»، فلما اعترض الصحابة بأنهم يحتاجون إلى الجلوس في الطرقات لأنها مجالسهم، بيّن لهم أن الطريق له حق، وهو غضّ البصر، وكفّ الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
وأضاف جبر أن كلمة "حق الطريق" تعني حق الشرع الذي أوجبه الله على المكلف إذا جلس في الطريق، وليس المقصود أن الطريق يطالب بحقه حرفياً، مشيراً إلى أن الحديث يحمّل الجالس في الطريق تكاليف شرعية تتعلق بحقوق الناس وسلامتهم وخصوصيتهم.
وأكد أن لفظ "إياكم" في الحديث هو اسم فعل أمر بمعنى "احذروا"، مما يدل على أن النهي هنا جاد ومؤكد.
وبيّن أن النهي خاص بالجلوس في الطرقات التي يسير فيها الناس، أما إذا جلس الإنسان في مكان غير مأهول أو مقطوع لا يمر به أحد، فلا حرج عليه في ذلك، لأنه لا يطّلع على عورات أحد ولا يتعلق به تكليف شرعي.
وأشار جبر إلى أن الحديث يشمل أيضاً من يجلس في النوافذ أو الشرفات أو الأسطح المطلة على الطريق، لأن العين هنا تطّلع على المارة، فيلزم مراعاة آداب الطريق وغضّ البصر وعدم التسبب في كشف عورات الناس أو تتبع أحوالهم.
ولفت إلى أن العمارة الإسلامية القديمة كانت تراعي هذه القيم؛ فتصميم البيوت كان يتجه إلى الداخل، بحيث تكون الشرفات والفسحات داخلية لا تطل على الشارع، حفاظاً على خصوصية أهل البيت. أما انتشار الطراز الغربي في البناء فقد جعل الشرفات مكشوفة على الطرقات، وهو ما يتطلب من المسلم مزيداً من الحياء وضبط السلوك.
وأكد على أن الإسلام دين حياء واحترام، وأن مراعاة حقوق الطريق من غضّ البصر وكفّ الأذى وردّ السلام من أهم معالم أخلاق المسلم وسلوكه القويم في المجتمع.
ضوابط الجلوس في الطريق
وقال الشيخ أبو اليزيد سلامة، من علماء الأزهر الشريف، إن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، نهى أصحابه عن الجلوس فى الطرقات، لإعطاء الطريق حقه، مستشهدا بالحديث النبوي الشريف: "إِيَّاكُم وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقاتِ، فقَالُوا: يَا رسَولَ اللَّه، مَا لَنَا مِنْ مَجالِسنَا بُدٌّ، نَتحدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِس فَأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ، قالوا: ومَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رسولَ اللَّه؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَر، وكَفُّ الأَذَى، ورَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بالْمَعْروفِ، والنَّهْيُ عنِ الْمُنْكَرِ متفقٌ عَلَيهِ.".
تابع العالم الأزهري، خلال تصريح له: "سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم حدد أربعة حقوق للطريق منها كف الأذى الشباب التى تقف على الطريق تؤذى الناس، ومواكب الأفراح أذى لأنها تؤثر على صحة الناس، وإلقاء القمامة فى الطرقات وسيدنا النبي استخدم تعبير كف الأذى ليواكب جميع الأذى بالقول بالفعل بالحركات".
واستكمل: "سيدنا النبي أمرنا بإلقاء السلام، وبالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لو شوفت خطأ تدخل بالمعروف وانصح، وبلاش تقول أنا مالى تدخل بشكل قانوني وإيجابي، حتى لا تصنع سيئة سلبية، وهى مد الغوث والعون لمريض أو من يحتاج إلى المساعدة، سواء حادث فى الطريق أو مشكلة لم تتدخل فى حلها".