قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

مونيكا وليم تكتب: لقاء الإثنين سبتمبر 2025.. ترامب ونتنياهو .. اختبار حاسم

مونيكا وليم
مونيكا وليم

يأتي اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك يوم 29 سبتمبر 2025 في لحظة سياسية دولية بالغة الحساسية. فجلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة شكلت محطة مفصلية، حيث شهدت سلسلة جديدة من اعترافات دول مؤثرة بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي ضاعف عزلة إسرائيل والولايات المتحدة على الساحة الدولية، وأعاد وضع الحرب على غزة إلى صدارة الاهتمام العالمي.

وبالنظر إلى أن الأيام الأخيرة شهدت حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، حيث أصدرت الدول العربية بياناً أكدت فيه أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، مع الاتفاق على وضع ترتيبات لوجستية وإجرائية واضحة لتنفيذ أي تسوية مرتقبة.

أعاد البيان التذكير بمضامين الفقرة 15 من “إعلان نيويورك” التي شددت على مسؤولية مجلس الأمن والولايات المتحدة في ضمان الأمن والسلم الدوليين.
هذه التطورات وضعت الولايات المتحدة أمام اختبار صعب: فاستمرار الحرب يفاقم صورتها كطرف منحاز ومعطل لجهود السلام، بينما يسعى ترامب، الطامح إلى تقديم نفسه كصانع سلام قادر على إنهاء “الأزمة الإنسانية ” في غزة وإعادة ضبط توازن القوى في الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الأمريكية.
ورغم أن هناك أسباباً تدعو إلى التفاؤل الحذر، بعد الإعلان عن  خطة ترامب لإنهاء الحرب التي تتضمن 21 بنداً منهم 10 بنود لليوم التالي ، أهمها: وقف إطلاق نار شامل وفوري، انسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع تحت إشراف دولي. ،منع أي عمليات تهجير جماعي للسكان أو توطين قسري إدخال مؤسسات إغاثة دولية كالأمم المتحدة والبنك الدولي لتولي عملية الإعمار، إعادة الإعمار بضمانات دولية وربطها بحوافز اقتصادية،  فإن المشهد لا يزال معقداً. فالصحف الدولية، ومن بينها وول ستريت جورنال، أشارت إلى أن ترامب سيضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسيشرف شخصياً على خطة الحل خلال لقائهما المرتقب،  ترامب يسعى للظهور بمظهر “صانع السلام” والخروج بخطاب المنتصر الذي نجح في إنهاء الحرب، مع طرح مقترح لمنطقة عازلة أمنية داخل قطاع غزة واستمرار بعض الأنشطة العسكرية على غرار ما يجري في جنوب لبنان، مع ضمان دور إسرائيلي في الإشراف على عملية إعادة الإعمار.
عمليا تطرح الخطة ثلاث نقاط جوهرية تمثل هزيمة سياسية وتحدياً أيديولوجية واستراتيجياً لليمين الإسرائيلي الذي كان يراهن على مقايضة غزة بضم الضفة والتي تتمثل بدورها في الانسحاب التدريجي من قطاع غزة بما يعني وقف الاستيطان ومنع التهجير القسري ونهاية فكرة السيطرة الكاملة على غزة أو تحويلها إلى منطقة عازلة دائمة، كما تعطل خطة الضم التدريجي للضفة الغربية التي كانت جزءاً من أجندة الحكومة اليمينية الحالية ، والالتزام بإعادة الإعمار عبر مؤسسات دولية وبقاء البنية السكانية للقطاع كما هي. 
لكن التحدي الأكبر أمام الخطة يتمثل في الضغط الداخلي الذي يواجه كل من ترامب ونتنياهو، فمع استقراء السياق الدولي، فقد كشفت جلسات الأمم المتحدة الأخيرة عن حجم التآكل في الدعم الدولي للموقفين الإسرائيلي والأمريكي. لم يقتصر الأمر على الدول العربية والإسلامية، بل شمل حلفاء تقليديين في أوروبا وأمريكا اللاتينية الذين أكدوا أن استمرار الحرب يهدد الاستقرار الإقليمي والأمن الدولي. الفقرة 15 من “إعلان نيويورك” طالبت بضرورة تحرك مجلس الأمن، وهو ما يعني عملياً تحميل الولايات المتحدة مسؤولية تعطيل قرارات وقف إطلاق النار عبر استخدام الفيتو المتكرر.
وعليه، قد ساهم هذا المناخ في خلق ضغطاً مضاعفاً على ترامب الذي يدرك أن صورته الدولية على المحك، وأن أي تهاون في إنهاء الحرب قد يُستغل ضده من الديمقراطيين ومن تيارات انعزالية MAGA في الحزب الجمهوري تطالب بتقليص التدخلات الخارجية والتركيز على الداخل الأمريكي بانتهاج سياسة “أمريكا أولاً” ويرفض استمرار استنزاف الموارد في دعم إسرائيل بلا حدود. هذه الازدواجية تجعل ترامب بحاجة إلى مخرج سياسي يوازن بين الطرفين، ويتيح له الظهور بمظهر الزعيم الذي أوقف حرباً مدمرة وحمى المصالح الأمريكية دون أن يبدو خاضعاً لشروط نتنياهو أو معادياً للقيم الأمريكية.
اما ثاني موطن ضغط يتمثل في الضغوط العربية والدولية والتي تمثل لحظة اختبار لترامب خاصة من قبل الدول العربية، مصر وقطر والسعودية والإمارات، التي رفعت منسوب الضغط الدبلوماسي في الأسابيع الأخيرة، باعتبار أن استمرار الحرب يهدد الأمن القومي العربي ويغذي التطرف وعدم الاستقرار. هذه الدول تدفع باتجاه خطة شاملة لوقف الحرب، تتضمن آليات للإعمار وضمانات دولية لمنع التهجير أو إعادة الاحتلال.
من جانب آخر، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة اعتبرا أن أي حل لا يتضمن إعادة السلطة الفلسطينية أو صيغة إدارة مدنية متفق عليها سيبقى هشاً وغير قابل للاستمرار، وبالتالي كل هذه المواقف وضعت إسرائيل وواشنطن في زاوية حرجة وأظهرت أنهما في عزلة متنامية عن الإجماع الدولي.
وعلي الجانب الأخر ، يجد نتنياهو نفسه أمام معضلة حقيقي،  القبول بخطة ترامب سيعني مواجهة غضب حلفاؤه في الائتلاف الحاكم الذين يطالبون بحسم عسكري كامل وإعادة توطين غزة وهو ما برز من تصريحات سموتريتش وبن غفير السبت 27 بتمير بان نتنياهو لم يملك الخيار السياسي المطلق لإنهاء الحرب ، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار حكومته وربما انتخابات مبكرة. في المقابل، رفض الخطة قد يؤدي إلى خسارة دعم ترامب الذي يمثل بالنسبة لنتنياهو رهاناً استراتيجياً على المستوى الدولي، خصوصاً مع عزلة إسرائيل المتزايدة والتي تبلورت أيضا خلال انسحاب الوفود أثناء إلقاء نتنياهو كلمته 
هذه المعضلة تجعل اللقاء المقبل يوم الاثنين مفصلياً: هل سينجح ترامب في الضغط على نتنياهو لتقديم تنازلات؟ أم سيختار نتنياهو إطالة أمد الحرب ومخاطرة الدخول في مواجهة سياسية داخلية وخارجية تهدد مستقبله؟

خاتماً رغم تعقيدات المشهد، تبقى خطة ترامب أفضل ما هو مطروح حالياً لإنهاء الكارثة الإنسانية في غزة ومنع تفجر جبهات جديدة في المنطقة الا أن نجاح هذه الخطة يتوقف على قدرة ترامب على ممارسة ضغوط حقيقية على نتنياهو، وعلى استعداد الأخير لتحمل الكلفة السياسية داخلياً.
وبالتالي ما ستسفر عنه اجتماعات الاثنين سيكون اختباراً حقيقياً لمصداقية الإدارة الأمريكية، ليس فقط تجاه القضية الفلسطينية، بل تجاه قدرتها على صياغة تسوية شاملة في منطقة تشهد حالة من الانفلات الإقليمي وتنامي التحديات الأمنية من العراق وسوريا وحتى الحدود التركية