قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

من الذهب إلى العقارات والبورصة .. كيف سيغيّر قرار خفض الفائدة مسار الاقتصاد وحياة المصريين؟ | خبير يعلق

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في خطوة تحمل أبعاداً اقتصادية واجتماعية واسعة، أعلن البنك المركزي المصري، عبر لجنة السياسة النقدية، خفض أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 1% لتسجل 21% على الإيداع و22% على الإقراض. القرار الذي صدر يوم الخميس 2 أكتوبر 2025 يُعد الرابع من نوعه منذ بداية العام، ما يعكس تحركاً متدرجاً نحو دعم النشاط الاقتصادي، بعد فترة من التشديد النقدي لمواجهة التضخم.

لكن وراء الأرقام، تتكشف قصص متعددة.. مستهلكون يبحثون عن استقرار في الأسعار، مستثمرون يتطلعون إلى فرص توسع، وحكومة تسعى لتخفيف أعباء المديونية. فهل يمثل هذا الخفض نقطة تحول في مسار الاقتصاد المصري؟

خلفية القرار.. التضخم يتراجع

جاء قرار الخفض في ظل تراجع معدل التضخم السنوي بالمدن المصرية إلى 12% في أغسطس مقارنة بـ13.9% في يوليو. البيانات التي نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عكست بداية لانحسار موجة الارتفاعات، خصوصاً أن التضخم الأساسي، الذي يستثني السلع الأكثر تقلباً مثل الغذاء والوقود، انخفض إلى 10.7% في أغسطس من 11.6% في يوليو.

هذا التراجع أرسل رسالة طمأنة إلى البنك المركزي مفادها أن السياسة النقدية المتشددة التي اتُبعت على مدار العامين الماضيين بدأت تؤتي ثمارها. ومن هنا جاء القرار، مع توقعات أن يواصل معدل التضخم الهبوط إلى حدود 14% في الربع الأخير من 2025، وصولاً إلى المستهدف الرسمي عند 7% (±2) بنهاية 2026.

أسباب الخفض.. بين المحلي والعالمي

البنك المركزي أرجع خطوته إلى مجموعة من العوامل:

محلياً: تباطؤ التضخم وتراجع الضغوط السعرية على السلع الأساسية، إضافة إلى تحسن نسبي في استقرار العملة.

عالمياً: موجة التيسير النقدي التي اتخذتها عدة بنوك مركزية كبرى، مع انخفاض أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة والمتقدمة على السواء.

وبينما يرى بعض المراقبين أن خفض الفائدة الآن يعكس ثقة في قدرة الاقتصاد على مواجهة أي ضغوط تضخمية مستقبلية، يرى آخرون أن التوقيت محفوف بالمخاطر إذا ما شهدت الأسواق العالمية تقلبات حادة.

الذهب.. ملاذ المصريين الأبدي

لطالما ارتبطت قرارات خفض الفائدة في مصر بتحولات في سوق الذهب. فمع تراجع جاذبية الشهادات الادخارية، يتجه كثير من المواطنين إلى الذهب كملاذ آمن يحافظ على القيمة.

وقال خبراء " إن القرار سيدفع شرائح واسعة من المدخرين إلى إعادة النظر في استثماراتهم، متوقعين زيادة الطلب على الذهب في الفترة المقبلة. ويبدو أن هذا التوجه يعكس طبيعة المجتمع المصري، الذي خبر مراراً أثر التضخم على مدخراته، فاختار الذهب كخط دفاع أول في مواجهة الغموض الاقتصادي.

الرابحون من القرار

الرابحون:

القطاعات العقارية: خفض تكلفة الاقتراض يمنح دفعة للمطورين والمشروعات السكنية.

قطاع الذهب: ارتفاع الطلب المتوقع على المعدن النفيس.

الحكومة: حيث يخفف كل خفض بمقدار 1% من الفائدة نحو 75 إلى 80 مليار جنيه من عبء خدمة الدين العام.

 

شهادات الادخار.. تغييرات حتمية

بمجرد إعلان القرار، بدأت البنوك الحكومية والخاصة بمراجعة أسعار العائد على شهاداتها الادخارية. وتُعد شهادات العائد المتغير الأكثر تأثراً، وعلى رأسها:

البنك الأهلي المصري: الشهادة البلاتينية المتغيرة بعائد 22.25% ربع سنوي.

بنك مصر: شهادة "القمة" بعائد 21.75% يصرف يومياً.

بنك القاهرة: يقدم بين 20.75% شهرياً و21.75% ربع سنوي.

البنك التجاري الدولي (CIB): بعائد 20.75% شهرياً.

بنك الكويت الوطني – مصر: بعوائد تصل إلى 23% ربع سنوي.

هذه التغييرات تفتح نقاشاً جديداً حول مستقبل الادخار في مصر، وما إذا كان الذهب أو العقار سيتصدران اختيارات المواطنين على حساب الأدوات البنكية التقليدية.

تأثير القرار على الأسواق المختلفة

قطاع الغذاء

يرى حازم المنوفي، رئيس جمعية "عين" لحماية التاجر والمستهلك، أن خفض الفائدة يشجع المستثمرين على ضخ أموال جديدة في الصناعات الغذائية، مما يساهم في زيادة المعروض وخفض الأسعار.

قطاع الدواجن

سامح السيد، رئيس شعبة الدواجن بالجيزة، أوضح أن القرار لن يكون له أثر مباشر على الدواجن، لأن التحديات هناك مرتبطة بمدخلات الإنتاج العالمية مثل الأعلاف.

الخضروات والفاكهة

بحسب حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة، فإن القرار سينعكس على حركة التداول اليومي، من خلال تنشيط رأس المال العامل وزيادة الإنفاق الاستهلاكي.

البورصة

الخبراء انقسموا.. البعض رأى أن أثر خفض الفائدة سيكون محدوداً لأن السوق بات يتحرك بفعل الاستحواذات وصفقات الشركات أكثر من معدلات الفائدة، بينما رأى آخرون أن انخفاض تكلفة التمويل قد يمنح بعض الأسهم دفعة إضافية.

في خطوة لاقت ترحيباً من الأوساط الاقتصادية والأكاديمية، وصف الدكتور عبد الهادي مقبل، رئيس قسم الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة طنطا، قرار البنك المركزي المصري، الصادر يوم الخميس 2 أكتوبر 2025، بخفض سعر الفائدة بمقدار 1%، بأنه "خطوة إيجابية ورسالة طمأنة" بأن الاقتصاد المصري يسير في الاتجاه الصحيح، خاصة فيما يتعلق بمعدلات التضخم واستقرار سعر الصرف.
وبرأيه، فإن البنك المركزي أرسل إشارة قوية بأن التضخم تحت السيطرة، وأن المرحلة المقبلة قد تشهد انتعاشاً في الاستثمارات.

مؤشرات مطمئنة على استقرار الأسعار

بحسب مقبل، فإن توقيت خفض الفائدة يحمل دلالات مهمة؛ فهو يعكس ثقة البنك المركزي في أن الضغوط التضخمية آخذة في الانحسار. فقد أظهرت البيانات الأخيرة تراجع معدل التضخم الأساسي إلى 10.7% في أغسطس مقابل 11.6% في يوليو، وهو ما يشير إلى أن السياسة النقدية المشددة التي اتُبعت خلال الأشهر الماضية بدأت تؤتي ثمارها على أرض الواقع.

دعم للاستثمار وتحريك عجلة النمو

يرى الخبير أن هذه الخطوة تفتح الباب أمام تنشيط الاستثمارات المحلية والأجنبية، خصوصاً في القطاعات الإنتاجية كالصناعة والخدمات، التي تعتمد بشكل كبير على التمويل. فخفض تكلفة الاقتراض يمنح الشركات متنفساً جديداً لمواجهة الضغوط، ويفتح المجال أمام توسعات توفر فرص عمل جديدة وتزيد من الإنتاج.

كما أشار إلى أن القرار يبعث برسالة إيجابية للأسواق العالمية، مفادها أن مصر تتحرك بثبات نحو الاستقرار الاقتصادي، وهو ما قد يترجم إلى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب وتراجع تكلفة الاقتراض الخارجي.

المواطن المستفيد على المدى المتوسط

يؤكد مقبل أن المواطن العادي قد لا يلمس أثر القرار بشكل مباشر في الوقت الحالي، لكنه سيستفيد تدريجياً مع تراجع الأسعار وتوفير بيئة اقتصادية أكثر استقراراً. فمع انخفاض تكلفة التمويل على الشركات، ستصبح قادرة على تقديم السلع والخدمات بأسعار أكثر تنافسية، وهو ما ينعكس إيجابياً على حياة المواطنين.

مستقبل التضخم وتوقعات المرحلة المقبلة

أوضح رئيس قسم الاقتصاد أن استمرار البنك المركزي في هذه السياسة، مع الحفاظ على استقرار السياسات النقدية، سيقود إلى تحقيق مستهدف التضخم عند 7% (±2) بحلول نهاية 2026. وهو ما يضع الاقتصاد المصري على مسار أكثر استدامة، ويعزز مناخ الثقة لدى المستثمرين، داخلياً وخارجياً.

خطوة جريئة نحو الاستقرار

في المحصلة، وصف مقبل قرار خفض الفائدة بأنه خطوة "إيجابية وجريئة"، تمثل دليلاً عملياً على نجاح مصر في السيطرة على التضخم بعد سنوات من التحديات الاقتصادية. ورغم أن النتائج لن تكون فورية، إلا أن تأثيرها التدريجي سيتجسد في تراجع الأسعار، تنشيط الاستثمارات، وزيادة معدلات النمو، لتصبح هذه الخطوة نقطة تحول في مسار الاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة.

خطوة على الطريق الطويل

قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة ليس مجرد إجراء تقني، بل هو رسالة سياسية واقتصادية في آن واحد.. "مصر تدخل مرحلة جديدة من الاستقرار بعد سنوات من الضغوط".

لكن هذه الخطوة، رغم جرأتها، ليست سوى بداية الطريق. فنجاحها مرهون بقدرة الحكومة على موازنة كبح التضخم مع تحفيز النمو، وبمدى قدرة القطاع الخاص على استغلال الفرصة لتوسيع الإنتاج وتوفير فرص العمل.

القرار قد لا يغيّر حياة المواطن بين ليلة وضحاها، لكنه يؤسس لمرحلة أكثر استقراراً في الأسعار وفرصاً أوفر في الاستثمار، لتصبح هذه الخطوة إحدى العلامات الفارقة في رحلة الاقتصاد المصري نحو التعافي المستدام.