قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

رحيل الأديب المصري رؤوف مسعد بعد مسيرة حافلة بالإبداع والمغامرة الفكرية

رؤوف مسعد
رؤوف مسعد

رحل عن عالمنا اليوم، السبت، الأديب والروائي المصري رؤوف مسعد، عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد مسيرة حافلة امتدت لعقود طويلة، تنقّل خلالها بين القاهرة وبغداد ووارسو وأمستردام، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا وفكريًا ثريًا، جعل منه أحد أبرز الأصوات المتمردة في الأدب العربي المعاصر.

نعى عدد من الأدباء والمثقفين الراحل، وفي مقدمتهم الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد الذي كتب عبر صفحته على “فيس بوك”:  “رؤوف مسعد يغير عنوانه ويرحل إلى السماء، ويلحق برفيقه صنع الله إبراهيم”.

ينتمي رؤوف مسعد إلى جيل الكتّاب الذين جمعوا بين المغامرة الفكرية والجرأة الإبداعية، ودفعوا ثمنًا باهظًا لمواقفهم الفكرية والسياسية، فقد تعرّض للسجن في ستينيات القرن الماضي بسبب انتمائه لأحد التنظيمات اليسارية، وهناك بدأت تتفجر طاقاته الإبداعية، فكتب أولى مسرحياته داخل الزنزانة، لتكون شرارة انطلاق مسيرته الأدبية.

وُلد الراحل عام 1937 لأسرة قبطية بروتستانتية، وكان والده قسًا، لكنه تمرد على الموروث الديني والمذهبي، معلنًا رؤيته الحرة تجاه الدين والفكر والإنسان، وهو ما انعكس بوضوح في كتاباته التي اتسمت بالجرأة الفكرية والانفتاح الثقافي.

بعد خروجه من السجن، سافر إلى بولندا لدراسة الإخراج المسرحي، ومن هناك بدأت رحلة الاغتراب التي قادته إلى عدد من العواصم العربية والأوروبية، قبل أن يستقر في أمستردام حيث عاش سنواته الأخيرة.

قدّم رؤوف مسعد خلال مسيرته عددًا كبيرًا من الأعمال الأدبية التي رسّخت اسمه بين كبار كتّاب جيله، ومن أبرز رواياته: "بيضة النعامة" (1994)، "غواية الوصال" (1997)، "صانعة المطر" (1999)، "مزاج التماسيح" (2000)، و"إيثاكا" (2007)، إلى جانب كتابه السيرذاتي "لما البحر ينعس: مقاطع من حياتي" (2019)، وأعماله المسرحية مثل "يا ليل يا عين" و"لومومبا" و"النفق".

اتسمت كتاباته بجرأتها في تناول قضايا الحرية والهوية والاغتراب، وانحيازها الدائم للإنسان البسيط في مواجهة القهر والسلطة، كما تميز بأسلوب لغوي فريد يجمع بين الواقعية الساخرة والتأمل الفلسفي العميق، وهو ما جعله صوتًا أدبيًا مختلفًا ظلّ حاضرًا بقوة في المشهد الثقافي رغم سنوات المنفى.

برحيله، يفقد الأدب العربي أحد رموزه الذين جعلوا من الكتابة فعل حرية ومقاومة، ومن الكلمة وسيلةً لتعرية الزيف وكشف جوهر الإنسان في صراعه مع الواقع.
ويبقى رؤوف مسعد علامة بارزة في مسيرة الإبداع المصري والعربي، واسمًا سيظل حاضرًا في ذاكرة الأدب ككاتبٍ لم يساوم، ولم يتنازل عن حلمه في حرية الفكر والإنسان.