قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

التاريخ يعيد نفسه| مشهد محمد الدرة يتكرر في السودان.. حقيقة صورة أم احتضنت طفلها قبل قتله بالفاشر

أم سودانية تحتضن طفلها قبل إعدامها
أم سودانية تحتضن طفلها قبل إعدامها

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية صورة مؤلمة هزّت مشاعر الملايين، قيل إنها لأم سودانية تحتضن طفلها قبل لحظات من إعدامها على يد ميليشيات الدعم السريع في مدينة الفاشر بإقليم دارفور.
المشهد الذي انتشر بعنوان.. "التاريخ يعيد نفسه في السودان.. أم تحتضن ابنها قبل قتله" أعاد إلى الأذهان صورة الشهيد محمد الدرة في فلسطين عام 2000، ليؤكد أن المأساة الإنسانية تتكرر، ولكن هذه المرة على أرض السودان الجريحة.

دارفور تنزف.. والمقابر الجماعية تتحدث

من غزة إلى دارفور، تتبدل الجغرافيا لكن يظل المشهد واحدًا: ضحايا مدنيون يسقطون تحت نيران الميليشيات.
ففي الأيام الأخيرة، وبعدما أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني، تحولت الفاشر إلى مقبرة جماعية.
شهادات متطابقة وتقارير حقوقية تحدثت عن انتهاكات وحشية ضد النساء، شملت اغتصابًا وتعذيبًا وقتلًا، حتى أصبحت بعض النساء يطلبن حبوب منع الحمل خوفًا من تكرار الاعتداءات المتكررة.
مدينة بأكملها تحاصرها المأساة، وأمّهات يودعن أبناءهن في رعبٍ دائم، فيما يخيّم الصمت الدولي على واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.

الصورة التي خدعت العالم

لكن المفاجأة كانت عندما تبيّن أن الصورة المؤثرة للأم السودانية مع طفلها مولّدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
فقد أوضح ناشر المقطع، ويدعى "Khoubaib Ben Ziou"، أن الفيديو الذي احتوى على المشهد لم يكن حقيقيًا، بل تم تصميمه للتعبير عن التضامن مع سكان الفاشر وتسليط الضوء على معاناتهم.
وأكد في تعليق له: “الصورة تم توليدها بالذكاء الاصطناعي لتسليط الضوء على ما يعيشه إخوتنا في الفاشر بعد انتشار مشاهد لإعدامات جماعية بحق مئات المدنيين.”

ورغم أن الصورة لم تكن واقعية، فإن رمزيتها كانت أقوى من الحقيقة نفسها، إذ جسّدت حجم الألم والرعب الذي يعيشه السودانيون يوميًا تحت نيران ميليشيات الدعم السريع.

بين الحقيقة والرمز.. مأساة لا تحتاج إلى صور

لم تكن الصورة وحدها كافية لتوثيق الجرائم، فالفيديوهات القادمة من الفاشر تكشف عن واقع أكثر فظاعة.. جثث لمدنيين في الشوارع، ومقاطع لمرتزقة يتباهون بتصفية الأسرى والفارين.
تحوّلت ميليشيات الدعم السريع إلى ما يشبه تنظيمًا إرهابيًا عابرًا للحدود، يزرع الموت والفوضى في السودان وسط صمت دولي مخجل، بينما يدفع الأبرياء الثمن وحدهم.

حين تصرخ الصورة بصوت المقهورين

سواء كانت الصورة حقيقية أم مولدة بالذكاء الاصطناعي، فإنها عبّرت بصدق عن واقع يفوق الخيال.
في الفاشر اليوم، الأمهات يحتضنّ أبناءهن لا أمام الكاميرات، بل أمام الموت.
وإذا كان مشهد “محمد الدرة” قد هزّ ضمير العالم قبل ربع قرن، فإن ما يجري في السودان اليوم ينتظر ضميرًا عالميًا جديدًا ليستيقظ.
فالتاريخ لا يعيد نفسه عبثًا... بل يذكّرنا أننا لم نتعلم شيئًا بعد.