كشفت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية أن المفوضية الأوروبية بدأت خطوات لتأسيس وحدة استخبارات جديدة تحت إشراف رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، في مسعى لتعزيز قدرات الاتحاد الأوروبي على استخدام المعلومات التي تجمعها أجهزة التجسس الوطنية في دول التكتل، وسط توقعات بموجة اعتراضات من بعض العواصم الأوروبية.
وقالت مصادر أوروبية مطلعة إن الوحدة الجديدة ستنشأ داخل الأمانة العامة للمفوضية، على أن تضم مسئولين من أجهزة الاستخبارات الوطنية في الدول الأعضاء، بهدف تجميع المعلومات وتحليلها لأغراض مشتركة تخدم سياسات الاتحاد الأمنية والدفاعية.
وأوضحت المصادر أن المفوضية لم تحدد بعد جدولاً زمنياً لإطلاق الوحدة، لكنها تعمل حالياً على تطوير مفهومها العام، بالاستفادة من الخبرات الموجودة داخل المفوضية وخدمة العمل الخارجي الأوروبي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر أوروبي قوله: "وكالات الاستخبارات في الدول الأعضاء تمتلك كماً هائلاً من المعلومات، وكذلك المفوضية نفسها. نحن بحاجة إلى آلية أكثر فاعلية لتجميع هذه البيانات وتبادلها بما يخدم المصالح المشتركة".
لكن هذه الخطوة تواجه تحفظات من بعض الدول الأوروبية التي تخشى أن يؤدي إنشاء وحدة جديدة إلى تكرار أدوار مركز الاستخبارات التابع لخدمة العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي، بل وربما إلى تقويض دوره.
مخاوف من ازدواجية وتضارب صلاحيات
يرى مراقبون أن المبادرة الجديدة قد تثير خلافات داخلية حول حدود صلاحيات المفوضية الأوروبية في مجال الأمن والاستخبارات، خاصة في ظل حساسية الدول الأعضاء بشأن تبادل المعلومات السرية.
وتعد فرنسا من أبرز الدول التي تتحفظ على تقاسم البيانات الاستخباراتية نظراً لامتلاكها شبكة تجسس واسعة النطاق، بينما تعقد مواقف بعض الحكومات الموالية لروسيا، مثل المجر، التعاون الأمني داخل الاتحاد.
ويأتي هذا التحرك في وقت يشهد فيه الاتحاد الأوروبي تحولات أمنية عميقة، مدفوعة بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وبتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي لوح فيها بتقليص الدعم الأمني لبلدان القارة، ما دفع بروكسل إلى مراجعة بنيتها الدفاعية.
جهود لتعزيز القدرات الأمنية الأوروبية
وكانت فون دير لاين قد دعت مؤخراً الأوروبيين إلى "الرد بحزم على الحرب الهجينة التي تخوضها روسيا ضد القارة"، مشيرة إلى أن حوادث الطائرات المسيرة وانتهاكات الأجواء تمثل "مؤشرات واضحة على اتساع نطاق التهديدات الأمنية".
وفي هذا السياق، اتخذت المفوضية خطوات عدة، من بينها إنشاء "كلية أمنية" لتدريب المفوضين على قضايا الاستخبارات، وتمويل مشتريات الأسلحة لأوكرانيا، إلى جانب إطلاق مشروع القمر الاصطناعي Iris² لتعزيز القدرات التكنولوجية في مجالات الاتصالات والأمن السيبراني.