قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ذكرى وفاة الفنانة خيرية أحمد.. ضحكة صادقة صنعتها الملامح والنبرة

الفنانة خيرية أحمد
الفنانة خيرية أحمد

تحل اليوم ذكرى رحيل الفنانة الكبيرة خيرية أحمد، إحدى أهم نجمات الكوميديا الراقية في مصر والعالم العربي، والتي استطاعت بخفة ظلها وأدائها التلقائي أن تحجز لنفسها موقعا فريدا في ذاكرة الجمهور، وأن تترك إرثا فنيا لا يزال حاضرا رغم مرور الأعوام.


ولدت خيرية أحمد، واسمها الحقيقي سمية أحمد إبراهيم، في 15 أبريل 1937، داخل أسرة بسيطة في محافظة أسيوط، نشأت في بيت يقدر الفن، فهي شقيقة الفنانة الكبيرة سميرة أحمد، لكن الظروف الصحية الصعبة التي مر بها والدها، بعد إصابته بمشكلة في عينيه منعته من مواصلة عمله كخطاط، دفعت الأسرة إلى اتخاذ قرار الانتقال إلى القاهرة بحثا عن مستقبل أفضل.


بدأت الشقيقتان بالقاهرة رحلة الكفاح، حيث عملتا في وظائف بسيطة للإنفاق على الأسرة، قبل أن تهتدي خيرية إلى أولى خطواتها في المجال الفني عبر مكتب "ريجيسير"، الذي كان بوابة دخولها إلى عالم التمثيل.


بدأت مشوارها الفني بانضمامها إلى فرقة المسرح الحر، وقدمت من خلالها عدة مسرحيات مثل: "مراتي بنت جن"، "عبد السلام أفندي"، و"الرضا السامي"، وفي الخمسينيات شاركت في البرنامج الإذاعي الشهير "ساعة لقلبك" بالإذاعة المصرية.


وعقب نجاحها اللافت في الإذاعة، انضمت إلى فرقة ساعة لقلبك المسرحية، ثم إلى فرقة إسماعيل يس، وواصلت رحلتها مع المسرح بانضمامها إلى فرق الريحاني وأمين الهنيدي والفرقة الكوميدية المصرية.


في الستينيات.. التحقت بالمسرح الكوميدي ضمن فرق التليفزيون، وقدمت عددا كبيرا من المسرحيات التي أكدت موهبتها، من بينها: "ممنوع الستات"، "العبيط"، "أختي سميحة"، "نمرة 2 يكسب"، و"سفاح رغم أنفه"، كما شاركت في مسرحيات أخرى أمام الفنان محمد عوض مثل: "الطرطور"، و"طبق سلطة".


أما في السينما، فقد بدأت بأدوار صغيرة في الخمسينيات، لكن انطلاقتها الحقيقية جاءت مع أفلام مثل: "حماتي ملاك" عام 1959، "عريس مراتي" مع فؤاد المهندس، حيث اشتهرت بدور الزوجة الساذجة التي تتسبب في متاعب لزوجها، وأطلقت لازمتها الشهيرة "محمود.. إنت نمت يا حبيبي" التي أصبحت من أشهر الجمل في تاريخ الكوميديا المصرية.


وقدمت خلال مسيرتها عددا كبيرا من الأفلام، منها: "الفانوس السحري"، "فطومة"، "الطريق المسدود"، "ابن النيل"،"جمعية قتل الزوجات"،" صباح الخير يا زوجتي العزيزة"، "عالم عيال عيال"، "احترسي من الرجال يا ماما"، "أميرة حبي أنا"، "بمبة كشر"، "صايع بحر"، و"ظاظا"، إلى جانب مشاركتها في بعض أفلام سينما الشباب مثل: "بحبك وأنا كمان".


وفي الدراما التلفزيونية، امتلكت خيرية أحمد حضورا مميزا جعلها من أكثر الفنانات قربا من الجمهور، حيث شاركت في مسلسلات متنوعة بين الكوميديا والدراما مثل :"أحلام اليقظة"، "الهويس"، "عابر سبيل"، "العائلة"، "ساكن قصادي"، "أين قلبي"، "عائلة مجنونة جدا"، "عفاريت السيالة"، "حدائق الشيطان"، "الحقيقة والسراب" والذي يعد آخر أعمالها التلفزيونية.


عرفت خيرية أحمد بأسلوبها الكوميدي الهادئ البعيد عن الابتذال والمبالغة، إذ كانت تعتمد في إضحاكها على الموقف لا على الأداء الصاخب، مما جعلها فنانة فريدة تجمع بين خفة الظل والصدق الفني، استطاعت أن تتنقل بسلاسة بين الأدوار الكوميدية والدرامية، فكانت تثير الضحك في مشهد وتبكي المشاهد في آخر، وهو ما جعل النقاد يصفونها بأنها "فنانة من طراز خاص".


تزوجت من الكاتب الكبير يوسف عوف، الذي عرف بأسلوبه الساخر في تناول قضايا المجتمع، وارتبطت به بقصة حب بدأت أثناء عملهما معا في "ساعة لقلبك"، وأنجبا ابنهما الوحيد كريم، شكلت معه ثنائيا فنيا وإنسانيا مميزا، إذ جمع بينهما حب الفن والفكاهة، كتب لها وأشرف على عدد من أعمالها الإذاعية والتلفزيونية مثل: "ساكن قصادي"، "صباح الخير يا جاري" و"عايز حقي"، إلى جانب برامجه الشهيرة "مش معقول"، و"عجبي".


نالَت خيرية أحمد تكريما في مهرجان القاهرة للإعلام العربي في دورته الـ14، ويأتي ذلك متسقا مع تاريخها الطويل في الإذاعة والمسرح والسينما والتلفزيون.


بعد وفاة زوجها عام 1999، دخلت الفنانة خيرية أحمد في دوامة من الحزن العميق انعكست على صحتها، فابتعدت عن الساحة الفنية فترة ليست بالقصيرة، غير أنها استطاعت بعد أعوام أن تستعيد حضورها وتواصل مسيرتها في مطلع الألفية الجديدة.


ومع بدايات عام 2011، اشتد عليها المرض إثر إصابتها بالسرطان، لترحل عن عالمنا في 19 نوفمبر من العام نفسه، عن عمر ناهز الرابعة والسبعين، تاركة وراءها إرثا واسعا من الكوميديا الراقية والأعمال الدرامية التي ما زالت حاضرة في ذاكرة الجمهور.


وقد خلد جهاز التنسيق الحضاري اسمها ضمن مشروع "عاش هنا" بوضع لوحة تذكارية على منزلها في الجيزة، تقديرا لمسيرتها الفنية الثرية وإسهامها البارز في تاريخ الفن المصري.


وتظل صورتها حية في ذاكرة جمهور الفن المصري والعربي؛ فقد استطاعت بخفة ظلها وعفويتها أن تصبح رمزا للبساطة والكوميديا الراقية، وإحدى أبرز نجمات زمن الفن الجميل.