بدأ نظام التعليم المفتوح بالجامعات الحكومية في مصر منذ التسعينيات، ليتيح فرصة التعليم الجامعي لكل من حصل على الثانوية العامة أو الدبلومات الفنية والمعاهد المتوسطة، دون التقيد بمدة زمنية محددة للالتحاق بعد التخرج من المرحلة الثانوية.
وكان الهدف في البداية هو منح شهادة جامعية أكاديمية تُمكّن الحاصلين عليها من القيد في النقابات المهنية، والحصول على الترقيات أو حتى التعيين في مؤسسات الدولة.
أُطلق النظام بقرار جمهوري، ليصبح أحد أنماط التعليم الجامعي الرسمية، واستمر لعقود باعتباره مسارًا أكاديميًا يمنح درجات علمية معترف بها. ومع مرور الوقت، توسع عدد الجامعات التي تقدم هذا النوع من التعليم، حتى أصبح من أبرز البدائل أمام الراغبين في استكمال دراستهم الجامعية.
التحول إلى "التعليم المدمج" في 2017
لكن في أكتوبر 2017، أصدر المجلس الأعلى للجامعات في جلسته رقم (668) قرارًا بوقف العمل بنظام التعليم المفتوح، واستبداله بنظام جديد هو “التعليم المدمج”. هذا النظام يمنح خريجيه شهادات مهنية فقط، لا تُعد شهادات أكاديمية، الأمر الذي أثار اعتراضات واسعة من الدارسين والمقيدين بالنظام القديم، ودفع عددًا منهم للجوء إلى القضاء الإداري للمطالبة بإلغاء القرار والعودة إلى منح الشهادات الأكاديمية.
قرارات المجلس الأعلى واحترام أحكام القضاء
ومع صدور حكم من محكمة القضاء الإداري في ديسمبر 2023 بإلغاء قرار المجلس الأعلى للجامعات السابق، أعلن المجلس التزامه بتنفيذ الحكم احترامًا للقضاء، وقرر تشكيل لجنة قانونية لوضع آلية تنفيذ الحكم، إلى جانب إعداد مقترح لتعديلات تشريعية تنظم منح الدرجات المهنية بالجامعات الحكومية.
كما قرر المجلس تجميد القبول بنظام التعليم المدمج، ووقف تسجيل طلاب جدد اعتبارًا من الفصل الدراسي الثاني للعام الجامعي 2023/2024، إلى حين استقرار الوضع القانوني.
الحكم النهائي من المحكمة الإدارية العليا
اليوم، أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها النهائي والبَاتّ بإنهاء الجدل، حيث قضت بإلغاء قرارات استحداث شهادات “الدبلوم المهني، والبكالوريوس المهني، والليسانس المهني”، واعتبرت تلك الشهادات مخالفة للقانون، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية تشمل وقف العمل بها.
وبهذا الحكم، تُطوى صفحة استمرت أكثر من عقدين من الجدل حول التعليم المفتوح في مصر، بين كونه نظامًا أكاديميًا وفرصة ثانية للتعليم الجامعي، وبين محاولات تحويله لمسار مهني يهدف إلى تطويره.

