قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

معركة الحسم في واشنطن| هل يضع ترامب حداً لوجود الإخوان على الأراضي الأمريكية؟.. خطوة تاريخية مرتقبة

دونالد ترامب
دونالد ترامب

تعيش العاصمة الأمريكية واشنطن أجواء سياسية مكثفة، مع اقتراب الإدارة الأمريكية من اتخاذ واحد من أكثر القرارات حساسية وتأثيرًا على مستوى السياسة الخارجية، وهو تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية أجنبية. 

هذا التوجه، الذي يأخذ زخماً متسارعاً داخل المؤسسات التنفيذية والتشريعية، يعكس تصاعد المخاوف الأمريكية من نشاط الجماعة داخليًا وخارجيًا، وتنامي الدعوات إلى فرض رقابة صارمة على شبكاتها المالية ومؤسساتها المنتشرة في الولايات المتحدة والعالم.

وبينما يرى مراقبون أن الخطوة قد تغيّر شكل تعامل الولايات المتحدة مع حركات الإسلام السياسي، فإنها في الوقت ذاته تُثير جدلاً واسعاً داخل الأوساط القانونية والدستورية بسبب تشعب المؤسسة الإخوانية داخل البلاد وارتباطاتها الكثيفة بجمعيات خيرية ودينية نشأت على مدى عقود. وفي هذا السياق، تتعزز جهود الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء لدفع الإدارة نحو قرار يعتبره البعض "تاريخياً"، ويراه آخرون خطوة محاطة بالتعقيدات.

إعلان ترامب.. خطوة تتقدم نحو الحسم

في تصريحات لافتة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يعتزم تصنيف جماعة الإخوان كـ"منظمة إرهابية أجنبية"، مشيراً إلى أن الوثائق النهائية للقرار قيد الإعداد وستصدر "بأقوى وأشد العبارات". 

ووفق ما نقل موقع "جست ذا نيوز"، فإن التحضيرات القانونية والإجرائية للقرار بلغت مراحل متقدمة، ما يعكس جدية الإدارة في المضي قدمًا.

ولم يكن هذا الإعلان معزولاً عن التحركات المتصاعدة في عدد من الولايات، إذ سبق أن أصدر حاكم تكساس غريغ أبوت قرارًا اعتبر فيه جماعة الإخوان ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) منظمتين إرهابيتين أجنبيتين ومنظمات إجرامية عابرة للحدود. فتح هذا القرار الباب أمام تشديد الإجراءات ضد المؤسستين ومنعهما من امتلاك أو شراء أراض داخل الولاية، مع السماح للنائب العام برفع دعاوى لإغلاقهما قانونياً.

ضغوط داخل الكونغرس وتحالفات سياسية تتحرك

داخل أروقة الكونغرس، لا يبدو المشهد هادئاً كما يبدو من الخارج. فهناك حالة من التوافق علي غير المعتاد بين عدد من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين لدفع وزارة الخارجية نحو اتخاذ خطوة حاسمة بتصنيف جماعة الإخوان منظمةً إرهابية. ويبرز في مقدمة هذا الضغط السيناتور الجمهوري تيد كروز، الذي كان من أوائل من قدموا مشروع قانون يُلزم الإدارة الأمريكية باتخاذ هذا التصنيف، مؤكدًا أن الجماعة تمثل تهديدًا مباشراً لحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، وبالتالي تهديدًا غير مباشر للمصالح الأمريكية نفسها.

هذه الجهود السياسية تتقاطع مع سلسلة من الدراسات والتقارير الصادرة عن مراكز بحثية أمريكية، من بينها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، التي حذرت من تزايد نشاط الجماعة وتأثيرها على الأمن القومي. وترى هذه التقارير أن مواجهة هذا النشاط تتطلب تحركًا واضحًا، يبدأ بتصنيف الفروع التي تمارس أو تدعم العنف كمنظمات إرهابية، إلى جانب وضع آليات قانونية أكثر صرامة لتتبع شبكات الجماعة وتمويلاتها عبر العالم، واستخدام العقوبات كأداة ضغط فعّالة.

شبكات معقدة.. وملف بالغ الحساسية

يصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة موراي ستيت الأمريكية وعضو الحزب الجمهوري، الدكتور إحسان الخطيب، ملف الإخوان داخل الولايات المتحدة بأنه "من أكثر الملفات تعقيدًا وتشابكًا". ويقول " إن تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية يصطدم بتعقيدات قانونية، أبرزها وجود آلاف الجمعيات الخيرية والمؤسسات الدينية المسجلة رسمياً، والتي أُسست خلال الثمانينيات على أيدي أفراد متأثرين بفكر الإخوان.

ويشير الخطيب إلى أن هؤلاء الأفراد تجنبوا استخدام شعارات الجماعة المباشرة، مما جعل مؤسساتهم تبدو للوهلة الأولى مستقلة. إلا أن ارتباط بعضها بأفكار الإخوان يجعل أي محاولة لتجريم الجماعة شاملة تلقائيًا لهذه الشبكات، وهو ما قد يفتح أبواباً واسعة من الجدل حول الحريات الدينية والدستورية في البلاد.

ويضيف أن الأجهزة الأمنية الأمريكية تعاملت في مراحل سابقة مع الجماعة بمرونة سياسية، قبل أن يثبت وجود فروع وجماعات متفرعة عن الإخوان مارست العنف وأثارت الشبهات. وهذا ما يجعل عملية التصنيف "خطوة دقيقة وطويلة"، وفق وصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي أكد أن القرار قيد الدراسة لكن يتطلب فحصًا دقيقًا لكل فرع من فروع الجماعة حول العالم.

إيرينا تسوكرمان.. خطوة متأخرة.. لكنها ضرورية

من جانبها، ترى الخبيرة الأمريكية في قضايا الأمن القومي، إيرينا تسوكرمان، أن قرار ترامب المرتقب "تأخر كثيراً". وتوضح أن الإخوان استخدموا على مدى عقود مظلات سياسية وخيرية لتوفير بيئة داعمة للتمويل والتجنيد والتحضير الفكري للعنف، معتبرة أن التصنيف سيحقق "فائدة فورية للأمن القومي الأمريكي".

وتشير تسوكرمان إلى أن إدراج الجماعة رسميًا يتيح تطبيق قوانين الدعم المادي للإرهاب بشكل مباشر، مما يمنح الأجهزة الأمنية أدوات أوضح للتعامل مع أي نشاط مريب. كما يوفر إطاراً قانونياً موحداً لشركاء الولايات المتحدة حول العالم، بما يسمح للدول التي تعتبر الإخوان تهديداً أمنياً بزيادة الرقابة على أنشطتهم.

وفي المقابل، سيضع القرار الدول المتساهلة أمام خيارين.. إما التوافق مع المعايير الأمريكية الجديدة، أو مواجهة تحديات في التعاون الاستخباراتي مستقبلاً.

وترى الخبيرة أن إحدى أكبر نتائج التصنيف هي "وقف التلاعب بين النشاط الدعوي والفعل العنيف"، فبحسب قولها، هناك الكثير من الجمعيات والمراكز داخل الولايات المتحدة عملت لسنوات كممرات للتجنيد وأغطية لوجستية.

وتؤكد أن نجاح الخطوة سيعتمد على تنفيذ منهجي يشمل تفكيك الشبكات التي تستخدم أسماء مستعارة وجمعيات واجهة، إضافة إلى التنسيق بين الأجهزة المحلية والدولية لضمان تجفيف مصادر تمويل الجماعة.

 

واليوم يقف ملف الإخوان داخل الولايات المتحدة عند نقطة حرجة. فهناك من يرى داخل الإدارة الأمريكية أن الجماعة تشكل تهديدًا أمنيًا لا يمكن التغاضي عنه، خاصة مع الاتهامات المتعلقة بتأثيرها على بعض المجتمعات والمؤسسات. وفي المقابل، يحذر قانونيون وخبراء من أن تطبيق قرار التصنيف يحتاج إلى دقة شديدة، لأن آلاف الجمعيات والمراكز الدينية والخيرية قد تتأثر به بشكل مباشر أو غير مباشر، ما يجعل من الضروري التفريق بين من تأثر فكريًا بفكر الجماعة ومن يرتبط بها تنظيمياً.

ومع اقتراب البيت الأبيض من اتخاذ هذا القرار، تشير المؤشرات إلى أن واشنطن تستعد لمرحلة جديدة من سياستها تجاه هذه الجماعة الأرهابية. وفي انتظار صدور القرار الرسمي، تبقى التساؤلات مفتوحة حول مدى قدرته على إعادة رسم خريطة المواجهة مع التنظيمات العابرة للحدود.