فيديو البشعة.. جدل واسع أحدثته واقعة كي لسان فتاة لإثبات صدقها وكونها لم ترتكب إثم الزنا وأنها مازالت عذراء، وهي عادة بدوية بدائية تعرف باسم "البشعة"، وهي مظهر من مظاهر الجهل وفكر الخرافة، إذ تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو مثيرا للجدل لواقعة فتاة ذهبت إلى دجال لعمل "البشعة" لإثبات أنها عذراء وقت زواجها، بعد أن اتهمها زوجها بأنها لم تكن عذراء ذلك الوقت.
الفتاة التي تدعى بوسي، ظهرت جالسة تحكي واقعتها في خوف شديد بعد تعرضها للظلم والاتهام من قبل زوجها.
واقرأ أيضا:
على الإثر وضع الدجال أداة معدنية ساخنة على لسان الفتاة ثلاث مرات، ثم تناولت رشفات من المياه، وقال بعدها إنه أثبت صدق الفتاة وأنها كانت عذراء وقت زواجها، واستقبلت أسرتها النتيجة بالزغاريد والفرحة في حين انهارت الفتاة من البكاء.
ما هي البشعة
البشعة هي طريقة بدوية بدائية يلجأ لها الأهالي في بعض القرى والتجمعات البدوية لاستجواب أحد الأشخاص وتحري الصدق أو الكذب، وتكون عبر تسخين قطعة حديد على النار ثم يُطلب من الشخص المشتبه في كذبه أن يلعقها بلسانه فإذا أصابه ضرر شديد وحروق يعد كاذبا، أما غير ذلك فهو صادق، وبدأت هذه العادة التسلل للمناطق الحضرية بسبب انتشار الجهل وضعف التعليم.
الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، اعترض على تصريحات الداعية محمد أبو بكر، التي قال فيها "أقسم بالله البشعة شرك، البشعة خروج من الملة، البشعة كفر بالله سبحانه وتعالى".
حكم عمل البشعة
كان الداعية محمد أبوبكر، إمام وخطيب في وزارة الأوقاف، حذر من اللجوء إلى البشعة لإثبات الحقوق أو نفي التهم، قائلًا في فيديو منشور على صفحته الرسمية بفيسبوك، إن اللجوء إليها يُخرج المسلم من الملة ويُعد شركًا بالله، حتى وإن كان الشخص يصلي ويصوم.

أنواع البشعة
«بشعة العيادي»: وهي محصورة في عائلة أبو عويمر من المحاسنة من السلاطنة من قبيلة العيايدة فى سيناء، ومقرها اليوم فى الإسماعيلية.
«بشعة الدِّبِرْ»: وهى محصورة في الدّبُور من العمران من قبيلة الحويطات في جنوبي الأردن «العقبة»، وقد انتهت هذه البشعة فعليًا عام 1976م، بموت أخر مبشع وهو على بن مساعد الدبر، وإلغاء قوانين الإشراف على البدو.
بشعة العلى: وهى محصورة في عائلة العلى من القواعين من مخلد من قبيلة بلى الحجاز «وليس بلى سيناء»، ومقرها شمال غرب الحجاز، وقد انتهت كما بشعة الدبر ولم تبقى إلا بشعة العيادي.
طريقة عمل البشعة
يُوضع "المحماس" في النار حتى يُصبح شديد الإحمرار، ثم يُخرج المبشع المحماس ثم يفرك به ذراعه ثلاث مرات لكي يؤكد أن النار لا تضر الأبرياء، ثم يمد المبشع المحماس إلى الشخص المتهم ويقول له «أبشع»، وعلى المتهم أن يمد لسانه للحاضرين كي يريهم أن لسانه سليم وليميزوا حالة لسانه قبل البشعة وبعدها، ويلحس المتهم المحماس ثلاث مرات وهو بيد المبشع ثم يتمضمض ببعض الماء، إذا ظهر على لسانه أي أثر للنار قالوا «موغوف» أي مذنب وإلا فهو بريء.
تفسير البشعة
فسر البعض هذه الظاهرة فقالوا إن الإنسان الصادق يكون واثقًا من نفسه بحيث لا يجف ريقه ويكون لسانه مبتلًا، فلا تؤثر فيه حرارة المعدن، وأما الكاذب فيكون مضطربًا لدرجة أن ريقه يجف مما يجعل المعدن يلتصق بلسانه.

حكم البشعة في الشرع
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إن البشعة ليس لها أصلٌ في الشرع في إثباتِ التُّهَمِ أو مَعرِفة فاعِلِها، والتعامل بها حرامٌ ولا يجوز شرعًا؛ لِمَا فيها مِن الإيذاء والتعذيب، ولَمَا فيها مِن التَّخَرُّص بالباطل بدعوى إثبات الحَقِّ.
وأضاف مفتي الجمهورية السابق: أنه يجب أن نَعمَل بالطُّرُق الشرعية التي سَنَّتْها لنا الشريعة مِن التراضي أو التقاضي، مُستَهْدِينَ بنحو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «البَيِّنةُ على مَنِ ادَّعى واليَمِينُ على مَن أَنكَرَ» رواه الدارقطني.
وأشار إلى أن الشريعة السَّمْحَة رَسَمَت لنا طُرُقَ المُطالَبَةِ بالحَقِّ وإثباته، أو نَفي الادِّعاءِ الباطل، وهذا ما يجب على المسلمين أن يَتمسَّكوا به دون سواه مِن الطُّرُق السيِّئة التي لا أصلَ لها في الشرع؛ فإن الشرع لم يَجعل إثباتَ التُّهَمِ مَنوطًا بغيرِ ما رَتَّبه طريقًا لإثباتِ ذلك مِن إقرارٍ أو بَيِّناتٍ أو نَحوِها.

من جهته، أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، أن البَشعة اعتقاد خاطئ لدى البعض وهي «تسخين إناء أو سكين حتى الإحمرار ووضعها على لسان الإنسان، فإذا أصيب فهو كاذب، وإذا لم يصب فإنه بريء لم يسرق».
وشدد عضو هيئة كبار العلماء، على أن البشعة «خرافة وغير جائزة شرعًا، وربما تظلم الشخص إن لم يكن سارقًا»، مضيفًا: «البشعة أساسها التهديد والضغط للاعتراف، وظهرت وفقًا لثقافة معينة، ففي البدو كان السارق يعترف خوفًا من انفضاح أمره بين الناس».



