في جلسة حوارية خاصة بالدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، استعرضت الفنانة الكبيرة لبلبة أمام جمهورها عدد من المحطات الهامة من مشوارها الفني الحافل، لتفتح دفاتر رحلتها الطويلة مع السينما، وتستعيد ملامح مسيرتها التي تصرّ على أنها لم تُقدم بعد بكامل طاقتها.
بنبرة تجمع بين الخبرة والدهشة، قالت لبلبة إن ما ظهر من قدراتها التمثيلية حتى الآن ليس سوى نصف ما تمتلك فعليًا، مؤكدة أن الشغف ما زال يقودها إلى موقع التصوير كما لو أنها تخوض تجربتها الأولى.
ولم تتردد لبلبة في إعادة صياغة علاقتها بجمهورها، فذكرت أنها لم تتكبر يومًا على الناس الذين يمثلون، في رأيها، رصيدها الحقيقي والدافع الأول لاستمرارها.
وأضافت لبلبة بابتسامة صافية أنها لا تزال حتى اليوم تتسوق من المتاجر لشراء احتياجاتها بنفسها، وتسعد بالتعامل مع الجمهور في أي وقت مهما كان مزاجها.
وكشفت لبلبة عن منهج صارم في العمل. فالالتزام بالمواعيد ليس مجرد عادة اكتسبتها، بل مفتاح تعتبره أساس جودة أي تجربة فنية، وتعود بجذور هذا الانضباط إلى طفولتها وإلى الكبار الذين وقفت أمامهم في بداياتها، وتعلّمت منهم أن الاحترام يبدأ من احترام وقت الآخرين.
وتضيف أنها لا تتوجس من التعامل مع مخرجين جدد، بل ترى في التجارب الأولى للمخرجين فرصة لتجديد الدماء وتوسيع المساحة الفنية للممثل.
وتستعيد لبلبة تجربتها مع المخرج الراحل أسامة فوزي في فيلمه "جنة الشياطين"، وتصفها بأنها محطة أثبتت لها أن الرهان على المبدعين الشباب قد يحمل مفاجآت كبيرة ويمتد بعمر الفنان.
ولم تكتفِ لبلبة بالحديث عن الماضي، بل انتقلت إلى تفاصيل عملها الأخير في فيلم "جوازة ولا جنازة"، كاشفة عن مقاربة دقيقة في بناء الشخصية. فتشير إلى أن المخرجة أميرة دياب كانت تطلب منها تثبيت حركة عينيها لتجسيد سيدة أرستقراطية تتحدث بنبرة ثابتة وحضور محسوب، معترفة أن عينيها بطبيعتهما "تلعبان كثيرًا"، ما جعل أداء هذه الشخصية تمرينًا على ضبط الإيقاع الداخلي.
أما عن أسلوبها في إعداد الشخصيات، فتؤكد أنها ترسم "قصة حياة" كاملة لكل دور، تبدأ من الطفولة حتى اللحظة التي نراها فيها على الشاشة.
وتقول إن اللحظة التي ترتدي فيها الملابس وتُنجز المكياج هي اللحظة التي تتخلّى فيها عن "نونيا" لتصبح الشخصية نفسها بكل تفاصيلها.
جلسة لبلبة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي لم تكن مجرد حديث أمام جمهور، بل لحظة استعادة لفنانة تعرف قيمة الحرفة، فكانت بمثابة مرآة صافية لفكرة نادرة في الوسط الفني، أن النجومية الحقيقية ليست ما يقال عن الفنان، بل ما يقوله هو عن نفسه بثقة وهدوء.



