أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عاصفة دبلوماسية وسياسية عندما حمّل الحكومة الأسترالية مسؤولية الهجوم الذي استهدف تجمعاً يهودياً بمناسبة عيد "هانوكا" (عيد الأنوار) في شاطئ بوندي بيتش الشهير بمدينة سيدني.
وراح ضحية الهجوم المروع 15 شخصاً وأصيب العشرات، في أسوأ حادث إطلاق نار جماعي تشهده أستراليا منذ عقود.
وربط نتنياهو العنف مباشرة بالسياسات التي يتبعها رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، زاعماً أن دعم كانبرا لقيام دولة فلسطينية "يغذي معاداة السامية" و"يشجع كراهية اليهود" في الشوارع الأسترالية.
اتهامات مباشرة لسياسة كانبرا الخارجية
جاء هجوم نتنياهو على الحكومة الأسترالية بعد أن قامت أستراليا بالاعتراف الرسمي بفلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، لتنضم بذلك إلى الدول التي تسعى للضغط على إسرائيل في خضم حملتها العسكرية في غزة.
وصرح نتنياهو بأنه حذّر الحكومة الأسترالية سابقاً من تداعيات هذا الدعم، قائلاً: "لقد كتبت: 'دعوتكم لإقامة دولة فلسطينية تصب الوقود على نار معاداة السامية.. إنه يكافئ إرهابيي حماس.. إنه يشجع الذين يهددون اليهود الأستراليين ويشجع الكراهية ضد اليهود التي تجتاح شوارعكم الآن'".
وزعم أن إطلاق النار الجماعي نابع من "ضعف" و"تقاعس" الحكومة الأسترالية في مكافحة "سرطان" معاداة السامية.
كما أشار وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلى أن الهجوم "كان متوقعاً"، مضيفاً: "عندما تستمر طوال عامين مظاهرات معادية للسامية في شوارع أستراليا، وفي سيدني تحديداً، فإن ما حدث في النهاية هو بالضبط نتيجة لذلك".
ألبانيزي يرفض الربط ويركز على الأسلحة
في المقابل، رفض رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي بشدة ادعاءات نتنياهو، مؤكداً عدم وجود أي علاقة بين دعم أستراليا لحل الدولتين ووقوع الهجوم.
وأكد ألبانيزي أن تصاعد معاداة السامية والتطرف اليميني يشكلان تهديداً خطيراً، وأن واجبه هو توحيد المجتمع الأسترالي في هذه المرحلة الصعبة.
وبدلاً من الخوض في الجدل الدبلوماسي مع إسرائيل حول السياسة الخارجية، ركز ألبانيزي على السياسة الداخلية، وتحديداً على قضية الأسلحة النارية.
وطالب بتشديد قيود ملكية الأسلحة في البلاد، حيث كشفت الشرطة أن المشتبه به المتوفى (الذي تم التعرف عليه لاحقاً على أنه وابنه المشتبه بهما) كان يمتلك ستة أسلحة نارية بشكل قانوني.
فعل بطولي وقلة في الضحايا
وقد سارعت الشرطة الأسترالية إلى وصف الحادث بأنه "عمل إرهابي"، مشيرة إلى أن التحقيقات جارية لتحديد دوافع المنفذين.
وفي الوقت نفسه، تم الإشادة على نطاق واسع بـ "البطل المدني"، وهو مواطن مسلم، تدخل بشجاعة وتصدى لأحد المهاجمين ونزع سلاحه، مما أسهم في إنقاذ عدد كبير من الأرواح وتقليل حصيلة الضحايا المحتملة بشكل كبير.
تفاقم التوترات الدبلوماسية
يأتي هذا التوتر في ظل حملة إسرائيل العسكرية المستمرة في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، والتي خلفت أكثر من 70 ألف شهيد، وفقاً لسلطات القطاع.
وقد أدى الهجوم الأخير إلى تفاقم التوترات الدبلوماسية بين أستراليا وإسرائيل، التي تصاعدت منذ إلغاء إسرائيل لتأشيرات دبلوماسيين أستراليين في الأراضي الفلسطينية في وقت سابق من هذا العام.